ثقافة وفن

د. خليل موسى.. الإسلام وثورته

| إسماعيل مروة

كانت آخر مرة يجلس فيها صديقي الدكتور خليل موسى رحمه الله على منبر في تكريم المبدعة الروائية قمر كيلاني بعد رحيلها، وعلى الرغم من مرضه لم يشأ الدكتور موسى ألا يشارك في قراءة أعمالها الروائية، وكانت المرة الوحيدة التي أشارك فيها الدكتور موسى لقاء منبرياً، جمعتنا صداقة طيبة، وهو بمنزلة أساتذتي، وإن لم أشرف بالدراسة على يديه، قرأت كتبه ومقالاته وأفدت منها فوائد جمة تجعله بمنزلة الأستاذ على الحقيقة، وحين رحل الدكتور موسى أسفت لرحيله، وأسفت لأن ما أعرفه عنه لا يؤهلني للكتابة عنه..!
بالأمس رأيت أوراقاً أعدّها الدكتور موسى أبحاثاً، ولكن الغيرة والأنانية حجبت الأوراق، ورحل الدكتور خليل قبل أن ترى النور، ورأيت من لا يتفق معه يأسف لأن هذه الأبحاث الجليلة حجبت بمكيدة! لا أستطيع الحديث عن هذا الموضوع لأنه وصل إلى سمعي، ورأيت ما رأيت، والمعني بالموضوع لا يدري أنني أخذت معلومة!
تذكرت الدكتور خليل ودماثته ولطفه، وكيف كان- حسب ما حدثني- بين مجموعة من الأساتذة الذين ذهبوا إلى دولة خليجية إعارة، وحين علموا أنه لا يتفق معهم في العقيدة حافظوا عليه على غير عادتهم لعلمه ولطفه وسعة أفقه ونظرته التسامحية، وجدد عقده أكثر من مرة، وحاولوا الاحتفاظ به وبعلمه، ولو لم يشأ العودة لبقي طويلاً هناك، في الوقت الذي لم يبق كثيرون أياماً!!
أذكر هذا والدكتور موسى كان يفاخر به، ويقول: ذهبت لتدريس الأدب والنقد لا العقيدة، ويذكره ليشهد بأن الأحكام ليست كما يرويها الآخرون، والمشكلة في طرفين لا طرف واحد..!
في اليوم نفسه الذي رأيت أبحاثه جمعتني المصادفة بالعميد ناجي النمير، ومن دون أي مسوغ ذكر الدكتور موسى وترحم عليه.. أصخت السمع، فإذا بأبي تركي يروي كيف كان درس الدكتور موسى باللغة العربية، وذكر أنه عام 1988 كان الدكتور يلقي عليهم درساً في الحادي عشر، وكتب على السبورة (الإسلام ثورة) ما أثار استهجان الطلبة من المسلمين لأن يصف الإسلام بالثورة، ومن المسيحيين لأنهم رأوا إجلالاً للإسلام، فتابع الدكتور: ليس ما فهمتم ما أعنيه، ما أعنيه أن الإسلام كان ثورة فيما يريد الوصول إليه وتحقيقه.. وتابع الحديث الذي يجل الأستاذ وفهمه ومعرفته، وتحسر على خسارته وهو في قمة العطاء.. كان يتابع حديثه، بينما تاهت نفسي استغراباً، فالدكتور خليل موسى له طلاب من أساتذة الجامعة اليوم، وهو شاعر وناقد وباحث، كتب الكثير، ولم يعمل أحدهم على جمع ما كتبه، ولم يعمل أحدهم على تكريمه أو المحاضرة عنه! فإذا كان الرجل بهذه الغزارة والموسوعية، وكرّم الجميع وكتب عن الكثيرين لا يحظى بمن يسترجع ذكراه فماذا نؤمل؟!
أستاذنا الدكتور خليل موسى كنت طيباً على الدوام، محباً للجميع، لا تبتئس إن جحد فضلك الجاحدون والمقربون، ولا تستغرب أن يسرق أبحاثك اللصوص، فما أشعلته من شمع لم ينطفئ وإلى روحك الطيبة الكثير من الورد والطيوب فيما أردت الوصول إليه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن