اجتماعات غنية للجنة الاقتصادية السورية- الإيرانية … خليل: دعم القطاع الخاص قرار متخذ من قبل الجانبين السوري والإيراني … بزر باش: تلبية حاجات سورية من الكهرباء بأقرب وقت
| جلنار العلي
وصف وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور محمد سامر خليل، واقع العلاقات السورية الإيرانية بأنه متميز على المستوى الإستراتيجي في كل المجالات، حيث إن زيارات الوفود بين البلدين لم تنقطع خلال فترة الحرب والحصار على سورية، لافتاً إلى وجود تطور في التعاون بين البلدين في بعض المجالات، كما تم البدء بالتعاون بمجالات جديدة.
ويأتي هذا التصريح خلال جلسة مباحثات فنية عقدتها اللجنة الاقتصادية السورية- الإيرانية المشتركة يوم أمس، لمتابعة أعمالها بمشاركة ممثلين من الجانبين في قطاعات الاقتصاد والتجارة والإسكان والنفط والصناعة والكهرباء والنقل والتأمينات، حيث أكد فيه الوزير خليل (رئيس الجانب السوري في اللجنة) ضرورة تخفيف الروتين الإداري في التعاون مع الملفات والاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تحكم العلاقة بين البلدين لتسريع إمكانية التعاون بشكل أفضل، مشيراً إلى إدراك الجانب السوري رغبة إيران ببذل كل الجهود الممكنة لديها للمساهمة بإعادة الإعمار في سورية، مرحّباً بكل المناقشات التي ستتم في إطار هذه الزيارة والتي من شأنها تحقيق نقلة نوعية على مستوى كل الملفات المطروحة بين البلدين.
قابلة للتقويم
وفي السياق، تمنّى خليل أن تكون المباحثات الفنية والتفاهمات التي ستنتج عنها قابلة للتقويم والقياس والمتابعة وفق إطار زمني محدد، لافتاً إلى أن الإطار القانوني الذي يحكم العلاقة بين البلدين واسع، إذ إن هناك الكثير من الوثائق الموقعة بين البلدين ووثائق أخرى مطروحة للنقاش للوصول إلى تفاهمات حولها، ولكن كل ذلك يتطلب مزيداً من السرعة في التنفيذ والخروج من القوالب الجاهزة والأطر التقليدية في بعض الأحيان.
وأشاد خليل بالعديد من المشاريع والعقود الإيرانية في الكثير من المجالات سواء بين الجهات الحكومية السورية أم القطاع الخاص أم الاستثمار المباشر في السوق السورية، مؤكداً أن دعم القطاع الخاص يعد قراراً متخذاً بشكل مسبق من قبل الجانبين السوري والإيراني، لذا عملت الحكومة السورية على تهيئة الأرضية القانونية اللازمة لانطلاقه بشكل أقوى وأسرع، ودراسة أي مقترح يصب بتطوير هذه الأرضية، موضحاً أن ما يجري خلال الاجتماع هو متابعة للقرارات التي تم اتخاذها بشكل سابق في اجتماعات مختلفة، ولرسم خطة مستقبلية وفق برنامج زمني محدد بوجود لجان مختصة لتقييم عمليات التطور ولتلافي أي تأخير في التنفيذ.
ثماني لجان
من جهته، أكد وزير الطرق وبناء المدن الإيراني مهرداد بزر باش (رئيس الجانب الإيراني في اللجنة)، أنه للوصول إلى علاقات حيوية بين البلدين يجب اتخاذ قرارات كبرى، مشيراً إلى تشكيل ثماني لجان تخصصية، اللجنة الأولى مختصة بالمصارف والشؤون المالية والتأمين، سيتم فيها مناقشة التبادل أو التحويل المباشر للأموال بين البلدين لمواجهة العقوبات الجائرة التي يواجهها البلدان وللخروج من الأزمة المصرفية، أما اللجنة الثانية فهي مختصة بالشؤون الاستثمارية سيتم فيها مناقشة المواضيع المتعلقة بالكهرباء والتركيز على الأولويات في الخط الإئتماني الإيراني، كما سيتم التركيز على الطاقات الموجودة في مجال إنتاج الطاقة في إيران، في حين تختص اللجنة الثالثة في ملف النفط، حيث ستتم دراسة مواضيع مختلفة كتصدير المواد البتروكيماوية والاستثمار في الحقول المختلفة، أما اللجنة الرابعة فستناقش ملف النقل بكل أنواعه، حيث سيتم طرح موضوع الممر السككي وزيادة عدد الرحلات بين البلدين ومساعدة الأسطول السوري وتقديم القوى البشرية وتدشين ميناء الحميدية والخطوط البحرية المنظمة بين البلدين، متابعاً: «كما ستناقش اللجنة الخامسة الشؤون التجارية والصناعية وبناء المدن الصناعية ومعرفة بعض المشاكل وقانون التمويل الذي يخلق عراقيل أمام بعض النشاطات، أما اللجنة السادسة فتتعلق بالشؤون الزراعية ما وراء الحدود، فقد تم سابقاً النقاش حول إعطاء 5000 هكتار من الأراضي الزراعية كي تتم زراعتها من الجانب الإيراني، وفي حال تمت الموافقة سننقل التجارب والخبرات من الجانب الإيراني إلى الجانب السوري».
وأشار الوزير الإيراني إلى أن اللجنة السابعة تتعلق بالشؤون السياحية ومنها السياحة الدينية، حيث تم وضع هدف لدخول 50 ألف زائر إيراني إلى سورية، أي بمعدل 1000 زائر أسبوعياً تقريباً، ما سيؤدي إلى نشاط اقتصادي في سورية، كذلك زيارة المعالم الأثرية في البلدين واستخدام العملة الوطنية في الفنادق والمرافق الوطنية، إضافة إلى العديد من المواضيع الهامة الأخرى، أما اللجنة الأخيرة فهي لجنة متابعة الديون والمستحقات لإجراء التحقيق الدقيق لحجم الديون، وكان هناك اتفاقات سابقة تخص إعطاء أراض بدل هذه الديون، مؤكداً أن الجانب الإيراني يشعر بظروف سورية ولكن يوجد في إيران بعض القوانين يجب الإجابة عن أسئلتها.
التركيز على الكهرباء
وفي متابعة أعمال اللجنة، تم عقد مؤتمر صحفي بعد الجلسة الأولى، أكد فيه الوزير بزر باش أن اللجان الثماني ستستمر بنشاطاتها حتى اليوم، لافتاً إلى أنه مع مجيء السفير الإيراني الجديد إلى سورية وبدء نشاطاته، سيتم الانتقال إلى خطوات عملية لتنفيذ المواضيع المطروحة، لافتاً إلى أنه تم تقديم اقتراحات بناءة خلال اجتماعه مع وزير الاقتصاد السوري لتنظيم آلية عمل حديثة لمتابعة الشؤون المالية والاقتصادية وتذليل العقبات الموجودة أمام الأنشطة الاقتصادية في البلدين بأقرب فرصة، كما تم التأكيد على القرار الصارم للجانبين لتنفيذ هذه الأمور لترجمة الاتفاقيات على أرض الواقع، مشيراً إلى أنه تم التركيز على الاتفاقيات على موضوع الكهرباء باعتباره حاجة ماسة بالنسبة للشعب السوري في كل المحافظات، إذ يوجد هناك شح في الطاقة الكهربائية، في حين يوجد في إيران خبرات وتجارب وطاقات كبيرة في مجال تدشين المحطات الكهربائية أو إعادة تأهيل المحطات السورية المتضررة جراء الحرب المفروضة على سورية، سواء محطات الطاقة المتجددة أم البخارية، وسيتم بأقرب وقت ممكن تلبية حاجات سورية بالنسبة للطاقات الكهربائية.
تصفير الرسوم والضرائب
وتابع: «أما فيما يخص النقل والترانزيت، فلدينا بإيران سياسات لتوسيع الممرات السككية من إيران عبر العراق إلى سورية، ما سيساعد نقل المسافرين والسلع بين البلدين، كما يوجد لدينا رغبة لإعادة إعمار خطوط السكك الحديدية السورية المدمرة بفعل الإرهاب لتسهيل وجود خط سككي مباشر من إيران إلى سورية»، مشيراً إلى العمل على تصفير الرسوم والضرائب على السلع والبضائع لتقليل التكلفة النهائية، إضافة إلى العمل على توسيع النشاطات المصرفية باعتبار أن العمل المصرفي يعد من أهم أدوات تنشيط الاقتصاد، حيث تمت تسمية مصرف إيراني وآخر سوري لتحويل الأموال من خلال هذين المصرفين بالعملة المحلية لهذين البلدين، كما طالبت إيران الجانب السوري إعادة تشغيل المصانع الإيرانية في سورية ما سيساعد على زيادة الإنتاج في سورية.
وشدد الوزير الإيراني على ضرورة تقديم تسهيلات للقطاع الخاص في كلا البلدين، وتذليل العقبات أمامه لرفع الميزان التجاري، أما في مجال الطيران فأشار الوزير إلى تقديم عدة اقتراحات تخص تدريب القوى البشرية في المطارات السورية، وتأهيل تلك المطارات.
شبكة سكك حديدية
وعلى هامش الملتقى السوري- الإيراني الذي عقد فيما بعد، أكد وزير النقل السوري المهندس زهير خزيّم لـ«الوطن»، أنه تتم دراسة كل الرؤى التي تعزز علاقات التعاون بين البلدين، وأهمها مجالات التعاون في ربط شبكة السكك الحديدية السـورية مع خط إيران-العراق، وتفعيل نقل البضائع والترانزيت، مبدياً استعداد الجانب السوري لدراسة فتح شركة نقل مشتركة، بما يحقق عوائد اقتصادية للجانبين بالتنسيق مع الجهات المعنية في البلدين، وفتح أفق توسيع التبادل التجاري أيضاً، واصفاً العلاقات السورية- الإيرانية في مجال النقل بأنها متجذرة وقوية، وتزداد وتتطور يوماً بعد يوم بفضل الإرادة المشتركة، وتتطلع سورية إلى توسيعها واستثمارها بشكل دائم خدمةً لمصالح الشعبين.
وأشار خزيّم إلى وجود جملة من المواضيع ذات الاهتمام المشترك في مجال النقل أهمها النقل الجوي والتعاون بين الفرق الفنية وتدريب الكوادر وتبادل الخبرات، إضافة إلى التعاون في مجال الربط السككي الثلاثي بين سورية والعراق وإيران عبر سكة حديد من شلمجة في إيران إلى البصرة في العراق باتجاه سورية، كذلك التعاون في مجال الطرق والنقل البري وتبادل البضائع والمنتجات المختلفة، مشيراً إلى أن التعاون في مجال النقل البحري والموانئ وتجهيزاتها مستمر وخاصة فيما يخص تعمير القواطر والتجهيزات وتبادل الخبرات.
تعديل الميزان التجاري
من جانبه، بيّن خازن غرفة التجارة السورية- الإيرانية المشتركة الدكتور عمار دلول في تصريح لـ«الوطن»، أن الغاية من هذا الملتقى هو جمع رجال الأعمال السوريين- الإيرانيين والإضاءة على النقاط التي تسبب عوائق سواء من الجانب السوري أم الإيراني، وذلك لتطوير العلاقات بين البلدين، لافتاً إلى مناقشة كل المواضيع المتعلقة بالمنتجات الصناعية والمواد الإيرانية والسورية الجيدة والمنافسة من ناحية الجودة والسعر لتتم المنافسة على أوسع وجه، واصفاً ميزان التبادل التجاري بين البلدين بغير المتعادل لكون المنتجات الإيرانية تصدر إلى سورية بشكل أكبر مما تصدره سورية إلى إيران، ذاكراً أهم هذه المنتجات وهي المواد الأولية خاصة المواد المتعلقة بالبتروكيماويات وحليب الأطفال وغير ذلك، لافتاً إلى أن سورية نتيجة لذلك تقوم بتطوير منتجاتها لتتوافق مع السوق الإيرانية لتكبير قيمة الصادرات.
مقترحات لتطوير العلاقات
وخلال الملتقى استعرض رئيس غرفة التجارة السورية- الإيرانية المشتركة فهد درويش، مقترحات الغرفة لتطوير العلاقات بين البلدين والتي تم عرضها على اللجنة المشتركة، أولها تفعيل اتفاقية التجارة الحرة السورية- الإيرانية الموقعة بين البلدين عام 2011، وأن تكون سارية المفعول بشكل دائم من دون عقبات، والتي ترتبط بها عدة بنود أولها العمل على إلغاء الرسوم الجمركية المفروضة على السلع المتبادلة بين البلدين حيث يتم الوصول إلى منطقة تبادل حرة كاملة والوصول إلى تعرفة جمركية صفرية بين البلدين على السلع المشمولة بالاتفاقية، إضافة إلى العمل على القيود غير الجمركية كافة بهدف زيادة حجم التبادل بين البلدين، والسماح باستيراد 88 مادة من المواد غير المعفاة من الرسوم الجمركية وفق الاتفاقية على أن تدفع هذه المواد الرسوم الجمركية بهدف حماية الصناعة المحلية في كلا البلدين، كي لا يكون هناك ما يمنع الاستيراد أو التصدير للتمكن من الالتفاف على العقوبات الاقتصادية أحادية الجانب المفروضة على البلدين، إضافة إلى العمل على حل مشكلات الحوالات المالية بين البلدين من خلال خط إسعافي يتمثل بتخصيص غرفة عمليات بنكية مشتركة تابعة لمصرفين وشركتي صرافة سورية وإيرانية، يعملان تحت مظلة المصرفين المركزيين في سورية وإيران، كمنصة تحويل مالي لضمان حقوق رجال الأعمال والشركات، والتأكيد على حماية مصالح البلدين بما يتعلق بالقطع الأجنبي ودراسة إمكانية التبادل بالعملات المحلية، واعتماد نظام الكفالة البنكية عند شركات الصرافة المعتمدة، ريثما يتم إنشاء بنك سوري إيراني مشترك.
زيادة سفن الشحن
كما نصت هذه المقترحات حسب درويش، على زيادة عدد سفن شحن البضائع وتنظيم حركتها بين سورية وإيران، حيث لا يكفي وجود سفينة واحدة حالياً، لافتاً إلى أن خط الشحن البري غير فاعل بين البلدين كما يجب، لذلك هناك تأخير مستمر في ورود البضائع من إيران، ما يضعف رغبة التجار السوريين في التعامل مع إيران، لذا يجب العمل على تأسيس شركة نقل وشحن مشتركة سورية- إيرانية من القطاعين الحكومي والخاص تتولى مهمة الشحن بين البلدين، وإيجاد الحلول للمشاكل المماثلة لمشكلة الشحن، والتأمين على البضائع وكفالة حقوق الأطراف.
لجنة متابعة
كما اقترحت الغرفة أيضاً تشكيل لجنة متابعة مشتركة تعمل تحت مظلة اللجنة السورية- الإيرانية المشتركة، لمتابعة القرارات والمقترحات والسعي لتحقيقها، على أن تجتمع هذه اللجنة مرة كل شهرين على الأقل أو عند الضرورة لتذليل المعوقات، وتأسيس شركة تأمين مشتركة مساهمة واعتمادها لحركة التبادل التجاري المشترك، والعمل على حل مشاكل الشركات الإيرانية المستثمرة في سورية والمتعثرة، وإقامة شركات استثمارية مشتركة في كل مجالات التعاون الزراعي والصناعي والصحي، وتوفير جميع التسهيلات اللازمة لهذه الاستثمارات.
وتابع: «كما اقترحنا تشجيع شركات البناء الإيرانية على الاستثمار في إعادة إعمار سورية، ولاسيما في الفترة القادمة، وتقديم التسهيلات اللازمة لإقامة الاستثمارات الصناعية المشتركة بين الصناعيين في سورية وإيران، والعمل على نقل الخبرات والتكنولوجيا اللازمة للإنتاج من إيران إلى سورية، مع التأكيد على إعطاء الأولوية على المشاريع المشتركة التي تعتمد على إنتاج المواد الأولية اللازمة للإنتاج الوطني، لتكون رافدة للصناعات المحلية مما يخفف عبء الاستيراد».
وفي السياق، اقترح درويش إقامة أربعة معارض بيع مباشر وعرض منتجات سورية في المحافظات الإيرانية للدخول إلى السوق الإيرانية ومساعدة الصناعة السورية على التصدير، وإقامة معارض إيرانية مماثلة في سورية، ومعالجة موضوع المواصفات والمقاييس بالنسبة للمنتجات السورية من خلال العمل على إنشاء اتفاق بين الحكومتين على تشكيل لجنة مواصفات ومقاييس مشتركة، ولاسيما بالنسبة لزيت الزيتون الذي يتم تصديره إلى أغلبية دول العالم، لكنه يواجه مشكلة في التصدير إلى إيران، إضافة إلى عدم اقتصار السياحة على السياحة الدينية فقط.
وسبق الجلسة لقاء بين الوزيرين تم خلاله مناقشة العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها وتعزيز أطر التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية ومجالات الطاقة والمياه، وبحث الحلول الممكنة لتلافي العقبات التي تحول من دون تنفيذ مجالات العمل المشترك، للوصول إلى علاقات اقتصادية ترتقي إلى مستوى العلاقات السياسية التي تربط البلدين والشعبين.