شؤون محلية

اشكروا النعم.. فصحتكم أولى

| هني الحمدان

أقدارنا سنرضى بها بلا أي نقاش، وأوجاع الحياة محكومون فيها شئنا أم أبينا! كرهاً أو حباً، فلا مجال، لكن هناك خيارات دائماً، ولو كانت بالشكر للحال التي أنت فيها، أي أن تشكر الحال على ما وصلت إليه، أو ما أوصلك إليه القدر، فالتندر والتحسر لغة لم تعد ذات نفع، فالتعامل على أننا نعيش كل شيء جميل رغم مرارة وقسوة الحياة. سأتفق هذه المرة مع القول: «من أضاع الشكر أضاع النعمة» فلنجتهد دائماً في الشكر مهما ضاقت بنا الدروب وتهنا بمسارات يبدو أنها خاطئة وملتوية، من باب ثواب الشكر على نعم الحكومة ومبهجاتها «يعطر أعمارنا ويبدد أتربة وغبار أحزاننا ويخفف من نار مشاكلنا وأسباب إخفاقاتنا».!

قليلة هي الأوجاع وخفيفة أيضاً بنظر الحكومة هكذا يتبدى لها، وأن المواطن لجوج لا يشكر النعم المعطاة والمتحققة له، فلا أوجاع صحية أبداً، ولا فقر ولا جوع، والدخول تكفي الشهر ويزيد أيضاً، والأسعار رخيصة، ولماذا كل حالات الغضب الداخلي والإحباط..؟ هي من قلة شكر النعم.

ما يحصل فعلاً يدعو للضحك ومواساة البشر، قدر كبير من عدم الرضا عن النفس وانزعاج من تفاصيل الحياة اليومية، وتراجع لأي من العلاقات الأسرية والاجتماعية، حالة انكفاء مريبة، ووصل الأمر إلى تصحر بالعلاقات العاطفية وجفاء وانحسار بالإنسانية، فالواقع الاقتصادي أذاب أي علاقات وحوّلها إلى ذكرى.

لا نغوص في تفاصيل ظروف وحال المعيشة وما يلزمها يومياً أو شهرياً من حسابات وشد أحزمة، هي معروفة لدى الجميع بمفرداتها وأوجاعها وأنفاقها المظلمة، حتى الشعور بالأمل بات يخبو وهجه، وما بقي إلا شذرات لمساعدة النفس على «التشافي» بالشكر والابتسامة التي تخفي آلاماً مبرحة في النفس بسبب العوز والفقر اللذين لفا وغلّفا حياتنا وحوّلاها سواداً، نأمل ألا يطول.

اشكروا.. نعم.. إننا مازلنا نستنشق الهواء بلا ضريبة ونمشي في الطريق بلا رسم أو ضريبة، رفاهية، نعم إننا موجودون ونتكلم، نعم الفوز من ابتلاءات وقرارات بعض الإدارات، نعم جفاف المشاعر مع جهات الحكومة وبرودها للاعتياد على كل المضايقات ولو كانت كبيرة! ما يحوّلنا إلى متفرجين فقط على مسرح يتسع بأوجاعنا.

هي دعوة اشكروا كل شيء.. فالشكر يوسع مساحة الرضا بدواخلنا ويؤجج قنوات التفاؤل فينا، اشكروا كل من يتعامل معكم يومياً، لنشكر الباعة والتجار ونبتسم في وجوههم، لنشكر عناصر الرقابة التموينية والصحية ونبتسم لهم، لنشكر وزارة حماية المستهلك التي فضلت طريق السكوت وترك الأسواق على علاتها من باب أن السكوت نوع من شكر النعم، اشكروا كل قرارات الحكومة بلا أي انزعاج، هي جاءت لتحميكم وتخفف عنكم الأوجاع..!

كونوا على درجة من الرضا الداخلي والشكر على كل النعم، فالرضا أوكسجين الصحة النفسية، ويعزز التفاعل الإيجابي تجاه منغصات الحياة اليومية التي حاصرتنا وتكاد تخنقنا تماماً، فالرضا والشكر يساعدان على تحسين وتقوية الصحة الجسدية، فالانفعالات الضارة وإشغال البال بمسائل المعيشة قد «يلتهمان» الصحة بضراوة بشعة، فالعلاج الصحي اليوم يكلف بيع كل ما يملك المريض إذا كان يملك شيئاً ليسد فاتورة علاجه.. فاحذروا..!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن