قضايا وآراء

إستراتيجية التهدئة تثير جنون إسرائيل

| معتز خليل

عقب انتهاء عملية «ثأر الأحرار» الإسرائيلية على غزة بات من الواجب والفرض سؤال أنفسنا عما تحقق في هذه الحرب؟ وهل يمكن القول بأن العدو حقق أهدافه في تلك المعركة؟ وهل نجح «الجهاد الإسلامي» في تحقيق أهدافه العسكرية بضرب العمق الإسرائيلي؟

هناك الكثير من المعطيات التي يمكن استنتاجها جراء هذه العملية، لعل أبرزها حقيقة أن الانتظار والهدوء دوماً يثيران جنون إسرائيل.

وعقب استشهاد القيادي في حركة الجهاد الشيخ خضر عدنان، واعتداء الاحتلال على غزة، انتظرت الدوائر الإسرائيلية رد حركة الجهاد الإسلامي سواء بالعمليات العسكرية أو بالصواريخ، وهو الانتظار الذي طال عدة ساعات قبل قيام الحركة بضرب إسرائيل بالصواريخ لتشتعل المعركة على مدار خمسة أيام كاملة.

غير أن مرحلة الانتظار التي سبقت الحرب شهدت بعضاً من الظواهر الاستراتيجية التي يمكن تلخيصها في:

1- إصابة إسرائيل بالتوتر الجنوني وباتت تبحث عن الموقع الذي يمكن أن تبادر فيه حركة الجهاد بضربها رداً على استشهاد الشيخ خضر عدنان، والبعض توقع الجنوب اللبناني وآخرون توجسوا من بقية المواقع الأخرى لتشتعل إسرائيل توتراً.

2- جاء هذا التوتر ليدفع بالجيش الإسرائيلي إلى الإعلان عن حالة التعبئة العامة، وهو ما كبد إسرائيل خسائر مادية بالطبع وحمل خزينتها الكثير، وهو ما استغلته المعارضة الإسرائيلية الآن.

3- بات هناك رعب من الشبح الذي يمكن أن يطلقه «الجهاد الإسلامي» وصواريخه، الأمر الذي دفع إسرائيل بالدخول إلى ما يمكن وصفه بدوامة الرعب في انتظار ما سيأتي.

وفي هذا الصدد أتذكر ما قاله لي رئيس جهاز المخابرات العامة المصري الراحل اللواء فؤاد نصار، الذي اعترف لي بأن أحد أبرز الانتصارات على إسرائيل في حرب السادس من تشرين الأول، كان الهدوء، وهو الهدوء الذي تمتعت به القيادتان العسكرية المصرية والسورية مع بعضهما البعض، وقص لي الراحل فؤاد نصار أن القيادة السورية وقت حرب تشرين كانت تدرك تماماً أن الإسرائيليين دوماً يرغبون في الدخول للمواجهة المباشرة، ويجن جنونهم مع الهدوء الاستراتيجي الذي يصيبهم بالقلق وعدم التركيز.

وبالانتقال لمعركة «ثأر الأحرار» يجب الاعتراف بوجود خسائر تعرضت لها المقاومة، والتي تمثلت في استشهاد ١١ قيادياً من خيرة عناصر «الجهاد»، فضلاً عن وجود آثار تدميرية للبنية التحتية العسكرية للجهاد، صحيح أن المقاومة حققت انتصارات، ولكن في النهاية هناك خسائر يجب التطرق إليها ومناقشتها.

وفي هذا الإطار على المقاومة وجميع محاورها، التعلم مما جرى ودراسة تقديرات الموقف المتعلقة بسلوك الإسرائيليين على مدار الخمسة أيام السابقة، وكيف كان سلوكهم في الحرب وما قبل هذه الحرب وما بعدها الآن؟

والحقيقة الدامغة التي يجب الاعتراف بها أن الحرب مع دولة الاحتلال سيكون دوماً النصر الحاسم بها للجهة الأكثر صبراً، والأهدأ.

والأهم من هذا أيضاً أن إسرائيل ترغب دوماً في محاولة جذب العرب للمواجهة، وهي المواجهة التي تستخدم فيها إسرائيل أسلحتها، سواء العسكرية أو النفسية، والأخيرة كانت حاضرة بقوة في العدوان الأخير على غزة مع تكرار استهداف قيادات حركة الجهاد الإسلامي بدقة.

عموماً فإن الحقيقة الدامغة التي يمكن تعلمها في هذه الحرب أن الحرب النفسية وأسلحتها هي المجال أو القطاع الأهم في أي حرب مع إسرائيل، والأهم من هذا أن النصر سيكون حاسماً دوماً وحليفاً للجانب الأهدأ في المعركة العسكرية، التي يريد الاحتلال دوماً جر جماعات المقاومة إليها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن