من حكاية انتقام إلى إثبات للبراءة «مقابلة مع السيد آدم2»… واقعية الطرح وخصوصية الحدث
| وائل العدس
بعد موسمين على عرض الجزء الأول، عاد مسلسل «مقابلة مع السيد آدم» إلى الواجهة بجزء ثان حقق نسبة مشاهدة عالية خلال شهر رمضان المنصرم.
العمل بوليسي تتصاعد أحداثه في إطار من التشويق والإثارة، ويغوص في عوالم الجريمة والتحقيق والأكشن، وهو من تأليف فادي سليم وشادي كيوان وإخراج فادي سليم وبطولة غسان مسعود ومحمد الأحمد ورنا شميس ويزن خليل وجلال شموط وشادي الصفدي ويحيى بيازي وفاديا خطاب ونور علي ووسيم الرحبي ومصطفى المصطفى وعلي صطوف وجمال العلي وربى المأمون وترف التقي وجيانا عنيد وأكرم الحلبي وروعة السعدي ومروة الأطرش وسوزانا الوز وتولاي هارون وريم عبد العزيز، إلى جانب النجمة المصرية منة فضالي والنجمة اللبنانية كارمن لبس.
تشويق وغموض
نجح العمل في خلق حالة تشويق كبيرة من الأحداث الغامضة وفق تسلسل واقعي ومنطقي من جهة، ومن خلال لعبة الحكاية التي استطاعت خلق علاقة بين العمل والمشاهد جعلت الأخير يغوص لحل لغز تلك الأحداث رغم ما تكتنفها من غموض من جهة ثانية.
ويقوم العمل بالأساس على واقعية الطرح وخصوصية الحدث، وما يميزه خلق حدث في كل حلقة من حلقاته، بحيث كان التشويق يزداد حلقة بعد أخرى.
وقد أوصلنا العمل إلى ذروة التشويق والإثارة، ونحن ننتظر لحظة الوصول للحقيقة، هذه اللحظة المفعمة بالحياة، مثيراً غريزة المشاهد المحب للبحث والاستكشاف ومحاولاً استنتاج ما غمض عنه.
وإضافة إلى ذلك فإن الحوارات علمية مبنية على أسس ونظريات في عالم الجريمة، منها حوار «المقدم ورد» و«العميد» والحديث عن الأنواع الخمسة للمجرمين، وهي إحدى النظريات التي أسسها وأنشأها الطبيب وعالم الجريمة الإيطالي تشيزري لومبروزو.
كما أن هذه الحوارات غنية تنسجها الشخصيات بهدوئها وارتباكها وغضبها في الوقت نفسه، والتقلبات في طباع وأمزجة الشخصيات بين الوضوح والغموض وما بينهما من قسوة وحزن واندفاع لافت للأنظار.
العمل مختلف وخارج عن المألوف لأنه أجبر المشاهد أن يبقى في أعلى درجات تركيزه بسبب التشويق والإثارة والغموض، في وقت يخاطب فيه النفس البشرية بتقديم تحليل نفسي عميق لأبعاد الجريمة وجميع الأطراف المشاركة فيها.
انتقام وبراءة
طرح الجزء الأول حكاية انتقام محق، حكاية أب مفجوع إثر الانتقام الشخصي ضد من تسببوا في مقتل ابنته المريضة بمتلازمة داون.
«الدكتور آدم» لم يكن يقتلهم بل يحتفظ بهم في قبو منزله، وبعد انتهاء التحقيقات أمسك بكل المتورطين، في حين لم يستطع تسليم ابنه بسبب أبوته فقام بإرساله إلى بيروت، فبقي القاتل الرئيسي الذي يفترض أنه خارج البلاد وهو «معتصم بيك».
«آدم» خطط لكل شيء، لكن «المحقق ورد» وجد هذه الشخصيات مقتولة في القبو بالطريقة ذاتها التي صورها سابقاً ملفقة وتمثيلاً، ولكنها تحولت إلى واقع وجرائم حقيقية.
في الجزء الأول كان المشاهد يعلم ما سيحدث، في حين شخوص العمل لا تعلم، بينما في الثاني كان الأمر مختلفاً، حيث اعتمد على جعل المشاهد وشخوص العمل لا تعلم بما سيحدث، حيث انطلق العمل مع وجود المتورطين بمقتل «حياة» مقتولين.
لذلك فإن القصة في الجزء الثاني تحولت من حكاية انتقام إلى رحلة بحث هدفها إثبات البراءة من جرائم نسبت إليه.
حرق أعصاب
الممثلون ملؤوا الحكاية ببعدها الحي ومكانتها الفنية، وجميعهم سعوا إلى حرق أعصاب المشاهد وإثارة فضوله.
غسان مسعود قدم شخصية «آدم» الغريبة والنادرة والعادية في الوقت نفسه، ويشعر المشاهد بأنه مصاب بالرهاب لكثرة ترتيبه ودقته في تفاصيل حياته وأشيائه، يمتلك أسلوباً مميزاً في حواره وتفكيره وانتقاء مفرداته، وفي اللحظة التي كان من المفترض تسليمه الشخصيات المتطورة يصبح مجرماً مطلوباً للعدالة.
ومع مرور الحلقات أصبح يخوض معركة لوم النفس وتأنيبها وصار يفكر بالمواقف التي مر فيها ويحللها، ويحاول التصدي للاضطرابات التي يعيشها في أعماقه، قبل أن يصل إلى الحقيقة.
«المحقق ورد» الذي أداه محمد الأحمد هو المحقق اللماح بحسه البوليسي الذكي، شكوكه تجعله دائم البحث عن الحقيقة.
رنا شميس أتقنت شخصية «ديالا العباس» وتفننت في المناورة، في حين أضاف يزن خليل على شخصية «يوسف عبد الحق» بتلونه، وكلاهما كان يطعن في الظهر.