رياضة

سلة رجال الثورة تعود لدوري الأضواء بقوة ومنشأة النادي ما زالت في خبر كان والنادي بحاجة لالتفاتة حنون من القيادة الرياضية

| مهند الحسني

عندما ودع فريق رجال سلة نادي الثورة دوري الأضواء الموسم الماضي ظن الجميع أن اللعبة دخلت في مرحلة الانهيار وبدأت عملية التلاشي وأن مصيرها بات مجهولاً وخاصة بعدما استغنت الإدارة عن مدرب الفريق الخبير هلال الدجاني، لكن الإدارة برئاسة سلام علاوي نجحت في قلب كل التوقعات وتعاملت مع موضوع هبوط الفريق للدرجة الثانية باحترافية عالية ولم تتعامل معه بردة فعل سلبية بل على العكس جلست بترو وهدوء كبيرين وأعادت ترتيب أوراقها ونجحت في وضع تصورات جديدة للعبة قطعت من خلالها الألسن التي نالت عملها عن الفترة الماضية.

تحضيرات وتعاقد

على الرغم من الإمكانات المادية المتواضعة غير أن الإدارة عملت حسب المتاح، ونجحت في تأمين المناخات التدريبية الملائمة للفريق الذي عاش بجميع لاعبيه أجواء أسرية، وارتأت للتعاقد مع المدرب اللبناني علي مكي في خطوة لم تلق صدى إيجابياً حينها لكن ومع دخول الفريق أجواء التحضيرات الجدّية بدت لمسات المدرب مكي على الفريق فردياً وهجومياً ونجح في العودة لدوري الأضواء بقوة بعد رحلة قوية خاضها في دوري الدرجة الثانية، حيث بدت واضحاً حالة التناغم والانسجام الواضحين على أداء الفريق في الشقين الهجومي والدفاعي ولعب بتكتيك عال وظهر بصورة جميلة تكللت بنتيجة إيجابية بعودته لدوري المحترفين عن جدارة واستحقاق.

إنجاز جدير وحصاد إيجابي

ليس بالمال وحده تبنى كرة السلة، لم أجد خيراً من هذه المقولة لأدخل فيها في تفاصيل إنجاز سلة نادي الثورة الذي يعد من أفقر الأندية الدمشقية، ورغم كل ذلك بات رقماً صعباً في المعادلة السلوية على صعيد سلة السيدات بعدما حصد إنجازات وبطولات محلية كبيرة، ولم يتوقف طموحه عند هذه الحدود بل كانت مشاركاته الخارجية مقبولة قياساً على الإمكانات المادية المتاحة، وما حققه نادي الثورة على صعيد السلة الأنثوية في السنوات الأخيرة عجزت عنه أندية عريقة وغنية، وعلى صعيد سلة الرجال لم يكن فريق الثورة صيداً سهلاً في المواسم الماضية، وقدم مستويات جيدة يشكر عليها مدربه الخبير هلال الدجاني وكان الفريق بمنزلة مفرخة للنجوم فخرّج لاعبين كباراً لعبوا لأندية محلية كانوا بمرتبة النجوم.

فبعد سنوات عجاف وطول انتظار وتعاقب الأجيال والاقتراب من هذا اللقب أو ذاك مرات ومرات، نجح الفريق في العودة بجدارة لدوري المحترفين وعلى ملعبه الصغير جغرافياً الكبير الواسع بأحلام القائمين على النادي، ورغم الصدمة القوية التي تعرض لها النادي بعد فقدانه منشآته لفترة طويلة من الزمن، إلا أن الجهود المخلصة للقائمين على كرة السلة في تلك المرحلة حافظت على ما أمكن من بقايا كرة السلة العريقة، وظهر إخلاص أبناء النادي في تلك المرحلة الحرجة من عمره الرياضي، وتغلبوا على الصعوبات التي واجهتهم بفضل تكاتفهم وتفانيهم للوصول بسلته إلى بر الأمان، ورغم الظروف الصعبة، والإمكانيات المادية المحدودة، انتعشت فرق الذكور، وتابعت تقدمها بخطوات مدروسة، وباتت فرق الرجال رافداً أساسياً لجميع منتخباتنا الوطنية بنخبة من اللاعبين الموهوبين أمثال اللاعبين، شادي حبيب وتوفيق حداد ونورس الكردي ووليم حداد وآخرين، كان للنادي مستقبل مشرق لولا الظروف العاصفة التي مرت بها رياضتنا، وعلى الجهة الأخرى فقد كان للمخضرم هلال دجاني بصمة كبيرة وجهد جبار في تعزيز فرق الناشئات، والسيدات بنخبة من الموهوبات اللواتي استقطبهن في أعمار صغيرة وعمل على تطويرهن والصبر على نتائجهن، حتى وصولهن إلى مرحلة النضج الرياضي برصيد كبير من الموهوبة والخبرة والاحتكاك.

ولأن الحصاد الإيجابي هو نتيجة حتمية للزرع الطيب فقد توجت مسيرة الصبر والإخلاص للقائمين على نادي الثورة بعد أن تسلمت المهندسة سلام علاوي مقاليد إدارة فريق السيدات، فوفرت له الدعم المادي الكبير، وعززت الفريق بنخبة من اللاعبات لتعويض الضعف في بعض المراكز، فعاش الفريق ظروفاً احترافية إدارياً ومالياً كان يحلم بها فيما مضى، واستكمالاً لهذه التغييرات استعان الفريق بالمدرب اللبناني علي مكي لقيادة فريق الرجال في مشواره الصعب بدوري الثانية، ليكمل ما بدأه المخضرم هلال الدجاني، فأنتجت هذه الظروف إنجازاً لم يأت من فراغ، ولم يكن وليد يوم أو سنة أو سنوات، بل توّج مسيرة جهد وكفاح عاشها النادي، لينجح الفكر الاحترافي لربان الثورة في تجاوز عقبات الماضي، وتوفير مستلزمات النجاح، فكانت خير مثال لأحقية أبناء اللعبة في إدارة شؤونها، وأكدت الإدارة المحبة بأن ضربة المعلم بألف، وبأن لكل مجتهد نصيباً.

فشكراً لسلة رجال الثورة لأنها كانت قصة نجاح سعيدة تعكس مقدار الصبر والإخلاص المطلوبين لتحقيق الألقاب الحقيقية.

القواعد بخير

يعد نادي الثورة الوحيد بين أندية العاصمة الذي يعمل على قواعده بشكل صحيح، فجميع فرقه تضم لاعبين متميزين، وسيكون لهم مستقبل سلوي مشرق لا محالة نظراً للدعم الكبير الذي توليه الإدارة لهذه الفرق، ونظراً لإيمانها الصحيح بمستقبل اللعبة الذي تتطلع إليه، لذلك فريق رجال الثورة سيكون على موعد مع جيل سلوي واعد في الموسمين المقبلين، وسيثبت النادي للجميع صحة خطواته العملية بأن أسهل طريق لبناء كرة سلة سليمة هو العودة للعمل بفرق القواعد.

لكن النادي مازال يعاني من غياب الصالة التدريبية الخاصة به، وغياب منشآته التي داعبت أحلامه منذ سنوات طويلة مضت، حيث باتت ضرباً من الخيال بعدما عاث فيها الإرهاب الكثير، وكأن الأنظمة والقوانين المعمول بها في المنظمة الرياضية لا تهتم بهذا النادي من قريب ولا من بعيد، حتى بات ريشة في مهب الريح تتقاذفها الأنواء من كل حدب وصوب، لذلك ما المانع من إعادة دراسة تأهيل منشأة النادي الواقعة على أطراف مدينة دمشق، والعمل على تشييدها بغية استفادة النادي منها بعيداً عن الجرعات التدريبية التي بات يحلم بها والتي لا توازي طموح فرقه؟!

دعم ولكن

ما يحققه نادي الثورة من نتائج بجميع فئات اللعبة بات ضرورياً للقائمين على رياضتنا الوقوف عند هذه النتائج والتأسيس عليها ودعم هذا النادي وتطوير مفاصله الاستثمارية حتى يتمكن من أن يتماشى مع تطور ألعابه وفرقه، ويجب أن تكون البداية بعودة منشأة النادي للإدارة بعد الخراب الذي لحق بها والتي باتت عودتها أشبه بأضغاث أحلام على ضوء حالة اللامبالاة التي تبديها القيادة الرياضية في تعاطيها مع المنشأة، ويبدو أن البعض في القيادة الرياضية يعتبر أن المنشآت الرياضية ومخصصاتها المالية هي أعطية يمن بها على من يشاء ويحرم منها من يشاء، وأن الأولويات لإنجاز الأندية إنشائياً ترتب وفق المصالح الشخصية فهو على خطأ شديد، والسؤال هنا، إذا كان توجه الدولة هو الوصول بالأندية الرياضية إلى أصغر قرى في وطننا الغالي، فما حال القائمين على رياضتنا، وهم يشاهدون نادياً في قلب العاصمة وهو في حقيقة الأمر معقل من معاقل كرة السلة السورية ويقفون مكتوفي الأيدي، من دون أن يمدوا له يد العون؟! وما زالت منشآته التي عاث فيها الإرهاب الكثير غير صالحة لممارسة أي نوع من الرياضات، ناهيك عن أنها تقع بجانب مكب قمامة العاصمة، والذي لا يبخل عليها بروائحه الفوّاحة، والطريق إلى الصالة شتاء شبه مستحيل نظراً لتراكم البرك والمستنقعات والحفر، التي قد تتسبب في العديد من الانزلاقات، وفي فصل الصيف حدث ولا حرج فإن الراغب في رؤية المنشأة عليه وضع كمامة طبية لتقيه قوة الروائح المنبعثة من مكب القمامة، إضافة إلى الكلاب الشاردة والعتمة والظلام المحيط بالصالة.

أمينة

كلنا أمل في القيادة الرياضية بأن تضع هذا النادي الصغير بإمكاناته الكبير بانجازاته ضمن أولوياتها، وتعمل على إعادة بناء منشآته، وتقديم الدعم بجميع أشكاله له أسوة بباقي أندية العاصمة التي تنعم وتغنج بكل ما لذ وطاب، وأن يسعى اتحاد كرة السلة إلى تقديم كل ما يلزم النادي وحسب الإمكانات المتاحة بعيداً عن برقيات التهنئة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

تصورات جديدة

لا خوف على إدارة النادي التي تعمل بمحبة وانتماء كبيرين بعيداً عن أي مصالح شخصية من وضع تصورات جديدة لرحلة الفريق في دوري المحترفين والعمل على تحضيره ورفده بأفضل اللاعبين، ووضع خطة إعداد جيدة تتناسب مع واقع النادي وإمكاناته من أجل أن يكون الفريق بقمة بهائه وعطائه لا ضيفاً خفيف الظل لا يلبث أن يعود لمصاف الدرجة الثانية.

أصحاب الإنجاز

يدرب الفريق المدرب اللبناني علي مكي، مساعد المدرب طوني عربجي، والمعالج خالد ظاظا، واللاعبون: جواد سكر، محمد ضيا، أمجد الأخرس، جود طباخ، راتب جبة، جوزيف لطفي، بيير لطفي، جان مرجي، عمرو الحمصي، جورج قريط، مجد حداد، جيرار تسلاقجيان، ميشيل عيسى.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن