من دفتر الوطن

الأفكار الحادة!!

| عبد الفتاح العوض

مثل كل الأفكار الخطيرة يكون الخلاف حولها حاداً ولا يقبل تدوير الزوايا أو استثمار ربما وقد ويمكن…

هل الأخلاق تتجرأ؟!

هذا السؤال من هذا النوع من الأفكار التي تجد عليك لزاماً أن تقف أمامها إما بلافتة نعم أو بإشارة لا وليس بينهما أي لون مخاتل!!

هل يمكن أن تكون وفياً مع شخص أو مع مبدأ… ولا تكون وفياً مع آخرين أو مع مبادئ أخرى؟

هل يمكن أن تكون كاذباً في قضية وتكون صادقاً مع القضايا الأخرى…

هل يمكن أن تكون بخيلاً بالمال وتكون كريماً بالروح.. أو كريماً مع نفسك وبخيلاً مع الآخرين..؟

وثمة نبع من «هل» يغطي الكم الكبير من القيم التي تجد بعض الأشخاص يأخذون جزءاً منها هنا ويتركونها هناك أو أن يقبلوا بها في وقت ويرفضوها في وقت آخر.

علاقة الموضوع بالحالة السورية تتمثل بسؤال صعب.. هل يمكن أن يكون الشخص خائناً في فترة ثم يصبح «وطنياً» بعد فترة أخرى؟!

إن أردت أن تجيب عن هذا السؤال من ناحية «سياسية» فإن المسألة هنا سهلة.. ويمكن التعامل معها من منطق المصلحة العليا، أو إنها بأسوأ الأحوال شكل من أشكال البرغماتية.

أما إذا كان الموضوع يتعلق بالناحية الأخلاقية فإن أهل نظرية أن الأخلاق لا تتجزأ يجدون حرجاً في تبرير ذلك.

هناك مدخل يمكن أن نناقش فيه هذه الفكرة الخطرة وهو حديث نبوي شريف يقول فيها الرسول الكريم: «لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر». يعني يمكن أن تجد خلقاً جيداً إلى جانب خلق آخر سيئ. وهنا المبنى الكلي للإنسان فيه غرفة بالغة الترتيب وغرفة أخرى بالغة الفوضى.. لكن في غرفة الكرم مثلاً لن تجد ركناً خاصاً بالبخل.

وفي السياسة يتم النصح بالتعامل مع «الخائن» بأسلوبين.. أسلوب يرى أن من يخون مرة سيخونك مرة أخرى عندما تتاح له الفرصة.

وأسلوب آخر يعتمد على أن الخائن الذي تعيده سيعمل جاهداً لإثبات ولائه ولغسل آثار خيانته.

إن إشكالية أن الأخلاق لا تتجزأ ليست مجرد خلاف فكري بل هي جانب يدخل في تفاصيل الحياة اليومية مع البشر والحكم على سلوكهم والتعامل معهم بل هي أيضاً حكم الشخص على نفسه أخلاقياً.

لن تجد الآن من السهل الإجابة عن هذا السؤال الخطر..

هل الأخلاق تتجزأ؟ نعم أو لا ولا ثالث لهما.

أقوال:

– ثمة ارتباط قديم بين اليأس والعادات السيئة، لا يوجد ما هو أشد خطراً على مبادئ إنسان من حالة يأس.

– ليس في المبادئ أنصاف حلول.

– من يكن مخلصاً لمبادئه يكن مخلصاً لجميع من يشاركونه بها.

– كن مرناً، لكن التزم بمبادئك.

– كل المبادئ الأخلاقية العالمية خيالات خاملة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن