قضايا وآراء

غياب الإستراتيجية على حساب المصلحة الذاتية

| معتز خليل

كشفت التقديرات السياسية العربية في التعاطي مع الأزمة السودانية الحالية تشابها واضحاً مع الحالة السورية، وهو ما التفتت إليه بعض من المعاهد البحثية والتقديرات الأوروبية.

العنوان الرئيسي لهذه التقديرات يتمثل في غياب الإستراتيجية العربية الموحدة ونجاح المصلحة الذاتية لكل دولة عربية، بمعنى أن كل دولة عربية نست أو تناست تماماً مصالح الشعب السوداني مقابل تحقيق أهدافها الذاتية، سواء من استمرار تعاونها الاقتصادي وتأمين مصالحها في السودان، أم تهجير مواطنيها وإعادتهم بسلام إلى أرض الوطن، أو التباحث في كيفية استغلال ثروات السودان الطبيعية والاقتصادية بعيداً عن تحقيق الاستقرار السياسي له.

وهذا بالطبع ما حصل في سورية تماماً، حيث انقسمت بعض الآراء العربية بشأن عودة سورية إلى الحضن العربي من جديد، رغم أن هذا القرار وحضور سورية للقمة العربية يعتبر قراراً حكيماً ومصيرياً ومهماً، لأنه سيساعد سورية على مواجهة الكثير من التحديات ويساندها ويدعمها، ما يحقق في النهاية الاستقرار والهدوء للمواطن السوري الذي كان أبرز من دفع ثمن بعض المزايدات العربية الذاتية التي راهنت على الإرهاب والتدمير، مقابل الاستقرار والحوار.

في ذروة التطورات التاريخية التي تعصف دوماً بالمنطقة تبرز قيادات تعرف كيف تتعاطى مع هذه التطورات لتحقق المكسب الأوفر لها، وهنا مثلاً يبرز أسلوب الميليشيات التي عرفت تماماً كيف تستفيد وتحقق المكسب لها، من جنسيات غربية ومعاهد بحثية وهمية تتلقى الأموال بالآلاف إضافة إلى حسابات بنكية على حساب الوطن.

وللأسف يصدق البعض دعوات هذه الميليشيات التي ترفع كذباً شعار الديمقراطية والحرية، والمحزن أن الجريمة نفسها التي ارتكبها ويرتكبها العرب في حق سورية تتكرر في السودان، فالجميع يبحث عن مصالحه ويتناسى الحكومة الشرعية ووجود برلمان ورئيس منتخب ومؤسسات وطنية إضافة إلى مؤسسات الدولة من أجل تمرير مصلحتهم الذاتية.

لقد كانت القيادة السورية أول من حذرت من الميليشيات، وهو تحذير لم يقتصر على إرهابها وإنما على عنفها وبلطجتها السياسية.

ولقد أعطت سورية للعالم العربي درسا كم أتمنى أن يستوعبوه، وهو أن البقاء دوماً للدولة، والدعم لمؤسسة الرئاسة، وأننا كلنا زائلون وسيبقى الوطن ومؤسسات الدولة، ولا رهان على ميليشيا أو جماعة ترفع كذباً شعار الديمقراطية والحرية للحصول على مكاسب بنكية على حساب الوطن الجريح.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن