شارة المسلسل الدرامي تحظى بأهمية كبيرة لدى المشاهد، فهي بمنزلة البطاقة التعريفة بالعمل الدرامي وبعضها يتفوق على المسلسل ويبقى في ذاكرة المشاهد أكثر من العمل نفسه، وهو ما يدفع صناع الدراما إلى الاهتمام بها والتركيز عليها.
فدرج القائمون على العمل الدرامي على العناية في البحث عن أضلاع النجاح للشارة، فهم يبحثون عن الشاعر المبدع والملحن الموهوب، ويقومون باختيار أنقى الأصوات وألمع الأسماء، فأغنية الشارة هي عنصر الجذب والتشويق للمشاهد، ولا يمكن لأحد نكران الدور الذي تلعبه شارة المسلسل التلفزيوني في نجاحه والترويج له قبل عرضه، خصوصاً إذا كانت هذه الشارة مغناة بصوت فنان معروف له جمهوره ومحبوه.
شارات غنائية
شهدت الدراما وجود كبار الفن وأسماء لها وزنها على الساحة الفنية ومن أمثلتهم الفنان جورج وسوف حينما غنى شارة مسلسل «ما ملكت أيمانكم» لنجدت أنزور، وأدى ملحم زين أغنية مسلسل أهل الراية وغنى آدم شارة مسلسل عناية مشددة لأحمد إبراهيم أحمد وهي من كلمات أدهم مرشد، ولا يزال ناصيف زيتون يخطف أنفاس مشاهدي «للموت3» بصوته في أغنية «أوقات». بعد أن حقق نجاحاً كبيراً بغنائه شارة مسلسل «الهيبة» بأجزائه الخمسة، فحفظ الملايين «مجبور» و«أزمة ثقة».
في الموسم الدرامي لرمضان 2023 تغيب بعض الشيء هذه الظاهرة ويميل صناع الأعمال الدرامية للاستغناء عن أغنية الشارة والاستعاضة عنها بالموسيقا فقط، ونشهد حضوراً خجولاً للأغاني عبر شارات المسلسلات تجلت في أغنية «للموت3» كما أسلفنا والتي أداها الفنان ناصيف زيتون من كلمات الشاعر الغنائي مازن ضاهر وتلحين أحمد بركات، وكذلك في أغنية مسلسل النار بالنار بعنوان: «بدل ماضي» التي تؤديها الفنانة رحمة رياض من كلمات مازن ضاهر وألحان فضل سليمان، كما أدى الفنان إبراهيم الحكمي بعض المواويل والمقاطع الغنائية في شارة مسلسل سفربرلك وهي من كلمات عدنان العودة وألحان مودي كامل.
موسيقا فقط
بينما تجلت شارات بعض المسلسلات بالموسيقا فقط دون أي أغانٍ أو أصوات بشرية ومن جملتها شارة مسلسل العربجي وشارة مسلسل «مقابلة مع السيد آدم2» كما هو الحال في مسلسل خريف عمر ومسلسل ذئاب الليل، على حين تصدرت شارة بعض الأعمال بالأغاني والمواويل ومن جملتها شارة النهاية لمسلسل الزند «رفاق الدرب» التي حصدت إشادات كثيرة ونالت إعجاب الجمهور عبر مواقع التواصل وقد غنتها مها الحموي ولحنها آري جان وهي من كلمات برهوم رزق، كما كانت شارة بداية مسلسل زقاق الجن مؤلفة من مقطع غنائي قصير من تأليف وألحان رضوان نصري وغناء محمد خيري، على حين كانت شارة مسلسل مربى العز من كلمات رامي كوسا وألحان علي حسون وغناء جان رحمة وكانت من أكثر أغاني الشارات التي تنم عن موضوع وقصة المسلسل الذي تدور أحداثه حول عدة شباب تم خطفهم بعمر الطفولة، والذين من المقرر أن يجتمعوا بعائلاتهم في حلقات المسلسل الأخيرة، وكان من كلماتها «وقع الظلم يا ناس وتفرقوا الإخوة… والشام صاحت ع الوجع يا دافع البلوة… في أم ناطرة ع الباب… يرجع ضناها اللي غاب… بترجع لمنبت ديرتك… صاحب أرض مو ضيف… مكتوب من بعد الحرب يرجع لغمدو السيف».
الموسيقا تجدي نفعاً أكبر
المؤلفة الموسيقية ليال وطفة أوضحت لـ«الوطن» أن استخدام الموسيقا في شارات المسلسلات ظاهرة ليست بالجديدة وإنما هي موجودة منذ أكثر من عقد من الزمن مبينة أنها قد ألفت ولحنت نحو 25 مقطعاً موسيقياً لشارات المسلسلات التي لا ترافقها أصوات بشرية أو مقطوعات غنائية.
وأضافت إن الأغاني التي ظهرت خلال فترة من الزمن أداها بعض نجوم الغناء العرب لم تكن موفقة ولم توحِ بقصة العمل الدرامي أو ما تدور حوله الأحداث وكان الكثير منها بعيد بعض الشيء عن روح المسلسل وفكرته، ولذلك فإن توظيف مقطوعات موسيقية في شارة العمل تبدو أكثر نجاحاً، وبينت أن كتابة الموسيقا للمسلسلات والأفلام لها نكهة خاصة تختلف كلياً عن الأغاني العادية التي يؤديها المغنون ولا بد أن نعطيها حقها ونفسح لها المجال إلى آذان الجمهور.
الكلمات ضرورة ملحة
سامر غزال كتب كلمات شارات العديد من المسلسلات منها المفتاح وبروكار والولادة من الخاصرة ورجال العز وغيرها من الأعمال الدرامية، إضافة إلى شارة مسلسل حارة القبة، وفي حديث مع «الوطن» اعتبر أن الكلمات ضرورية للموسيقا التي ترافق شارة العمل، فهي توحي بمجريات الأحداث وتوصل فكرة عامة للمتلقي عما يحمله العمل، وأشار إلى أنه في العديد من المرات التي شارك فيها بكتابة كلمات شارات المسلسلات كان يطلع على الخطوط الدرامية العريضة للعمل بعيداً عن الدخول في التفاصيل، وبناء على ذلك يقوم بتأليف كلمات الأغنية التي مهمتها أن تمهد لما سيرد فيه وحكايته الجوهرية بصورة معينة شريطة ألا يذكر فيها أفكار العمل الرئيسية بطريقة مباشرة.
وأوضح أن الكلمات تكتب بعد اللقاء مع مخرج العمل والتشاور معه، مبيناً أن بعض المخرجين لا يفضلون الشارات الغنائية ويكتفي بالموسيقا فقط، وبعضهم الآخر يصر على أن يرافق الموسيقا مواويل أو أغنية يرددها المشاهد دائماً وتبقى راسخةً في ذهنه حتى بعد انتهاء عرض المسلسل.
فهل سنشهد في السنوات القادمة شارات أعمال درامية من دون أغانٍ أو إضافات أخرى؟!