يعتبر من مؤسسي فن النحت الحديث … عبد الرحمن مؤقت.. أعماله تعبر عن تطور النحت السوري المعاصر نحو الحداثة والمعاصرة
| وائل العدس
نعى اتحاد الفنانين التشكيليين والوسط الفني التشكيلي في سورية النحات السوري وابن حلب عبد الرحمن مؤقت الذي وافته المنية في مكان إقامته ببلاد الاغتراب، عن عمر ناهز 77 عاماً بعد مسيرة فنية وثقافية، امتدت لأكثر من خمسين عاماً.
وشكّل الراحل حالة فنية فريدة طوال مسيرته، وغدا مدرسة تضع على عاتق حماة الفن العريق مسؤولية الحفاظ على إرث كهذا.
وتميز بالنحت السوري عبر التعامل مع الحجر مباشرة، واعتماده على المدارس المختلفة بين إعطاء الواقعية وإدخال الرموز بتناسق يُحسب للفنان المقتدر والمتمكن وفائق الدقة بالتصور.
حياته كانت رديفة للحركة الفنية التشكيلية في سورية، ويُعتبر من مؤسسي فن النحت الحديث.
وعلاقته بالنحت تعود لزمن الطفولة، حين كان يتأمل طويلاً صور أعمال كبار فناني عصر النهضة (ولاسيما روائع مايكل أنجلو)، فتثيره عناصرها السحرية وتحرضه على خوض غمار التجربة الفنية، وتشعره بعظمة التراث النحتي العالمي، الذي ما لبث أن تفاعل مع بعض إيقاعاته عن قرب في أثناء وجوده في إيطاليا عام 1980.
ولاشك تجربة الراحل هي إحدى التجارب الإبداعية المهمة والغنية على الساحة الفنية السورية، وتعد من المنظور النقدي غنية بعناصرها الفنية وإيجابية وملتزمة بالمفاهيم التشكيلية المعاصرة في العالم، كما يُعد من الفنانين الأوائل في سورية الذين أطلقوا العنان للنحت السوري من قيوده الكلاسيكية والتقليدية والتسجيلية وانفلات منحوتاته من هذه القيود الصارمة على الرغم من أنه ما يزال مضمونه الأساسي في أكثر أعماله الجسد الإنساني الذي حمّله بالنزعات الإنسانية التي استطاع بمهارة إظهارها بقوة من داخل الكتلة التي يعالجها بكل حب ومرونة ورهافة إحساسه الفني بسبب خطوطها المنحنية التي تنساب فيما بينها بسهولة وبحرية مطلقة ورشاقة مقرونة بثقة كاملة بالأداء الفني مع حيوية ومهارة هائلة في الصنعة يرافقها طموح كبير نحو المستقبل المشرق للوصول إلى الرؤية الفنية والجمالية الخاصة به.
أعمال وإنجازات
دخل عبد الرحمن مؤقت إلى الساحة النحتية السورية المعاصرة بقوة موهبته وذلك بما كان يملكه من قدرات فنية هائلة امتاز بها منذ اللحظات الأولى من حياته الفنية، حيث استطاع بتجربته أن يملأ الفراغ الكبير الذي تركه كل من الفنانين فتحي محمد قباوة ووحيد استانبولي لأن أعماله النحتية التي قدمها في البداية كانت متميزة على مستويات واسعة لمفاهيم جديدة للنحت المعاصر في العالم وكانت أعماله النحتية الأولى تعبر بجدارة عن تطور النحت السوري المعاصر نحو الحداثة والمعاصرة في الفن التشكيلي السوري.
الراحل من مواليد محافظة حلب سنة 1946، وبدأ ممارسة الفن التشكيلي والرسم والنحت منذ عام 1960، معززاً هوايته في مجال النحت، حيث أقام معرضه الفني الأول في 1970.
تخرج في دار المعلمين بدرجة جيد ومارس مهنة التعليم 1967، ونفذ النصب التذكاري للشهداء الطيارين مع معرضه الفردي الأول عام 1970.
خلال عام 1973 أصبح أستاذ مادة النحت في مركز الفنون التشكيلية بحلب، وبعد ثلاث سنوات تفرغ لممارسة النحت في محترفه الخاص.
في عام 1980 سافر إلى ايطاليا ودرس النحت العاري في أكاديمية روما، وبعد أربع سنوات بدأ بتنفيذ عدد من الأعمال النصبية في مدينة حلب والمدن.
تُعتبر فترة السبعينيات من أهم الفترات الزمنية في حياته الفنية فقد أنتج فيها عدداً كبيراً من أعماله النحتية وأصبح لا يكاد يترك فيها مناسبة إلا ويشارك بأعماله وتجاربه الجديدة وكان من أوائل الذين استخدموا الرخام بأنواعه الأبيض والأسود في إنتاج أعماله النحتية حتى إنه نال الجائزة الأولى لنصب الشهداء الذي أقامه في «ساحة سعد اللـه الجابري» بحلب وبالحجر الحلبي المعروف عالمياً.
كان عضو لجنة تجميل ساحات المدينة في مجلس مدينة حلب، وعضو اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين، وعضو اتحاد الفنانين التشكيليين العرب.
فاز بالجائزة الأولى في عدد كبير من المسابقات التي أجريت في سورية، وفي مشاريع الأعمال النصبية في سورية للساحات العامة، كما نال عدداً من جوائز التكريم والميداليات كان أهمها من رئاسة الوزراء ووزارة الثقافة.
كما حاز الميدالية الذهبية في بينالي اللاذقية عام 1999.
من الأعمال التي نفذها، النصب التذكاري للشهداء في ساحة سعد اللـه الجابري في حلب، والنصب التذكاري في قاعدة المجد القتالي على مدخل مدينة الرستن، والنصب التذكاري في ساحة الشهيد باسل حافظ الأسد في مدينة حلب من خلال تصميم الساحة وتنفيذ التمثال البرونزي وتنفيذ اللوحة الجدارية.
كما صمم ونفذ ساحة مطار حلب الدولي والنصب التذكاري فيه، ونفذ اللوحة التشكيلية المائية في حلب.