شهد محيط مطار طرابلس الدولي في ليبيا توترات وذلك في ظل تحشيدات للمجموعات المسلحة والميليشيات التي تتصارع من أجل السيطرة على المطار الذي تجري عملية صيانته بعدما ظل معطلاً منذ العام 2014.
وحسب وكالة «سبوتنيك»، جاءت تلك التحشيدات بعد أيام من زيارة السفير الإيطالي لدى ليبيا غوزيبي بوتشينو، المطار لمتابعة أعمال الصيانة التي ينفذها ائتلاف الشركات الإيطالية «إينياس»، حيث توقع الانتهاء منها خلال العام 2024، وأشاد بـ«التقدم المشجع» للأعمال التي بدأت في شباط الماضي.
وبمجرد اكتمال المطار الواقع جنوب العاصمة طرابلس، سيكون قادراً على خدمة أكثر من 6,5 ملايين مسافر سنوياً، وذلك بعد الانتهاء من بناء صالتين به على مساحة 30 ألف متر مربع، إحداهما محلية والأخرى دولية، إضافة إلى استكمال جميع المرافق الأخرى، وقد تعطلت أعمال صيانته عدة مرات منذ العام 2014، بسبب النزاعات التي شهدتها البلاد.
وبدأت شرارة الأزمة بعد تكليف «ميليشيا 111» وما يسمى «قوة دعم المديريات» بأعمال تأمين المطار، والمجموعتان تتبعان بشكل مباشر للميليشياوي المنتمي لمدينة مصراتة عبد السلام الزوبي، وهو الأمر الذي لم يعجب المجموعات المسلحة الأخرى.
وتحالفت ميليشيا «دعم الاستقرار» التي يقودها عبد الغني الككلي مع مجموعات مسلحة من مدينتي الزنتان والزاوية، حيث وصلت أرتالهم خلال الساعات الماضية إلى طريق المطار، قبل أن يتمركزوا في «معسكر 77» القريب.
وحسب مصدر لـ«سبوتنيك»، توافقت ميليشيا الردع و«اللواء 444» على التنسيق معاً في هذه الملف، حيث تمركزت قواتهم في منطقة قصر بن غشير، وعلى بعد مئات الأمتار من المطار، ورغم أنهما المجموعتان المسلحتان الأقوى في المشهد، إلا أن الخلافات الموجودة بينهما على خلفية احتجاز عناصر، تجعله التحالف الأكثر هشاشة، وفق المصادر التي تشير إلى أن كل طرف يتحين الفرصة من أجل انتزاع السيطرة على المطار.
وألمح رئيس الأركان العامة التابعة للمجلس الرئاسي الفريق محمد الحداد إلى تلك التوترات، خلال اجتماع للحكومة المنتهية الولاية بقيادة عبد الحميد الدبيبة، حيث قال إن الوضع الأمني في محيط طرابلس «غير مسيطر عليه».
وتناول الحداد في حديثه «مشكلة التشكيلات الموازية للجيش والشرطة»، وأزمة «الشباب المسلحين»، والحاجة إلى إعادة دمجهم ودفعهم إلى ترك السلاح، مشيراً إلى افتقار تلك التشكيلات الموازية للانضباط خلال محاولتها لعب دور الأجهزة الأمنية، وسعيها إلى توفير موارد لها بأي طريقة.
وتتصارع الميليشيات حالياً على «كعكة» تأمين الائتلاف الإيطالي المنوط به أعمال صيانة المطار، ومن ثم تأمين المرفق الحيوي نفسه، وما سيترتب على ذلك من عوائد ومكافآت لمصلحة المجموعة التي ستتمكن من الظفر به، كما يشير الباحث السياسي الليبي محمد قشوط، حيث زادت التوترات في تلك المنطقة مع بدء الأعمال.
وحسب الحداد، فإن دوافع الصراع لا تتوقف على الجانب المادي فقط، فهناك طرف متمثل في ميليشيا الردع، التي لا ترغب في أن يعود مطار طرابلس إلى العمل مجدداً، لأنه سيفقدها نقطة قوة إستراتيجية وهي أنها تسيطر على مطار معيتيقة الدولي وهو المطار الوحيد الذي يخدم طرابلس الكبرى، وفق قشوط، وبذلك ستخسر نفوذها الكبير، وهو ما لا يمكن أن تقبل به.