لهيب الأسعار في الحسكة.. بين مطرقة الحاجة وسندان جشع التجار و«إتاوات» قطّاع الطريق..!
| الحسكة – دحام السلطان
لسان نبض الحال اليوم في سوق الحسكة الاستهلاكي بات يشتكي ويئن من حين إلى آخر ولم يجد إلى الآن جواباً يشفى الغليل ليلبي الطلب ويرد على العوز ودواعي الحاجة، نتيجة لحرارة ولهيب الأسعار المفروضة على البضائع المتعلقة باحتياجاتهم الاستهلاكية اليومية، ولاسيما التي تعود إلى أصحاب الدخل المحدود والدخل غير الموجود، ولا تفرق كثيراً لدى المهني والحرفي والتاجر… وكل الأجوبة التي وضعنا بصورتها حقيقة لم تكن بحجم الرد على حاجة المشتكين، ولم تؤد الغرض المطلوب للوصول إلى القناعة قبل السكوت عليها وعلى مضض..! فالأزمة التي تمر على البلاد خلقت جشعاً واسع النطاق ومنقطع النظير لدى تجّارها، وأسهموا لأن يعملوا بجريرتها ليخلقوا من ورائها مسوّغات وتبعات جعلوها شمّاعة لتغطي جشعهم واحتكارهم وتلاعبهم بالأسعار بضمير ميت وذمة مشلولة..!
استطلاعات الرأي في السوق كانت متفاوتة ومتباينة من تاجر إلى آخر باتجاه الأسعار للمواد والسلع الاستهلاكية، فبيّن بعضهم أن الأسعار تكاد أن تكون قريبة في الرقم إلى ما هي عليه في محافظات الداخل، وإن فرق الارتفاع في السعر يعود إلى ارتفاع أجور النقل للبضائع في ضوء هذه الظروف الراهنة في المحافظة المقطّعة الأوصال والبعيدة عن مصادر ومنابع السلع والمنتجات المحلية والمستوردة، وذكر البعض الآخر أن الظروف الحياتية والمعيشية بشكل عام أجبرهم على التعامل باقتصاد اليوم في ضوء ارتفاع أسعار القطع الأجنبي قياساً على الليرة السورية، الذي رتّب عليهم أن يتعاملوا مع الأسعار قياساً إلى ذلك المستوى من الفارق بينهما، واعترف البعض الآخر لزاماً بأنه قد اقتنع بالارتفاع الفاحش بأسعار السلع والمواد، وأن الارتفاع بأرقامها خلق إرباكات انعكست عليهم وعلى المستهلك سلباً، وإن المشكلة تزداد تفاقماً من حين إلى آخر ولا حلول تشير وتلوّح بأيديها في الأفق المنظور، وبالنتيجة ليس بالإمكان أفضل مما كان وكلا الأمرين أحلاهما مر وينعكس على التاجر البسيط من صغار الكسبة، وعلى المواطن البسيط أيضاً وعلى حد سواء..!
بدوره ذكر مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بالحسكة غازي الناصر: إن الحصار البري المفروض على محافظة الحسكة منذ نحو أربع سنوات تقريباً، وهو الذي أثر سلباً على إمداد المحافظة بالمواد والسلع وزيادة تكاليف النقل على اعتبار أن المحافظة لا يوجد فيها تجار مستوردون للسلع أسوة بالمحافظات الأخرى، لاسيما بعد إغلاق منفذ اليعربية الحدودي مع العراق كونه يعتبر الشريان الأساسي والمهم لسوق المحافظة الاستهلاكي، وبناءً على ذلك فإن الناقلين للمواد والسلع يتعرضون إلى تكاليف مالية إضافية بفعل الأتاوات التي تفرضها المجموعات المسلحة، أو بتعرّض أحمالهم للنهب والسلب، ومنع إدخالها بطرق قسرية وهذا من ناحية، ومن ناحية أخرى قيام النقاط الجمركية الرسمية بالتعامل مع المواد المتّجهة إلى المحافظة مثل التي تتجه وتغادر إلى خارج البلاد بفرض ضرائب جمركية عليها تصل إلى 1200 دولار على كل شاحنة التي تصل حمولتها وسطياً إلى 40 طناً، وهو ما انعكس سلباً على أسعار المواد والسلع الاستهلاكية وأصبحت واقعاً فرض نفسه على السوق..!
تابع الناصر: لقد شهدت الحسكة خلال الفترة الأخيرة ارتفاعاً كبيراً بأسعار بعض المواد الغذائية ولاسيما مادة السكر التي تجاوز سعر الكيلو غرام منها أكثر من 300 ليرة سورية، وهذا يعود إلى التفجيرات الأخيرة التي استهدفت بلدة تل تمر مدخل مدينة الحسكة من الجهة الشمالية الغربية، لأن واحدة من الآليات المفخخة كانت تحمل مادة السكر، مما دفع بالجهات المسلحة غير الرسمية (الوحدات الكردية) الموجودة في البلدة إلى احتجاز أكثر من ألف شاحنة محمّلة بالمواد الغذائية والاستهلاكية، عند موقع قرية مبروكة شمال غرب مدينة الحسكة بأكثر من 100 كم بقصد التدابير الاحترازية المحتملة لكي تخضع تلك الشاحنات للتفتيش، والطلب من التجار أصحاب البضاعة باستلامها بعد تفريغها من الشاحنات في المنطقة المذكورة ونقلها بشاحنات صغيرة إلى مدينة الحسكة الأمر الذي رتّب عليهم أجور نقل إضافية، وأجور تحميل وتنزيل جديدة، إضافة إلى الأتاوات التي تفرضها تلك المجموعات غير الرسمية على بضائعهم، وجميع تلك التكاليف تُضاف على السعر الحقيقي للمواد والسلع التي سيتغير سعرها ويرتفع بالنسبة للمواطن المستهلك وتصبح بعد ذلك قيمتها مضاعفة..!