عندما نبحث عن إشراق تخص ذواتنا، عن رحيق يروي ظمأ ورودنا، ويسأل عن أحوالنا: هل تَغير وجه الحياة في بساتينها؟! أصابَ اليباب بعض زيتونها، وبعض رمانها، وربما مواويل كانت تُطرب أيام زمان، أصاب وبلغة الاختصارات بعض مسمياتها، وبعض أسئلة تسأل بإلحاح: هل نستطيع أن نغير الزمن ونجعله يستجمع كل قواه ليتسم بنبض الإشراق، نبض الحياة.
هل تغيّر لون السنابل، أم إن الاصفرار يأتي في بعض أيامه، وكأنه يحمل الثقافة المعنوية للعطاء، ثقافة قمح الحياة، قمح التودد إلى ما نأمل به خيراً، تلك الثقافة نبتغي أن تكون الأقرب إلى لغات الإشراق والترميز التي تحتويه هذه اللغة بما يجعلنا نبحث عن إشراقات تخص فلسفة الزمن الذي ننتمي إليه، ننتمي إلى ضوء قرّرنا الاقتراب منه، قرّرنا أن نفلسف بعض أفكارنا، لعلّ بعض تلك الفلسفات تكون مسكنات تهدئ من أوجاعنا، أو تزيل الغمام ولو للحظات من دروبنا، من أمام ناظري ما ننظر به، ونبحث عن إشراقات وليدة أو تليدة، الأمر سيّان الأسماء والمسميات، إشراقة شجيراتها لا شرقية ولا غربية، وإنما يُعتمد على نور الثقافات النابع من هذه الإشراقة أو تلك، ونبحث عن ومضات طيبة الذكر والأنوار، طيبة الإبراق الفكريّ، ولو أبرقت على وجع، على مناداة ينادي التقرّب من إشراقات الحياة، إشراقات الزمن المأمول قدومه على حين غفلة من الأيام، قد نُسألُ عن أي من الإشراقات نتحدث، إذ لم نبحث عنها في قاع ذواتنا، هل يحقُّ لنا التحدثُ عن البحر والمحار ونحن جالسون على شط، هل يحقُّ لنا إذ لم نحرّك ساكناً؟! إذ لم نجد فنون الإرسال والتلقي، تلقي إشارات، وربما علامات، هل يحقُ لنا هذا إن لم نكن كلبيبٍ يفهم من الإشارة، ويُترجم كل لغات الحياة، والتعرجات الجزئية والكلية التي تحضر في سياق تقويمها المعترف به والدال عليه، الدال على كل إشراقة ونحوياتها، إذ كانت تقاوم صروف الدهر، وغير ممنوع من الصرف المأمول به خيراً؟!.
قد نكون بحاجة إلى أن نتعلّم فنون الإشراق، فنون الاقتباس من الألوان أجملها وأحلاها، فنون محاكاة الحياة بلغة الإقبال عليها بروح تفاؤلية المعنى والإنشاد، بروح تؤمن بأن الشمس ستشرق من جديد، ستشرق، ونشرق ولا نستكين إلا على حدود ما هو الأجمل والأبهى، نشرقُ ضمن التودد إلى فلسفات الإشراق، إشراقات دائمة الإشعاع، دائمة الاقتباس الضوئي والفكري، الاقتباس الذي يحمل الكثير من العناوين مسترحبة الأبعاد، واللحن القويم لنحويات الإشراق، واللعب على وتر ذلك الإشراق الذي يولد في النفس العارفة أولاً، النفس التي تحاكي الشروق وفلسفة الإشراق بألف من اللغات، بألف من المواعيد، لابدَّ أن تكون مشرقة الحياة، مشرقة الانتماء ومتميزة الإشراق الذهني، هذا التميز بمعناه الصحيح هو بمنزلة تفاصيل السرّ لكل الإشراقات التي نحلم بها، ونعمل على مجيئها إلى حيث نحن، إلى حيث ما زلنا متمسكين بعرا الإشراق، وكل المرادفات اللغوية لهذه الكلمة، ويبقى السؤال الأهم: كيف نبحث عن ثقافة الإشراق الدائم، وترميزها الثقافي والجمالي معاً؟.