وظيفة أي حكومة أن تكون مع الفئات الضعيفة حتى ولو تنافى ذلك مع الأفكار النظرية، التي توجب أن تكون الحكومة عادلة حيث لا تنحاز إلى فئة اقتصادية من خلال قراراتها على حساب أي جهة أخرى.
فكرة العدل الحكومي ستكون بغير أدلجة، وهذا من الناحية النظرية ممكن لكنه من الناحية العملية يكاد يكون مستحيلاً.
فالحكومات في معظم بلاد العالم هي نتاج أحزاب تقوم على مبادئ وأفكار خاصة بها وهذه الأفكار تكون منحازة لمصلحة الفئات التي تمثلها.
إذا أردنا أن نتحدث عن الحكومات السورية فهي من الناحية الفكرية منحازة للفقراء وللطبقات العاملة وللفئات الأشد فقراً، وهو التعبير الذي علينا أن نعتاد عليه مستقبلاً وترجمته على أرض الواقع، لأن الحكومة لا تستطيع أن تدعم كل الفقراء وأنها ستركز انتباهها على الفئات الأشد فقراً.
لا شك بأن مثل توجهات كهذه لا تتخذها الحكومات وهي سعيدة، وكذلك لا تتخذها وهي تقصد التخلي عن الفقراء، لكنها تتعامل تحت عنوان: ليس بالإمكان أكثر مما كان، أو ربما تحت راية: مجبر أخاك لا بطل.
الفئات الأشد فقراً تزداد يوماً بعد يوم، وفي ضوء ذلك سيكون في لحظة أخرى استخدام تعبير آخر يعبر عن فئة جديدة بالمجتمع هي الأفقر من الأشد فقراً.
الملاحظ الآن أن رجال المال والأعمال لم تنخفض نسبتهم من المجتمع، وقد استطاع معظمهم النجاة خلال سني الحرب، وكان صوتهم عالياً في المطالب التي لا شك أنها ضمن الحقوق والمناخ الذي يسمح باستمرار العمل الاقتصادي.
ولا نقول إن الحكومات انحازت للأغنياء لأسباب غير عادلة، فهي وقعت تحت ضغط أن العجلة الاقتصادية في البلاد لا يمكنها الاستغناء عن طبقة رجال الأعمال، وهم إلى جانب أصواتهم العالية يملكون القدرة على التأثير في مسار العمل الاقتصادي في البلد.. بينما لا يمتلك الفقراء هذه القدرة، وهم متأثرون وليسوا فاعلين للدرجة التي يمكن أن يؤثروا من خلالها في العمل التجاري، وحتى عندما يطالب رجال الأعمال بزيادة رواتب الفقراء فذلك لزيادة قدراتهم الشرائية وتحريك الأسواق.
ماذا نريد الآن؟
ببساطة نحتاج إلى قرارات حكومية منحازة وبشكل واضح للفقراء.. وقبل اتخاذ أي قرار نسأل أنفسنا: هل هذا القرار يساعد الفقراء أم يضرهم أم يؤذيهم؟
العدل الحكومي هنا يتعلق بعدم المساواة بين الطبقات الاقتصادية بالمجتمع السوري.. العدل هنا بالانحياز المطلق للفقراء.
أقوال:
-لا يكلف تحقيق العدالة سوى ضميرٍ صاح.
أن تعطي كل ذي حقٍ حقه، ليس كرامةً منك لكنه واجبٌ عليك.
-المساواة المتطرفة، في كثير من الأحيان ظلم.
– إذا وافق الحق الهوى، فهو ألذ من مذاق العسل.
– يجب ألا يوجد بين المواطنين لا الفقر المدقع ولا الثروة المفرطة لأن كليهما ينتج شراً عظيماً.