إخفاقات سياسية وكارثة إنسانية في السودان بعد مرور شهر على الحرب … البرهان يقيل المدير العام للشرطة.. وحميدتي ينفي شائعة وفاته
| وكالات
رغم تجديد الهدنة لعدة مرات والمفاوضات القائمة في جدة، لا يزال السودان غارقاً في الحرب التي باتت تهدد حياة الملايين، وتنذر بتوسعها في المنطقة، ما يُثير قلق دول الجوار، وسط الأزمات التي تُعاني منها هي نفسها.
وحسب موقع «سكاي نيوز»، أصدر قائد الجيش السوداني، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، أمس الإثنين، قراراً بإعفاء المدير العام للشرطة، الفريق أول شرطة عنان عمر، وكلّف الفريق شرطة خالد محي الدين، مهام مدير عام قوات الشرطة في السودان.
جاء ذلك بعد يوم من قرار البرهان إعفاء حسين جنقول من منصبه كمحافظ لبنك السودان المركزي، وتعيين برعي أحمد بدلاً منه.
كما قام البرهان بتجميد حسابات قوات «الدعم السريع» وشركاتها في جميع البنوك بالسودان وفروعها في الخارج، ونص القرار على منع صرف أي استحقاقات أو ميزانيات مرصودة لـ«الدعم السريع».
من جانبه، نفى قائد قوات «الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو «حميدتي»، أمس، ما وصفه بالشائعات التي تحدثت عن مقتله، وقال في فيديو على حسابه الرسمي في «تويتر»: يعمل الانقلابيون على أسلوب نشر الشائعات الهدامة التي تهدف إلى تدمير السودان، يروجون لمقتلي وكل ذلك كذب، ويظهر أنهم يعانون الخسائر التي تلحق بهم.
وأكد قائد قوات «الدعم السريع» أنه بصحة جيدة، مشدداً على «نجاح المخططات العسكرية» الخاصة بقواته، التي تخوض اشتباكات مع قوات الجيش السوداني.
وندد دقلو بـ«تدمير الجيش للمواقع الحيوية والبنية التحتية والمصانع»، داعياً السودانيين إلى عدم الإصغاء للشائعات.
وأوقعت الحرب طرفي الصراع الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» أكثر من 750 قتيلاً وآلاف الجرحى، إضافة إلى قرابة مليون نازح ولاجئ.
وفي أحد أفقر بلدان العالم يعيش في جميع أنحاء السودان 45 مليون مواطن في الخوف ويعانون أزمات غذائية تصل إلى حدّ الجوع.
وثلث سكان البلاد الذين كانوا قبل الحرب يعتمدون على المساعدة الغذائية الدولية، أصبحوا اليوم محرومين منها، فمخازن المنظمات الإنسانية تمّ نهبها كما علقت العديد من هذه المنظمات عملها بعد مقتل 18 من موظفيها.
أصبحت السيولة المالية نادرة، فالبنوك التي تعرّض بعضها للنهب، لم تفتح أبوابها منذ 15 من نيسان، بينما سجلت الأسعار ارتفاعاً حاداً وصل إلى أربعة أضعاف بالنسبة للمواد الغذائية و20 ضعفاً بالنسبة للوقود.
ويعيش سكان الخرطوم الخمسة الملايين مختبئين في منازلهم في انتظار وقف إطلاق نار لم يتحقق حتى الآن، على حين تستمر الغارات الجوية والمعارك بالأسلحة الثقيلة ونيران المدفعية التي تطول حتى المستشفيات والمنازل.
ويجري الطرفان محادثات حول وقف إطلاق نار «إنساني»، في جدة بالسعودية، للسماح للمدنيين بالخروج وإتاحة المجال لدخول المساعدات، ولكنهما لم يتفقا حتى الآن إلا على قواعد إنسانية بشأن إجلاء المدنيين من مناطق القتال وتوفير ممرات آمنة لنقل المساعدات.
ويكرر الخبراء والدبلوماسيون أن كلّا من الجنرالين مقتنع بأنّه يستطيع حسم الأمر عسكرياً، موضحين أن لدى كل منهما عدداً كبيراً من الرجال ودعماً كبيراً من الخارج، وهذا ما يجعل الجنرالين يفضلان خوض نزاع طويل الأمد على تقديم تنازلات حول طاولة المفاوضات من أجل التوصل إلى تسوية.
والواقع أنه في كل مرة يتعهدان بوقف إطلاق نار، يخرقانه منذ الدقائق الأولى.
من جهته، قال محمد عثمان من منظمة «هيومن رايتس ووتش» لـ«فرانس برس» نتلقى تقارير بأن قناصين يطلقون النار على أي شخص يخرج من بيته، مضيفاً: إن أشخاصاً جرحوا في المعارك قبل أسبوعين يموتون في منازلهم» لأنهم لا يستطيعون الخروج منها.
وتقول منظمة «أطباء بلا حدود»: إن نازحي دارفور في المخيمات باتوا يأكلون وجبة واحدة يومياً بدلاً من ثلاث وجبات.
وحذرت الأمم المتحدة من أن الجوع سيطول 19 مليون سوداني في غضون ستة أشهر، إذا استمرت الحرب.
وكل يوم، يدخل آلاف اللاجئين إلى مصر وتشاد وإثيوبيا وجنوب السودان وهي الدول الحدودية مع السودان، ما يثير قلق القاهرة التي تعيش أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها، على حين تخشى الدول الأخرى أن تنتقل عدوى الحرب إلى حركات التمرد فيها.
ولم يعد هناك في الخرطوم مطار ولا أجانب بعدما تمّ إجلاؤهم جميعاً على عجل في الأيام الأولى للقتال، ولا مراكز تجارية إذ تعرضت كلها للنهب.
كما أغلقت الإدارات الحكومية «حتى إشعار آخر» ولم يتحدث الجنرالان إلا عن تبادل الاتهامات عبر وسائل الإعلام، وانتقلت بقايا الدولة إلى بورتسودان، على بعد 850 كيلومتراً شرقاً على ساحل البحر الأحمر.