قضايا وآراء

عودة «فضائي» الإقليم

| أحمد ضيف الله

بعد تصاعد حدة التوتر والاحتقان بين الحزبين الكرديين الرئيسيين، الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود البارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة بافل الطالباني على مدى أكثر من ستة أشهر، واتهام كل منهما الآخر بالخيانة والتبعية والعمالة للخارج، إلى الحد الذي اعتبر المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان جوتيار عادل في بيان له في الـ7 من نيسان الماضي، أن «الجهة السياسية التي يمثلها قوباد الطالباني تعرقل عمل الحكومة ومؤسساتها وجعلت الحكومة في السليمانية تحت سيطرة أجندة حزبه»، وبأن قوباد الطالباني تنصل «من المسؤولية ولا يلتزم بدوامه كنائب لرئيس الحكومة، لذلك فقوباد نائب فضائي لرئيس الوزراء ولا يحق له الحديث عن الحكومة». و«الفضائي» تعبير يستخدمه العراقيون للإشارة إلى موظف وهمي يتقاضى راتباً شهرياً، وهو لا عمل ولا جود له.

أعلن رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور البارزاني في بيان له في الـ8 من أيار 2023، أنه استقبل «في أجواء إيجابية» نائب رئيس الحكومة قوباد الطالباني، و«تم الاتفاق على حل جميع المشاكل من خلال الحوار والتعاون بين جميع الكتل الوزارية ضمن التشكيلة الحكومية».

بالمقابل، غرد نائب رئيس وزراء حكومة الإقليم قوباد الطالباني، قائلاً: إن «لقاء غداء ممتع ومثمر عقد اليوم مع رئيس الحكومة مسرور البارزاني»، مؤكداً أن الطرفين متوافقان في الاعتقاد بوجود إمكانية للتغلب على التحديات معاً، والعمل على خدمات أفضل للمواطنين.

إن الحديث عن جهود بذلها رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، ساهمت بإنهاء القطيعة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، ليس دقيقاً، إذ لم تصدر أي تصريحات أو بيانات أو إشارات تؤكد ذلك، وكل ما جرى أن رئيس إقليم كردستان نيجيرفان البارزاني، كان قد قال في معرض حديثه عن مقاطعة وزراء الاتحاد الوطني الكردستاني خلال ندوة حوارية ضمن أعمال منتدى العراق من أجل الاستقرار والازدهار في بغداد مساء الـ4 من أيار 2023: «أنا بنفسي طلبت وقلت لهم عودوا، ورئيس وزراء إقليم كردستان طلب ذلك أيضاً، وأدعو بغداد أيضاً لمساعدتنا في حل هذه المشكلة في أسرع وقت، ليعودوا إلى الحكومة، وإن كان عندهم ما يقولونه فليقولوه داخل المجلس، وأود أن يساعدنا دولة رئيس الوزراء العراقي أيضاً في حل هذه المشكلة»، وبالتالي فإن نيجيرفان طلب مساعدة السوداني، ولم يقل إن السوداني يبذل جهوداً في حل المشاكل بين الطرفين الكرديين المتصارعين.

دول غربية، ولشهور عدة، نشطت في التوسط وبنصح الطرفين الكرديين المتخاصمين بالجلوس معاً لحل خلافاتهما، إلا أن اليد المباركة في ذلك كانت لمساعدة وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط بربارا ليف.

زارت باربارا ليف العراق في الأول من أيار الجاري لأيام ثلاثة، وعقدت اجتماعات منفصلة مع كل من رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني ورئيسي الإقليم نيجيرفان البارزاني والحكومة مسرور البارزاني، ونائب رئيس الحكومة قوباد طالباني، وتم الاتفاق على أهمية «وحدة صف الأطراف الكردستانية وحل الخلافات الداخلية في إقليم كردستان»، و«ضرورة تنفيذ الاتفاقية المبرمة بين الأطراف السياسية في الإقليم»، بحسب مجمل البيانات الصادرة عن تلك اللقاءات. وقد أكدت رئيسة كتلة الجيل الجديد النيابية الكردية المعارضة سروة عبد الواحد في تغريدة لها في الـ9 من أيار الجاري، أن «الضغوط الدولية أثمرت عن لقاءٍ بين رئيس الحكومة المنتهية الصلاحية ونائبه»، مطالبة «المجتمع الدولي بالاستمرار في ضغطه على العائلات الحاكمة لإجراء الانتخابات» البرلمانية في إقليم كردستان.

«بركات» بربارا ليف، سبق أن ظهرت لدى زيارتها العراق خلال الفترة ما بين 4-8 أيلول 2022، فما إن دعت خلال لقاء مع عدد من الوسائل الإعلامية، قادة العراق إلى «اتخاذ القرار وجلوس جميع القيادات سواء أكان الحل من خلال حكومة انتقالية أم انتخابات جديدة أو حكومة جديدة»، حتى أعلن شركاء مقتدى الصدر في «تحالف إنقاذ وطن» آنذاك، الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة، رفضهم طلب الصدر تقديم استقالة جماعية لنوابهما، لإسقاط شرعية المجلس النيابي، معلنين التزامهما بتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات، تمهيداً لإجراء انتخابات نيابية مبكرة، بعد أن كانا يعرقلان ذلك.

إنهاء نائب رئيس حكومة الإقليم «الفضائي» مقاطعة اجتماعات الحكومة، وإيقاف الحملات الإعلامية المضادة بين الحزبين الكرديين الرئيسيين، كخطوة تمهيدية لتفكيك عُقد الخلافات بين الطرفين، لا ينهي حالة التنافر بينهما التي هي في جوهرها انعكاس طبيعي وحقيقي لحالة الانقسام السائدة في إقليم كردستان حول الإدارة ونظام الحكم وتقاسم السلطة ونهب الثروات العراقية، التي تعمقت مؤخراً بسبب اختلاف الرؤى بشأن انتخابات الدورة السادسة لبرلمان إقليم كردستان المقبلة، حول جملة من الملفات، كقانون الانتخابات، وسجلات الناخبين، وانتخاب مجلس جديد لمفوضية الانتخابات، وحصة «كوتا» المكونات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن