اقتصادالأخبار البارزة

اتفاقيات جاهزة وأخرى قيد النقاش … اللجنة السورية- العراقية تعقد اجتماعات دورتها الحادية عشرة في دمشق

| جلنار العلي - إيمى غسان - تصوير طارق السعدوني

عقدت اللجنة السورية- العراقية المشتركة يوم أمس اجتماعات الدورة الحادية عشرة في دمشق، لمناقشة التعاون في عدة مجالات اقتصادية وتجارية وزراعية واستثمارية وتعليمية.

وبين وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور محمد سامر خليل في تصريح لـ«الوطن» على هامش الاجتماع، أنه تم خلال اجتماعات اليوم الأول مناقشة ثلاث اتفاقيات في مجال التجارة والصحة والتعليم العالي، وقد أصبحت جاهزة، وسيتم خلال اجتماعات اليوم استكمال نقاشات لوثائق مقترحة أيضاً من قبل الجانبين، وكل وثيقة يوافق عليها ستكون جاهزة للتوقيع، لافتاً إلى أن هذه اللقاءات والحوارات ومذكرات التفاهم تقدم المزيد من التسهيلات في التعامل، وإزالة عوائق كثيرة تراكمت في السنوات الأخيرة وحالت من دون تطوير التعاون على المستوى التجاري والاستثماري، رغم أن التعاون التجاري كان كبيراً بين البلدين، ولكن العوائق التي تم التحدث عنها خفضت مستوى هذا التعاون، لذا فإن إزالتها تدريجياً سيترك فرصة بشكل أكبر لزيادة التبادل التجاري.

وتابع: «هناك بعض المباحثات مع الجانب العراقي في مجال الطاقة الكهربائية كغيرها من المجالات، ولكن لا يوجد حالياً أي اتفاقيات جاهزة في هذا المجال».

لمسات أخيرة

وأشار الوزير في تصريح صحفي إلى أن المباحثات بناءة، وتم خلالها التأكيد على ضرورة تعزيز حجم التجارة البينية بين البلدين بشكل أكبر مما هو عليه، حيث سمح الجانب العراقي منذ فترة قصيرة بدخول الشاحنات السورية إلى العراق محملة بالبضائع والمنتجات السورية المصدرة إلى الأسواق العراقية كبديل عن إتمام عملية المناقلة عبر ساحة التبادل وهذا يعد توفيراً للزمن والتكلفة بشكل كبير، كما تم خلال الاجتماع مناقشة حركة الترانزيت عبر العراق، علماً أن هذا الموضوع يحتاج إلى لمسات أخيرة، كما تم الحديث عن الرسوم الجمركية وإزالة العوائق الأخرى التي تحول من دون انسياب البضائع السورية إلى الأسواق العراقية، أو العكس، حرصاً من الجانبين على تحقيق زيادة كبيرة في التبادل التجاري، على اعتبار أن العراق هو شريك تجاري أساسي في سورية لسنوات طويلة، وكانت أرقام التبادل التجاري كبيرة جداً، وما زال البلدان مؤهلين ليكون هذا التبادل أكبر بكثير.

فائدة لكلا البلدين

ولفت الوزير إلى مناقشة ضرورة البدء بإقامة علاقات اقتصادية تجارية في الجانب الاستثماري والتعاون المشترك والتكامل الذي من الممكن أن يتحقق، معتبراً أن التسهيلات التي تجري على مستوى حركة النقل تحقق فائدة لكلا البلدين وللمنتجات السورية خاصة، مشيراً إلى وجود رغبة صادقة خلال هذه الاجتماعات بأن يعبّر عن هذه المباحثات بنتائج ملموسة وقابلة للقياس.

وفي السياق، أشاد خليل بالجهود التي قام بها الجانب العراقي خلال فترة الزلزال تجاه سورية، لافتاً إلى أنه خلال اجتماعات الدورة العاشرة التي عقدت في عام 2021، تم الاتفاق على مجموعة من محاور التعاون بين الدولتين، كما تم التوقيع على مجموعة من الوثائق المشتركة، وقد قامت الوزارات خلال الفترة الفاصلة بين البلدين بالتواصل لتنفيذ العديد من الأمور التي تم الاتفاق عليها، مشيراً إلى التطور الملحوظ على المستويات الكافية، ولكن ما زالت الطموحات أكبر من ذلك بكثير.

نشاط للقطاع الخاص

وأكد خليل وجود حركة نشطة على صعيد عمل وتواجد القطاع الخاص في العديد من الفعاليات التي تقام بين البلدين على المستوى التجاري، مشيراً إلى ضرورة اتخاذ قرارات هامة واستثنائية ناجمة عن هذه الاجتماعات والنقاشات، كاستثناء سورية من الرسوم الجمركية التي تم وضعها بقرار من الحكومة العراقية عام 2016، وهذا مطلب هام من قبل فعاليات الأعمال في سورية لتعزيز التبادل التجاري بين البلدين، حيث لا تزال سورية حتى اليوم تستقبل البضائع العراقية من دون أي رسوم جمركية أو شروط وقيود، لافتاً إلى أن السوريين يعرفون المزاج العراقي في البضائع المطلوبة من سورية.

وأضاف إن الحركة التجارية بين البلدين تمهد للتعاون الاستثماري على مستوى الصناعة والقطاعات الأخرى في الفترة القريبة، متأملاً التوصل إلى نتائج مهمة على صعيد التعاون المصرفي والمالي والجمركي وجميع المجالات الأخرى التي ستكون محوراً للنقاش خلال الاجتماعات، مع الإشارة إلى أهمية إنجاز برنامج تنفيذي لبروتوكول التعاون الموقع بين البلدين في مجال المواصفات والمقاييس التي تساعد في انسيابية دخول البضائع إلى البلدين.

تبادل تجاري كبير

وبيّن خليل أن أرقام التبادل التجاري مع العراق كانت كبيرة جداً قبل الحرب على سورية، وهي الآن جيدة قياساً بالتجارة الخارجية السورية ولكنها أقل بكثير مما كانت عليه قبل الأزمة، شاكراً قرار الحكومة العراقية بالسماح بدخول الشاحنات السورية من دون إجراء مناقلة، وهذا يعد قراراً جيداً، متابعاً: «كما سمعنا اليوم بوجود قرار بالسماح بمرور الترانزيت عبر العراق، وقد أعلمنا السفير السوري في العراق أن هذا القرار يحتاج فقط اجتماع اللجنة الفنية للنقل بين البلدين لتنسيق التفاصيل الأخرى، وتعد هذه الخطوة إيجابية بشكل كبير»، لافتاً إلى أنه تم في سورية تشكيل مجلس أعمال سوري عراقي وهو من المجالس الفاعلة وسيكون هناك اليوم ملتقى لرجال الأعمال لطرح الصعوبات والعوائق التي تحول دون زيادة التعاون.

مصلحة للبلدين

من جانبه، أوضح وزير التجارة العراقي أثير الغريري في تصريحات صحفية، أن اللجنة تناولت جميع القطاعات منها ما نضج خلال الدورة العاشرة، ومنها ما هو بحاجة إلى حوار، وذلك لتذليل جميع العقبات التي تقف بطريق عودة التبادل التجاري الموجود أصلاً، لتحقيق المصلحة للطرفين، لافتاً إلى الطموح باستقطاب الإمكانيات والخبرات السورية داخل العراق، لافتاً إلى أن سوق العراق واعد، كما أن القوانين والتشريعات والحكومة العراقية مرحبة بذلك، وسيكون هناك سوق كبيرة يحقق الطموحات المشتركة، كما سيكون هناك تسهيلات كبيرة باعتبار أن جميع القطاعات حاضرة من الجانبين.

وأشار خلال الاجتماع إلى أن العراق سيكون سباقاً بالقيام بكل عمل يصب في مصلحة سورية، لافتاً إلى أن أسواق العراق كبيرة وعطشى، والبضائع السورية تأتي في المرتبة الأولى بالنسبة للذوق العراقي، ومن واجب القطاع الخاص والعام التعامل مع سورية في الواردات بدلاً من الدول الأخرى، متمنياً ألا يكون هذا الاجتماع مجرد حبر على ورق، وأن يرتقي إلى مستوى الطموح، وأن تكون المناقشات والمفاوضات واقعية وعملية ولو كان ذلك من خلال خطوات، متابعاً: «هدفنا وضع كل التسهيلات وإزالة جميع العقبات لزيادة التبادل التجاري الذي يصب بمصلحة البلدين، وإقامة الصناعات داخل العراق، فأرجو أن تترجم الاتفاقات غداً بشكل واقعي في سورية والعراق».

وقال الغريري لـ«الوطن»: إن اللجنة العراقية السورية المشتركة تمثل بداية الانفتاح وعودة سورية للحضن العربي، مؤكداً أن العراق كان سباقاً في هذا الشأن وعلى الصعد كافة.

ثلاث مذكرات تفاهم

وأضاف الغريري إنه سيكون هناك ثلاث مذكرات تفاهم بين الجانبين بمجالات التعليم والصحة والتجارة كبداية، وأيضاً سيتم العمل على زيادة التبادل التجاري واستقطاب وتشجيع الصناعة السورية وتذليل العقبات التي قد تحول دون ذلك، مبيناً أنه لن تكون هذه الجهود حبراً على ورق وإنما ستخرج بنتائج ملموسة.

التجارب السورية إلى العراق

من جانبه، أكد نائب رئيس اتحاد الصناعات العراقية علي عبد الهادي الدخيلي في تصريح لـ«الوطن»، أنه تمت مناقشة فتح ميزان اقتصادي متساوي بين الجانبين وخلق اقتصاد مشترك، ونقل التجارب السورية إلى العراق، وفتح أسواق متساوية، إذ يوجد لدى السوريين رغبة في الاستيراد من العراق وكذلك الأمر بالنسبة للعراقيين، لافتاً إلى وجود فكر موحد لدى الطرفين وبعد اجتماعي واحد وعلاقات أسرية مشتركة، لذا سيتم إنشاء مجلس اقتصادي عراقي سوري ناجح.

وأشار الدخيلي إلى أن العراق متقدمة في الصناعات البتروكيماوية والإنشائية، وستسهم هذه المواد في رفد الاقتصاد السوري، كذلك تعد السوق العراقية متعطشة للمنتج السوري الذي يتميز بجودة جيدة وهذا ما سيسهم في خلق سوق مشتركة، مضيفاً: «سنقوم بحلحلة العقوبات الغربية المفروضة على سورية وسنرسل نفطاً لسورية مقابل الحصول على مواد مصنعة يتم رفد السوق العراقية بها».

المرتبة الأولى للعراق

رئيس اتحاد غرف التجارة السورية محمد أبو الهدى اللحام، أشار في تصريح لـ«الوطن»، إلى أن هذا الاجتماع يعد تقييم لما تم إنجازه خلال العام الماضي وحول حجم التبادل التجاري والسياحة، لافتاً إلى أن أهم بند يجب معالجته هو عملية الدفع والتسديد إذ يجب إيجاد طريقة مصرفية ليتم التغلب على جميع العوائق، لافتاً إلى أن العراق تحتل المرتبة الأولى في عملية التبادل التجاري مع سورية مقارنة بالدول الأخرى، كما يوجد لديها إمكانيات كبيرة لزيادة هذا التبادل، إذ يوجد حجم طلب كبير على البضائع السورية.

وأشار اللحام إلى أن العقوبات الاقتصادية المفروضة لم تشمل الغذاء والدواء، وهذه المواد تشكل 50 بالمئة من المستوردات السورية، أما ما تبقى من مواد فيتم استيراده عن طريق شركات لبنانية وأردنية على سبيل المثال، إذاً استطاعت سورية حكومة وتجاراً تأمين 80 بالمئة من احتياجاتها، ولكن ما زال هناك تأثير على النسبة المتبقية التي تشمل الكهرباء والنفط والقوى المحركة، لافتاً إلى أنه في حال تم بالمستقبل القريب الانفتاح على الدول من دون خوف يمكن التغلب على الصعوبات والعقوبات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن