ثقافة وفن

معرض فني تكريماً لنزار صابور في البيت الأزرق … وزيرة الثقافة: تنبض أعمال صابور بالحب لأنه يجمع التقنية الحديثة بالفلسفة العميقة

| مصعب أيوب

الفن هو جزء من الرسالة الإنسانية في مضمونها العام، بمعنى أن يقدم الفنان وجهاً إنسانياً محباً للحياة، هذه وجهة نظر الفنان نزار صابور حول الفن وهكذا يعرفه، مبيناً أن استخدامه الخامات الطبيعية في لوحاته ينطلق من ارتباطه الوثيق بأرض وطنه وهو ما حمله من طفولته.

بحضور وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح واحتفاء بمسيرته الفنية وتكريماً لعطائه الذي امتد عبر عقود أقام طلاب الدكتور نزار صابور معرضاً فنياً بعنوان «حب ما أمكن» في معرض البيت الأزرق بدمشق مساء الأربعاء عند الساعة الخامسة.

قامة فنية

الدكتورة لبانة مشوح أوضحت في تصريح للصحفيين أن الفن ينبع من جمال الإنسان السوري، والمشاريع الفنية والثقافية التي تصبو إلى بناء الإنسان وحماية الهوية السورية عديدة ومتنوعة.

وأضافت إن الاهتمام بالمواهب وتنميتها واجب علينا في وزارة الثقافة فهو محفز ضروري للإبداع ويعكس ثقافة الحب والوجه الحضاري والتاريخي لسورية.

كما أعربت عن سعادتها بهذا التكريم الذي احتضنه البيت الأزرق الدمشقي الذي يجسد البساطة والتاريخ السوري العريق، مبينةً أن هذه المبادرة التي أطلقها طلاب الدكتور صابور تكريماً له وإجلالاً لما قدم وأبدع ستبقى خالدة في ذاكرته وذاكرتهم فهو إنسان محب ومتفان ومجتهد، ولا بد للبذار الطيبة التي كان يزرعها في نفوس طلابه وقلوبهم وعقولهم من أن يجني ثمارها، فقد عبد لهم الطريق ليعبروا بسلام نحن حلمهم وكان الأب والمربي والمعلم والملهم الذي رسم لهم خطوط الحلم الجميل ليمسكوا بريشتهم ويكملوا ما شرع به صابور.

وتابعت: أيضاً الدكتور نزار صابور قامة فنية كبيرة يجمع التقنية الحديثة بالفلسفة العميقة والإحساس المرهف متمنية له دوام الصحة والعافية ولطلابه النجاح والمستقبل الذي يتمنون، فهم طيبون ويحفظون الود وعبروا عن محبتهم للدكتور نزار عما زرعه فيهم.

وأشادت بالطلاب المشاركين وبوفائهم لأساتذتهم وبلدهم الذين يحفظون الحب ويحلمون به موضحة أنه حتى وإن غادرهم مدرساً لكنه موجود معهم بأسلوبه الفني بأفكاره التي نقلها إليهم وما يدل على ذلك هو رسوماتهم ولوحاتهم التي تحمل بين خطوطها وألوانها شيئاً من أعمال نزار.

الفن مرآة النفس

وفي تصريح خاص لـ«الوطن» أفاد أمين سر اتحاد الفنانين التشكيليين غسان غانم أنه من اللطيف أن يجني أحدنا ثمار بذاره التي بذل في غرسها وقتاً وجهداً كبيرين برفقة طلاب مجتهدين مبدعين محبين للحياة وأصحاب حلم ومشروع فني وفكري ومن الممتع أن يجد صابور هؤلاء المحبين فخورين بالتعاون الذي جمعه بهم أكاديمياً وفنياً ولاسيما أنه كان مشرفاً على أعمالهم ومتابعاً لمواهبهم التي تنمو بالممارسة والاهتمام.

وأشار إلى أن د. صابور من الأشخاص الأوفياء لمهنته وطلابه ولبلده وله عظيم الأثر في الفن التشكيلي، فهو صاحب أسلوب شفاف يعكس ما يجول في نفوسنا لأنه إنسان جميل ويرسم الجمال ويمزج بين الفكر والإنسان في لوحاته، فهو أخذ على عاتقه مهمة النهوض بالفن والاستمرار به والإمساك بيد المواهب الواعدة للوصول إلى بر النجاة.

الامتنان لغة الأوفياء

من جانبه المكرم الفنان نزار صابور أعرب عن سعادته الكبيرة بهذه المبادرة التي أطلقها طلابه ومحبيه، مبيناً أنه من يزرع الحب لا يجني إلا الحب والود وأنه لشعور عظيم لدى الفنان عندما يجد من يقدر تعبه وجهده ومثابرته في عمله ويسلط الضوء على إنجازاته وعمله لأن الفن يرسم ما لا تستطيع قوله ألسنتنا ولابد أن نحتفي به وبالقائمين عليه.

وأضاف: إن الامتنان كلمة مهمة في اللغة الإنسانية ضمن التواصل البشري تقوي علاقاتنا ببعضنا حيث إن كلمة أو ابتسامة تفرحنا مبيناً أن ناكر الجميل ليس منا.

وأشار إلى أن اللوحات التي قدمها المشاركون في المعرض كانت مميزة وأشار إلى أنه يملك إيماناً حقيقياً بقدرة الشباب وكفاءتهم وقدرتهم على المتابعة والتجديد.

كما أضاف: إن الكثير من طلابه الذين رغم مغادرتهم القطر مازالوا يتواصلون معه ويذكرونه في مجالسهم ويقدمون أعمالاً جميلة ومؤثرة ترفع لها القبعة.

وبين أنه كان يواظب على أن يزرع بداخل طلابه حب بلده في الوقت الذي كان فيه يعلمهم أن الفن درع ضد شرور العالم وهو أياد ممدودة للحياة والأمل والحلم الجميل.

وتابع أن الاستمرار في الفن والعطاء لن ينتهي بانتهاء عمله كمدرس في كلية الفنون الجميلة وإنما سيتابع مسيرته لأن الفن هو طريق الحياة والنجاة والفنان منخرط بالمجتمع والواقع وبالطبع ستعكس رسوماته ما يعيشه، فهو إنسان دائم الشعور بالحب ومرهف الإحساس تجاه قضايا وطنه ومجتمعه.

مبادرة جماعية

خريج كلية الفنون الجميلة علي مجر شارك بثلاث لوحات استوحى مضامينها من أسلوب صابور وفكره ومنهجه ومما تتلمذ عليه بين لـ«الوطن» أن هذه المبادرة تم التنسيق لها بشكل جماعي وهي ربما أقل ما يمكن أن نعبر عن امتناننا وحبنا لأستاذنا من خلالها بعد العطاء الذي امتد لعقود، موضحاً أن الدفعة الطلابية التي كان جزءاً منها هي آخر ما تتلمذت على يد الدكتور صابور، فكان لعلاقتهم به شيئاً من الخصوصية والإحساس المختلف، ونحن واجب له علينا أن نحتفي به ونترك بصمة عنده كتلك التي تركها فينا، وأضاف إن اللوحات التي رسمها ترتبط بشكل أو بآخر بالدكتور صابور وأغلبها ممن عمل عليها بالشراكة معه، انطلاقاً من الخطوط العريضة التي وضعها صابور، موضحاً أنه تعمد في لوحاته رسم الطيور المحلقة في السماء وهو ما كان يعتمده صابور كثيراً في لوحاته تجسيداً لقوة الإنسان في البقاء والتأقلم مع كل المتغيرات.

كما تضمن المعرض عرضاً لفيلم وثائقي فيه آراء لبعض النقاد والمهتمين بالشأن الفني والثقافي حول الدكتور صابور ومنهم سعد القاسم وفؤاد دحدوح وسائد سلوم وبعض من مسيرته الفنية، كما تم تخصيص صالة في المعرض عرض فيها مواد أرشيفية لبعض مؤلفاته والشهادات التي قدمت فيه من فنانين وصحفيين.

وكان من المشاركين في المعرض سائد سلوم ودلع جلنبو ويمنى السلاخ ويزن الغراوي ورنيم زرزر ولين عيناوي.

وقد ضم المعرض ٢٤ لوحة لـ١١ فناناً من طلاب وخريجي كلية الفنون الجميلة، وسيستمر حتى ٢٣ أيار الجاري.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن