نادين خوري: الراحل مدرسة عريقة وأعماله تسكن الذاكرة.. عارف الطويل: كان يشجع المواهب ويتعامل مع فريق عمله بطابعه الإنساني … حشود فنية وشعبية غفيرة في وداع المخرج الكبير هشام شربتجي
| مايا سلامي - مصعب أيوب - تصوير: طارق السعدوني
خيمت حالة من الحزن على الأوساط الفنية والثقافية والشعبية السورية والعربية برحيل المخرج الكبير هشام شربتجي الذي فارق الحياة صباح الثلاثاء متأثراً بمرضه.
«ابن الشام» ودّع مدينته المحبوبة بعدما جال جثمانه شوارعها وحاراتها قبل أن يوارى ثراها بحضور فني وشعبي كبير.
وشيع جثمان الراحل أمس الأربعاء من مستشفى المواساة الخيري في دمشق، وحُمل على الأكتاف حتى جامع المزة الكبير حيث صلت الحشود على جثمانه، قبل أن يجول الموكب أرجاء دمشق ويتوقف في ساحة الأمويين ليودع الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون التي انطلق منها إلى النجومية ثم ووري الثرى في مقبرة باب الصغير.
«الوطن» حضرت التشييع وحصدت آراء بعض الفنانين في التقرير التالي:
معلم وأب
بيّنت نادين خوري أن رحيل هشام شربتجي خسارة عظيمة وكبيرة للمكتبة الدرامية السورية التي أغناها الكثير من أعماله الكوميدية والتراجيدية، حيث استطاع تقديم هذين النوعين المتناقضين بحرفية عالية، وعمل على إضحاك المشاهد وإبكائه في آن واحد، وهو ما يندر أن نجده في شخص واحد، مشيرة إلى أن الراحل كان مدرسة عريقة، وأعماله الرائعة تسكن الذاكرة، وإنه لشرف عظيم لي أني شاركت في أعماله بمسلسلات عدة.
وشددت أن الراحل كان معلماً وأباً روحياً لفريق أي عمل يقوم بإخراجه، فقد علمنا الكثير وأغنى ثقافتنا. وتابعت إنه من حسن حظها أنه عند دخولها عالم الفن كان شربتجي من أوائل من عملت تحت إشرافهم.
أستاذ البدايات
وأشار عارف الطويل إلى أن الراحل كان أستاذ البدايات، ونحن الفنانون بالنسبة لنا البداية هي المحطة الأساسية لنا لأننا ننطلق منها، لا يمكن لي أن أنسى تلك البدايات الجميلة والذكريات الممتعة.
وأوضح أن معظم النجوم الذين نراهم اليوم في أرجاء الوطن العربي انطلقوا مع الأستاذ هشام شربتجي في الأعمال الجميلة والراقية، وخاصة الكوميديا المميزة جداً، فالراحل كان يشجع المواهب ويتعامل مع فريق عمله بطابعه الإنساني أولاً وكان يبث الروح الإيجابية بين العاملين أثناء التصوير ولذلك سيبقى ذكره وأثره خالداً.
أحد الأهرامات
رئيس لجنة صناعة السينما والتلفزيون علي عنيز قال: إنه من المؤسف رحيل أحد أهرامات الدراما السورية الذي سيبقى مكانه فارغاً، مبيناً أن الراحل صاحب الفرحة وصانع الابتسامة لمعظم السوريين، وتوجه بكامل العزاء لأسرته ومحبيه وللدراما السورية ككل، واصفاً رحيل الكبار بالمؤلم جداً، فهو رحل جسداً وسيبقى معنا بأعماله وإرثه.
التفاصيل الصغيرة
وأكد زهير عبد الكريم أن الكلمات تعجز عن الوصف في هذا الموقف بفقدان هذه القامة الكبيرة، فهشام شربتجي شيخ الكار وشيخ الفنانين والموسيقيين وكل شيء لأنه مبدع أينما حل.
وأضاف إن الراحل كان يهتم بتفاصيل الأعمال كثيراً ويخرج العمل للمتلقي وكأنه ابن المنطقة وعاش فيها من شدة تركيزه على التفاصيل الصغيرة، وهو أستاذ عظيم بكل معنى الكلمة وأكاديمي محترف وقد تخرجت على يديه أجيال كثيرة، وأولاد الراحل أخذوا على عاتقهم متابعة مسيرة والدهم وحملوا شعلته وتمنى أن يكونوا بكفاءة أبيهم
مؤثرة وراسخة
وأكد علاء قاسم أن أعمال الراحل كانت وما زالت مؤثرة فينا، وما يدل على نجاحها أنها مازالت مؤثرة وراسخة في أذهان الجمهور ويُضرب بها المثل ويكرر مشاهدتها بين الحين والآخر رغم مرور عشرات السنين على إنتاجها على الرغم من الهجوم التكنولوجي وسيطرة وسائل التواصل الاجتماعي.
ورأى أن الخسارة كبيرة والمصاب عظيم لأنه أحد أعمدة الدراما السورية، ونأمل أن يتابع أولاده مسيرته.
قامة كبيرة
وقال محمد حداقي إن الراحل قامة فنية كبيرة ولا يمكن أن نختزل إنتاجها في دقائق، ولكن جميعنا يعرف فضله وما قدم للفن ولزملائه وشركائه في مسلسلاته، فمعظم من نراهم اليوم نجوم كبار في فضاء الفن من فنانين ومخرجين قد تتلمذوا على يديه وكان صاحب بصمة واضحة في مسيرتهم.
صاحب بصمة
وأوضح ميلاد يوسف أن الجميع أصبح بعيداً عن عائلته ومجتمعه وأصحابه ونحن بحاجة لنكون قريبين من بعضنا ولاسيما بعد الحال الذي صرنا إليه من سفر ومرض ومواقع تواصل، فبات كل في مكان وزمان بعيدين تماماً عن الآخر، وهو ما يجعل تلقي خبر رحيل أحدهم صدمة كبيرة وخصوصاً إذا كان صاحب بصمة في تاريخ الدراما وأحد أهم روادها، وبالتالي ستشعر بحرقة في قلبك وغصة شديدة لأنه بطبيعة الحال شيء محزن.
وأكد أن الأحزان خيمت على الدراما بشكل كبير مؤخراً وهو من يجمع هؤلاء الفنانين، وتساءل: لماذا لا نجتمع ونلتقي إلا أثناء الموت؟.
تجربة مهمة
مدير المعهد العالي للفنون المسرحية د. تامر العربيد أشار إلى أننا نشعر اليوم بهالة كبيرة من الفقد والخسارة برحيل قامة كبيرة ومخرج عظيم مثل هشام شربتجي، فهو صاحب تجربة مهمة وصاحب مشروع فكري وفني، لكن ما يعزينا هو الإرث الكبير والمهم الذي تركه الراحل، وكذلك أولاده الذين سيكملون ما بدأه الراحل، وقد كان له دور مهم في كل مفاصل الفن والدراما بداية بالإذاعة ونهاية بالتلفزيون وأعماله ارتبطت بذاكرة جيل لفترة كبيرة من الوقت، وأنا الآن أعزي نفسي وأعزي الجميع برحيل أحد العلامات الفارقة في المشروع الإبداعي وفي الدراما السورية.
خسارة كبيرة
وبيّن جمال العلي أن الكلام يكاد ينحسر في هذا الموقف ولا يمكننا إلا أن نقول رحم اللـه الأستاذ هشام شربتجي وألهم أهله الصبر والسلوان، فهو خسارة كبيرة لنا وللوطن كله ولأهله وعائلته وأولاده وخسارة كبيرة لي أنا تحديداً، هو صاحب فضل كبير عليّ، وكان العون والسند والداعم لي في البدايات وعلمنا الكثير والكثير.
مصاب جلل
غسان عزب بين أن مصابنا جلل بخسارة رجل وقامة بحجم هشام شربتجي، فهو شيخ الكار في الدراما السورية وقد تصدى للأعمال الكوميدية التي نحتاجها دائماً والتي غابت عنا مؤخراً فهو صانع الفرح وراسم الابتسامة.
وقال إن الراحل كان يثري العمل بملاحظاته ويضيف له الكثير، مبيناً أن مشاركته في العمل الأخير الذي أخرجه الراحل كانت يفترض أنها مشاهد قصيرة وسيحل ضيفاً فيها، لكن الراحل أضاف للشخصية الكثير فبدت وكأنها محورية في العمل وتحرك الأحداث ولا يقل وجودها عن وجود باقي الشخصيات والفضل كله يعود للأستاذ هشام شربتجي.
وأوضح أن أولاده شاركوا في مسلسل «أزمة عائلية» ببعض المشاهد ومما لا ينساه قول الراحل له في أيام التصوير: «هؤلاء أولادي كما هم أولادك».