روسيا تطلق رصاصة الرحمة على معاهدة الأسلحة التقليدية في أوروبا … أنطونوف: واشنطن ستدرك عاجلاً أم آجلاً أنه لا بديل عن العلاقات الإيجابية معنا
| وكالات
أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس الأربعاء مبادرة بانسحاب موسكو من معاهدة الأسلحة التقليدية في أوروبا، في خطوة نحو إصدار شهادة موت لاتفاق فارق الحياة منذ سنوات طويلة، على حين أكدت موسكو أمس أن واشنطن ستدرك عاجلاً أم آجلاً أن لا بديل لديها عن علاقات إيجابية معها.
وذكر موقع «روسيا اليوم» أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أصدر أمس مرسوماً يفيد بنية روسيا الانسحاب من معاهدة القوات المسلحة التقليدية في أوروبا، وتعيين نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف ممثلاً للرئيس عند النظر في المبادرة أمام البرلمان الروسي بمجلسيه.
ومعاهدة القوات المسلحة التقليدية في أوروبا وقعها ممثلو الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي «ناتو» وأعضاء «حلف وارسو» في 19 تشرين الثاني عام 1990 في باريس ودخلت حيز التنفيذ في 9 تشرين الثاني عام 1992.
ونصت المعاهدة على الحد من القوات التقليدية لدول الحلفين العسكريين وكذلك الحد من نشر القوات على خط التماس بين الحلفين، بهدف منع وقوع هجوم مفاجئ وشن هجمات واسعة النطاق في أوروبا.
وشهدت قمة إسطنبول لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي في 19 تشرين الثاني عام 1999، توقيع اتفاق حول تعديل المعاهدة، وذلك بسبب الوضع السياسي العسكري في أوروبا بعد زوال حلف وارسو وتفكك الاتحاد السوفييتي في عام 1991.
لكن المعاهدة المعدلة لم تدخل حيز التنفيذ حيث لم تصدق دول «الناتو» عليها، وواصلت الالتزام بأحكام نسخة 1990، التي تحدد معايير الأسلحة التقليدية على أساس الموازين السابقة بين «الناتو» وحلف وارسو.
وفي ظل اختلال موازين القوى بسبب توسع «الناتو» وعزم الولايات المتحدة على نشر عناصر من نظامها للدفاع الصاروخي في دول أوروبية، قدم الجانب الروسي طلباً لتعديل المعاهدة في الاجتماع الذي دعت له موسكو للدول الموقعة على المعاهدة في فيينا في تموز 2007.
وبعد أن رُفض الطلب الروسي، وتأكدت القيادة الروسية من أن الغرب لا يريد مناقشة المقترحات الهادفة إلى إنقاذ المعاهدة، ولا يتمسك ببنودها، وقع بوتين على قرار تعليق مشاركة روسيا في المعاهدة اعتباراً من 12 كانون الأول 2007.
ورغم قرار التجميد هذا، لم توقف روسيا مشاركتها في عمل فريق التشاور بهدف إقامة نظام جديد للرقابة على القوات التقليدية، إلا أن الحوار بهذا الشأن توقف عملياً في عام 2011.
وفي تشرين الثاني 2011، أعلنت الولايات المتحدة، من جانبها، عن تعليق تنفيذ بعض التزاماتها أمام روسيا الواردة في معاهدة القوات المسلحة التقليدية في أوروبا، وذلك بعد أن حاولت الولايات المتحدة وحلفاؤها في «الناتو» إيجاد حل دبلوماسي للوضع الذي ترتب بعد إعلان روسيا عن وقفها تطبيق هذه المعاهدة عام 2007.
وبعد عدة سنوات أخرى من المحاولات العقيمة لإنقاذ المعاهدة، أعلنت روسيا التعليق التام لمشاركتها فيها اعتباراً من 11 آذار 2015، لكنها بقية طرفاً في المعاهدة من الناحية القانونية البحتة ومنذ ذلك الحين أصبحت بيلاروس تمثل مصالح روسيا في فريق التشاور المشترك.
وأكدت موسكو أنها مستعدة لإجراء مفاوضات لصياغة اتفاقية جديدة للرقابة على الأسلحة التقليدية في أوروبا، لكنها لا ترى أي خطوات سياسية من قبل الغرب في هذا الاتجاه.
واستمرت العلاقات بين روسيا والغرب في التدهور في السنوات التالية وسط رفض «الناتو» التخلي عن التوسع وانسحاب الولايات المتحدة من عدد من الاتفاقات المهمة في مجال الحد من الأسلحة والرقابة عليها.
واعتبرت روسيا ما يحدث حول أزمة أوكرانيا حرباً بالوكالة يخوضها الغرب ضد روسيا، ولاسيما في ظل نشر قوات إضافية للحلف في أوروبا وقرب الحدود الروسية وضخ كميات هائلة من الأسلحة إلى أوكرانيا، ما دفع موسكو لنبذ الاتفاقات السابقة مع الغرب التي لم تعد تخدم المصالح الأمنية للدولة الروسية.
وانتهجت روسيا دائماً سياسة تقوم على احترام القرارات والاتفاقات الدولية ولاسيما أعراف وميثاق الأمم المتحدة على خلاف أميركا المعروفة بتنصلها من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وربما انسحابها الأحادي عام 2018 من الاتفاق النووي الموقع مع إيران خير دليل على ذلك.
في غضون ذلك، أكد السفير الروسي لدى واشنطن أناتولي أنطونوف أن واشنطن ستتخلى عاجلاً أم آجلاً عن سياستها العدوانية تجاه روسيا، وستدرك أنه لا بديل من علاقات إيجابية معها تقوم على البراغماتية والاحترام المتبادل، بما يخدم مصالح الشعوب والدول والبشرية جمعاء.
ونقل موقع «روسيا اليوم» عن أنطونوف قوله خلال حفل استقبال بالسفارة الروسية بمناسبة الاحتفال بعيد النصر: إن «روسيا تتذكر إخوة السلاح مع الأميركيين خلال الحرب العالمية الثانية ولا يمكن أن تنسى ذلك».
وأشار أنطونوف إلى أن القوات الروسية اليوم تكافح مرة أخرى عدوى الفاشية، ولكن في أوكرانيا، موضحاً أنه يتم تحويل وعي الكثير من الناس في هذا البلد وبرمجتهم للحرب ضد روسيا، ولفت إلى أن محاولات تحريف تاريخ الحرب العالمية الثانية تزداد «وقاحة» عاماً بعد عام ويتم تنفيذها لتفرقة سكان الاتحاد السوفييتي السابق.
وفي سياق آخر، سخر نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف، من قرار سلطات بولندا إطلاق اسم «كروليفيتس» على مدينة كالينينغراد الروسية، مشيراً إلى أن مثل هذا الأسلوب سينقلب على بولندا نفسها.
وكتب مدفيديف عبر «تويتر»: «إذا، يريد دعاة روسوفوبيا البولنديون تعليم التاريخ للجميع، اسم مدينة كالينينغراد الروسية لا يرضيهم فيقترحون تسميتها بـكروليفيتس بدلاً من ذلك».
وأضاف مشيراً إلى الأسماء الحالية والقديمة (ألمانية الأصل) لأبرز المدن البولندية: حسناً، في هذه الحالة، لا كراكوف لهم وإنما كراكاو فقط، ولا غدانسك وإنما دانزيغ، ولا شيتسن وإنما شتيتن، ولا بوزنان وإنما بوسين فقط، لا فروتسواف إنما بريسلاو.. ويمكن توسيع هذه القائمة أكثر فأكثر.
وتابع: وبالطبع لا بولندا. وإنما دوقية وارسو أو مملكة بولندا كجزء من روسيا، وريث الإمبراطورية الروسية، في إشارة إلى حقيقة كون بولندا جزءاً من الدولة الروسية من عام 1815 وحتى سقوط الحكم القيصري عام 1917.
وكانت اللجنة البولندية لتوحيد الأسماء الجغرافية خارج بولندا قررت التخلي عن تسمية كالينينغراد ومقاطعة كالينينغراد المحاذية للحدود البولندية، باسميهما الروسيين واعتمدت بدلاً من ذلك اسمي «كروليفيتس» و«مقاطعة كروليفيتس».
وقالت اللجنة في بيان لها أول من أمس الثلاثاء: إن المدينة التي تحمل الاسم الروسي لكالينينغراد حالياً معروفة في بولندا بالاسم التقليدي كروليفيتس، مدعية أن اسمها الروسي الحالي «تسمية مصطنعة لا علاقة لها بالمدينة أو المنطقة».
من جانب آخر أكد رئيس حركة «نحن مع روسيا» فلاديمير روغوف أن مزاعم نظام كييف حول وجود قوات إضافية روسية في منطقة محطة زابوروجيه النووية تهدف إلى تبرير قيامه باستفزازات في المحطة.
ونقلت وكالة «تاس» عن روغوف قوله في تصريح: إنه استعداداً لعملية استفزازية تقدم القوات الأوكرانية تبريراً مسبقاً لأعمالها المقبلة، حيث تتحمل روسيا مسؤولية كل شيء، حيث أعلنت قبل ذلك وجود متفجرات على سقف الوحدة الرابعة الأمر الذي لا يتفق مع الواقع.
وشدد روغوف على أن القوات الروسية المسؤولة عن حفظ أمن محطة زابوروجيه ستدافع عنها وستمنع أي محاولة من جانب قوات نظام كييف للاستيلاء عليها.