شؤون محلية

الدواء الغالي كالغائب المفقود

| ميشيل خياط

يلح الطبيب على دواء ضغط من عيار معين.

بحثنا عنه في كثير من صيدليات دمشق فلم نعثر عليه.

يصر الطبيب أن مندوب الدعاية الطبية أكد له، أن المعمل طرحه في الأسواق.! كثر يعانون الآن من فقدان الأدوية لأمراض مختلفة. ولسان حال الصيادلة: مفقود…!

لم يمض زمن طويل على آخر زيادة على أسعار الأدوية المنتجة محليا، وتلك الزيادة غالبا ما تسبق بإبقاء الدواء في المستودعات أو عدم إنتاجه ريثما تتم الموافقة على زيادة أسعاره.

وكلما تحرك سعر الدولار، يتوقون إلى زيادة أسعار الدواء، علما أن لديهم مخزونا كبيراً من المادة الأولية ومن الأدوية في المستودعات التي تدوم صلاحيتها ثلاث سنوات.

إن أرباح مصانع الأدوية هائلة لأن إنتاجها غزير جداً (ملايين الحبوب والعبوات والأنبولات… الخ في اليوم الواحد) ومبيعاتها كبيرة جدا، بدليل كثرة الصيدليات في الحي الواحد والازدحام على أبوابها، ومن مؤشرات مردود مصانع الأدوية الممتاز، الإقبال الكبير على افتتاح المزيد منها (94 مصنعاً مرخصاً حتى الآن).

إن نسبة كبيرة من ذوي الأمراض المزمنة هم من المتقاعدين، وجلهم لا يتجاوز راتبهم المئة ألف ليرة سورية في الشهر، ويعاني هؤلاء من أمراض مزمنة في القلب والضغط الشرياني وداء السكري.

وغالباً ما يصابون بمرضين مزمنين على الأقل (وأشدد على الصفة -المزمن-) لأنها تعني أن على المريض استخدام الدواء مدى الحياة.

ومع ارتفاع أسعار الأدوية، وعدم توافرها بالكامل في المراكز الصحية -مجاناً- فإن راتب المتقاعد لم يعد يكفي لشراء كل الأدوية المطلوبة كل شهر.

وإذا كانت المعاناة مع غلاء الأدوية شديدة على المتقاعدين، فإنها لا تقتصر عليهم وحدهم، بل تشمل كل ذوي الدخل المحدود، حتى أولئك الذين يلجؤون إلى المشافي العامة للتداوي وإجراء العمليات الجراحية بأجور رحيمة، يطلب منهم اليوم شراء الأدوية من خارج المشفى.

أليس منطقياً أن نقول: إن من لا يملك ثمن الدواء الغالي، لا يهمه إذا كان موجوداً أم لا…؟؟

عندما أدخل صيدلية وأكتشف أنني لا أملك ثمن الدواء، أرجع خائباً، غير مكترث إذا كان هذا الدواء مفقوداً أم لا.

إذاً، لا خوف من تهديد أصحاب المصانع من الامتناع عن الإنتاج إلا بالأسعار التي تحقق لهم الربح والراحة والرحرحة. إن السعر المرتفع غير الشعبي يماثل فقدان الدواء وغيابه.

بديهي أن هذا الأمر خطير جداً إذ لا صحة بلا دواء، ويجب توفير الأدوية للفقراء -مجاناً- وهذا حال سورية قبل الحرب الظالمة عليها، أو طرحها بأسعار رحيمة تأخذ بعين النظر أجور ذوي الدخل المحدود..

صحيح أن بعض الأدوية مستوردة، واستناداً إلى تصريح لوزير الصحة أدلى به لجريدة «الوطن» مؤخراً فإن مؤسسة التجارة الخارجية أعلنت عن مناقصة لاستيراد أدوية لم يتقدم إليها أحد. (وغالباً ما تكون هذه الأدوية لعلاج الأورام الخبيثة أو مناعية لمن أجريت لهم عمليات زرع كلية أو مرضى التلاسيما… الخ).

لعل إخفاق المناقصة مرتبط أيضاً بالتغير السريع لسعر الدولار، وخوف المتعهد من الخسارة.

وهنا نعيد طرح السؤال: لماذا لا نتوجه شرقاً ونؤمن احتياجاتنا من جمهورية إيران الإسلامية، وهي متقدمة جداً في المجال الطبي وصناعة الأدوية، ولماذا لا نقصد الحليف الروسي ونستورد أدوية نوعية روسية علماً أن روسيا سبقت كل دول العالم في تصنيع أول لقاح مضاد لكورونا كمؤشر على تقدمها الطبي.

إن إيران وروسيا يصدران لنا بعيداً عن الدولار ومقابل سلع من إنتاجنا أو بالليرة السورية. وثمة اتفاقيات ناظمة لهذا الأمر: فعّلوها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن