قضايا وآراء

عودة كييف لورقة الانشقاق الأرثوذكسي

| رزوق الغاوي

على غرار السلوك الصهيوني تجاه الأماكن المقدسة في القدس المحتلة والمحاولات الرامية للنيل مما تمثله من رموز تاريخية حضارية، تواصل النازية الأوكرانية المدعومة من الغرب الأطلسي والصهيونية المجرمة، ممارسة السلوك ذاته تجاه الكنيسة الأرثوذكسية وشرذمتها وتدميرها لاحقاً عبر انشقاق الكنيسة الأوكرانية عن الكنيسة الروسية، على خلفية سياسية أطلسية واضحة ومكشوفة للجميع.

في السياق رصدت وسائل إعلام ومواقع تواصل إلكترونية قيام أجهزة الأمن والشرطة الأوكرانية مؤخراً بمحاصرة محمية «كييف بيتشيرسكايا لافرا الثقافية التاريخية» التي تضم «دير كييف بيشيرسك لافرا»، ومنع المصلين من دخول كنيسة الدير لأداء الصلاة فيها والتضييق عليهم، بينما يتمترس مئات القساوسة والرهبان والطلاب داخل المحمية وديرها التاريخي بسبب رفضهم الانشقاق عن الكنيسة الروسية والتمسك بوحدتها والمحافظة على انتمائهم التاريخي إليها، ما أدى لقيام السلطات الأوكرانية باعتقال نائب رئيس كنيسة «كييف بيشيرسكايا لافرا» الميتروبوليت بافيل ووضعه قيد الإقامة الجبرية في محاولة لترويع وزرع الرعب في نفوس المواطنين الأوكرانيين المناهضين لعملية رهن البلاد لإرادة الغرب الأطلسي.

وترى الدوائر الدولية المتابعة لما يشهده الداخل الأوكراني من تعقيدات جراء السياسة الأوكرانية المرتهنة للغرب المتصهين والنازية المعاصرة، أن نظام كييف الذي يعيش حالة متقدمة من الارتباك وعدم التوازن، لم يعد يدرك الكيفية التي من شأنها إخراجه من أزماته المتلاحقة، ما دفعه للعودة مرة جديدة للهروب إلى الأمام والتمادي في لعبة الانشقاق عن الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، وصولاً إلى إضعاف البنية الوطنية في البلاد وإحكام القبضة الحديدية على الشارع الأوكراني وتشتيت وتفتيت قدراته على التصدي للسياسة الغربية التي تلعب بمصير الشعب الأوكراني خدمة للرأسمالية المتوحشة والإستراتيجية الأطلسية.

و«دير كييف بيتشيرسك لافرا» هو دير مسيحي أرثوذكسي شرقي تاريخي أطلق اسمه على أحد الأحياء في قلب مدينة كييف، وهو أول وأقدم دير للرهبان في أوكرانيا، حيث تم بناؤه عام 1051 فوق مرتفعٍ يطل على نهر دنيبر، على أيدي مهندسين معماريين من القسطنطينية، ليصبح مركزًا بارزاً للمسيحية الأرثوذكسية الشرقية في أوروبا الشرقية، متميزاً بتصميم معماري باروكي جعله واحداً من أهم معالم المدينة، بل واحداً من أبرز التحف المعمارية في أوروبا، حيث القباب الذهبية الشاهقة والجدران المزخرفة والأسقف المقوسة المزينة بالفسيفساء، على حين تقع محمية «كييف – بيتشيرسك لافرا» التاريخية والثقافية بالقرب من الدير وتعتبر واحدة من أهم المعالم والوجهات التي تستهوي المواطنين والسياح الأجانب على حدٍ سواء، إذ تُعتبر بمنزلة مُجَمَّعٍ متحفي ضخمٍ يضم مجموعة من الكنائس والمتاحف والمباني التاريخية والآثار والكنوز والمجوهرات القيّمة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن