في مرحلة مفصلية يخوض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن حزبه حزب العدالة والتنمية، انتخابات رئاسية أمام تحالف لستة أحزاب من المعارضة التي توحدت لأول مرة بهدف إقصاء أردوغان الذي سجل أعلى فترة تمسك بالسلطة في التاريخ الحديث للجمهورية التركية.
في تركيا التي تعيش أزمة اقتصادية خانقة وحالة تضخم غير مسبوقة يختار 64 مليون ناخب تركي في 14 أيار الجاري بين حالتين متناقضتين تماماً أولها سلطة تميل بشكل متزايد إلى الاستبداد، مع اتهام 16753 شخصاً رسمياً في 2022 بـ«إهانة الرئيس التركي»، ويطغى عليها طابع إسلاموي، أما الحالة الثانية فهي مجرد وعود بتحول ديمقراطي وعودة إلى علاقات «هادئة» في البلاد ومع بقية العالم.
صحيفة «فزغلياد» الروسية قالت في مقال لها إن رفض الاعتراف بنتائج التصويت بشكل مسبق يهدد تركيا بصدامات خطرة للغاية، ونشرت على لسان الأستاذ في جامعة إسطنبول، الباحث السياسي محمد بيرينجيك قوله إن استطلاعات الرأي تشير إلى أن الاختلاف في الأصوات يمكن أن يكون ضئيلاً، على سبيل المثال 51 بالمئة مقابل 49 بالمئة، ومثل هذا الفارق الصغير قد يشكل ذريعة لمحاولة المعارضة القيام بـ«ثورة برتقالية»، وأضاف بيرينجيك: «على العكس من ذلك، سيكون لدى أردوغان إغراء قوي بعدم تسليم السلطة للمعارضة إذا خسر بمثل هذه النتيجة».
كل التحليلات السياسية تقول إن الداخل التركي منقسم، وأي شرارة ستشعل الشارع وتخلق حالة فوضى غير مسبوقة، لذلك سيحاول المتنافسون إبعاد أنصارهما عن الصدامات والمواجهات خوفاً من الانزلاق إلى المجهول.
صحيفة «كومسمولسكايا برافدا» الروسية ذهبت باتجاه التأثيرات الخارجية على الانتخابات الرئاسية التركية لتقول إنه لا يهم كيف ستسير الانتخابات، ما يهم هو كيفية احتساب النتائج لأن الأميركيين يقولون إن أردوغان يجب أن يخسر وإذا فاز فسوف يرتبون له ثورة «ملونة!!».
وتتابع الصحيفة: الأميركيون سوف يزعزعون الوضع، وقد كانت هناك سوابق في 2013 في «ساحة تقسيم» في إسطنبول، ثم في 2016 محاولة انقلاب مباشرة، ولا شيء يمنعهم من محاولة فعل الشيء نفسه إذا فاز أردوغان، لكن هياكل السلطة تخضع لسيطرة أردوغان بالكامل تقريباً، إضافة إلى ذلك، فإن العداء لأميركا آخذ في الارتفاع الآن في البلاد، لذلك لا يمكن للولايات المتحدة ولا الاتحاد الأوروبي الدخول مباشرة إلى تركيا وبث شيء ما من الساحات التركية، حتى الارتباط المباشر بهؤلاء يشكل خطورة على المعارضة، وليس من الواضح ما إذا كان لدى المعارضة نفسها القدرة الكافية على إخراج المحتجين الأتراك إلى الشوارع.
إن نتائج الانتخابات الرئاسية التركية ستكون نقطة تحول تساير التحولات الكبرى في العالم التي تحيط بها، فمن الشمال الأزمة الأوكرانية والعملية العسكرية الروسية الخاصة لحماية إقليم دونباس وتأثيراتها على الاتحاد الأوروبي غرب تركيا، ناهيك عن نمو الشرق اقتصادياً وصعود النجم الصيني سياسياً، إضافة إلى كل ذلك عودة التموضع السوري إلى محيطه العربي والإقليمي والدولي وما تشكله من دور فاعل ومؤثر في الداخل التركي، لذلك فإن نتائج الانتخابات الرئاسية ستحسم وجه المنطقة وفق ترتيبات تناسب النظام العالمي الجديد.