تقوم المؤسسات في العـادة بتقييم سنوي لأداء العـاملين؛ بغـية تقديم مكافأة (Bonus) لهم بحسب درجاتهم.
ولكن اللافت أنّ النظم الدولية المتـّبعـة أضحت تلجأ لتقييم العـاملين لمديرهم أيضاً (سلوكه؛ إرشاداته؛ قدوته؛ وباختصار: هل هو «المدير» كما يجب أن يكون!).
أي: كما تدين تدان؛ وكما قال أحد المخضرمين في مهنة التعـليم؛ عـدد ونسبة وعـلامات ناجحي صف ما يعـكس جهود المدرس ومدى نجاحه/فشله في أداء مهمته…
نعـود للإدارة؛ فبالعـادة يتم تغـيير رأس الهرم (المدير) في الكثير من المؤسسات؛ كل عـدة سنوات. والعـادة المتبعـة لدينا؛ إمطار الجديد بوابل من النفاق (برقيات؛ زهور؛ هدايا.. والآن: كيل المديح في وسائل التواصل الاجتماعـي)؟ وغـاب عـنهم ماقال القدماء:لا تذم أو تشكر.. قبل سنة وتسعة أشهر!
دعـونا نستعـرض مهام المدير.. بالتعـريف إنه الشخص المنوط به التوثق من كون الآخرين يؤدون العـمل كما يجب؛ وفقا للخطة؛ لتنفيذ الأهداف المنصوص عـليها. وهو بحسب الغـرب الشخص الذي يعـيـّن ويطرد (Hire & Fire)؛ ويرشد العـاملين للأفضل؛ وبداية فهو من يعـيـّنهم؛ وأثناء عـملهم هو من يختار الوسائل الأفضل لتحفيزهم (عـصا وجزرة)!
بالعـادة هنالك مواصفات لتعـييـن مدير ما؛ وكان أول من عـاد للأسلوب العـلمي في اختيار المدير وزير الصناعـة الأسبق د. فؤاد عـيسى الجوني؛ فاعـتمد الكفاءة والخبرات ولكنه مشروع اندثر قبل أن يبصر النور؛ وعـدنا للوسائل التقليدية (أنتم أدرى) والتي تصيب مرة وقد تخطئ مرات!
قبل أسابيع؛ تم تعـيين رأس لهرم إحدى المؤسسات الإنتاجية الاقتصادية الكبرى؛ وقد أتى من أرضية أكاديمية بحتة؛ ولا خبرة له في الإدارة؛ ولا عـلم عـنده عـن ظروف تلك المؤسسة أو متاعـبها؛ فهلل لإنجازاته العـلمية كثيرون؛ ولكن تنبأ له العـارفون بالشأن الاقتصادي والإداري بفشل ذريع! (كما فشلت أسماء كبيرة سبقته).
إليكم هذه الأقصوصة؛ حكاها لي صديق حميم هو وزير أسبق: استلم الوزارة؛ هنأه أحد أصدقائه القدامى؛ وأحضر معـه نجله(شاب لامع؛ مهندس حديث التخرج)؛ ورجاه أن يعـيـّنه مديراً لإحدى مؤسسات تلك الوزارة – وما أكثرها- ؛ بعـد أسبوع؛ عـاد لزيارته معـاتباً؛ كونه لم يمثل للرجاء بتعـيين الشاب الطموح؛ هنا أجابه الوزير بصراحة (ابنك ممتاز؛ لا تشوبه شائبة! لو تقدّم لخطبة ابنتي؛ لما ترددت بقبوله كصهر؛ ولكن: موضوع «مدير عـام» بحث آخر)! وما أكثر ما يخلط الناس بين مواصفات مرشح لإدارة؛ وطالب القرب بنسب؟
أحد عـيوب المدير غـير الواثق من نفسه؛ أنه يبعـد الكفاءات ويقرّب الفاشلين كي يبرز عـند المقارنة؛ وهنالك صفة خبيثة أخرى أنه يفتح أذنيه للوشاة.
بادر المدير المرشح للوظيفة (أرغـب بشخص «ذي مسؤولية» لشغـل الوظيفة.. فما الذي تعـتقده بصفاتك؛ ما ينسجم مع رغـبتي؟). أجاب بفخر «في العـمل السابق؛ كلما حصل فشل في المشروع؛ حملوني مسؤوليته»!
هنالك المدير الأحمق؛ الذي أبلغـه مدير المعـلوماتية في المؤسسة أن الكمبيوتر الجديد سيخفـّض الحاجة للعـمالة بنسبة 50 بالمئة؛ فطلب شراء اثنين!
ولا ننسى المدير الذي لا تأثير له، خذوا هذه الطرفة: مدير مريض بالفراش لكنه أصر عـلى الذهاب للعـمل؛ لوجود اجتماع مهم.. فلما عـاتبته زوجته؛ أجاب «أخاف أن يكتشفوا أنّ العـمل يسير عـلى ما يرام – بدوني-»!
أخيراً؛ كان مضطجعـاً في فراشه متذمراً من إيقاظه باكراً؛ فقالت له» يجب أن تذهب للمدرسة؛ ستتأخر..»؛ أجاب بتذمر «لا أطيق المدرسة؛ وكلهم لا يحبونني هناك… أعـطيني سببا للذهاب..» أجابت «سأعـطيك ثلاثة أسباب: 1- أنت بالغ راشد؛ 2- الحافلة ستقلك خلال ربع ساعـة؛ 3- أنت: مدير المدرسة»!
وبعـد.. هل هنالك حاجة لزيادة؟!