اقتصاد

ما هي سلة العملات وما سبب ارتباطها بأسعار الصرف؟ … د. أسد لـ«الوطن»: تختار الدول سلة عملاتها حسب حجم تجارتها الخارجية

| نوار هيفا

يراهن كثير من خبراء الاقتصاد على تبدل ينتظر سلة العملات العالمية، وقد يشهد النقد العالمي بروز عملات جديدة في التداول يرافقه تراجع في عملة السلة الأساسية ألا وهي الدولار الأميركي، وخاصة بعد تذبذب أسعار الفائدة الخاصة بعملة الدولار في البنوك الأميركية وإعلان إفلاس بعضها.

الدكتور في الاقتصاد والأستاذ في المعهد الوطني للإدارة العامة أيهم أسد اعتبر أن نظام ربط العملة الوطنية بسلة عملات أحد الأنظمة النقدية التي تطبقها البنوك المركزية حول العالم، وُجد من أجل الحفاظ على قيمة العملة الوطنية، وينتمي نظام الربط بسلة عملات إلى أنظمة الصرف الثابتة.

وأشار إلى أن هناك نظام ربط العملة المحلية بعملة واحدة فقط كأن تحدد دولة معينة سعر صرف عملتها مقابل الدولار بطريقة ثابتة ولا تسمح له بالتحرك أبداً وهذا معناه أن سعر صرف العملة الوطنية مرتبط بنسبة 100بالمئة بعملة واحدة فقط.

وبين أسد أن بعض البنوك المركزية تلجأ إلى ربط عملاتها بسلة مختارة من العملات لا بعملة واحدة، وذلك لينعكس سعر الصرف على العلاقات التجارية الخارجية الحقيقية للدولة عن أهم الشركاء التجاريين، إضافة لتقليل الدولة من مخاطر تقلبات سعر الصرف في حال ربطها لعملتها بعملة واحدة فقط.

وعن آلية اختيار سلة العملات للدولة الراغبة بربط عملتها بالسلة، أوضح أنه يتم حساب حجم تجارتها الخارجية مع أهم الدول أصحاب العملات الدولية الأساسية بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي (الصادرات + الواردات / الناتج المحلي الإجمالي) وذلك بالنسبة لإجمالي حجم تجارتها الخارجية كله، لكن يتم اختيار عملات السلة حسب العملات الأساسية المعتمدة في التبادل الدولي والمحددة من صندوق النقد الدولي وهي الدولار واليورو واليوان والين والجنيه الإسترليني (سلة عملات عالمية)، مضيفاً: إن صندوق النقد الدولي يقوم بمراجعة عملات السلة كل خمس سنوات تقريباً لإضافة أو حذف عملات دولية منها أو لتغيير أوزانها النسبية في السلة (كانت آخر مراجعة في تموز 2022 وبدأ تطبيقها في آب من العام ذاته).

أما عن تأثير التجارة الخارجية بسلة العملات، استحضر د. أسد مثالاً أنه إذا كانت تجارة الدولة الخارجية مع أميركا تمثل 40 بالمئة من إجمالي تجارتها فإن تأثير الدولار في عملتها الوطنية سيكون مرتبطاً بنسبة 40 بالمئة أيضاً، وإذا كانت تجارة الدولة الخارجية مع الاتحاد الأوروبي تمثل 30 بالمئة فإن تأثير اليورو في عملتها الوطنية سيكون مرتبطاً بنسبة 30 بالمئة وهكذا بالنسبة لبقية العملات المختارة في السلة، ومعنى ذلك أن تغير سعر صرف العملة لم يعد مرتبطاً بشكل كامل بالدولار فقط ولا باليورو فقط ولا باليوان الصيني فقط وإنما بنسب محددة من تلك العملات مجتمعة، وتقوم البنوك المركزية بشكل دوري وبناء على معطيات أسعار صرف كل عملة بتحديد سعر عملتها الوطنية بموجب الأوزان النسبية لعملات السلة وبموجب تحليلات فنية خاصة بالمصارف المركزية.

وعن تكهنات خبراء الاقتصاد حول انهيار الدولار كعملة دولية، استبعد أسد الحديث عن انهيار الدولار كعملة دولية من وجهة النظر الاقتصادية البحتة، ويعود سبب ذلك إلى أن مركزية الدولار الأميركي كعملة دولية لا ترتبط بقوة الاقتصاد الأميركي فقط، وإنما بمجموعة معقدة من العوامل التاريخية والراهنة الأخرى التي ثبتت مركزية الدولار كعملة عالمية ومن أبرز تلك العوامل: «قوة الاقتصاد الأميركي ذاته وتفوقه التكنولوجي، سيطرة أميركا على أهم المؤسسات الاقتصادية العالمية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية، القوة العسكرية الأميركية العالمية وحضورها المباشر على الأرض في أغلب دول العالم من خلال القواعد العسكرية والقدرة على التدخل العسكري المباشر، قوة السياسة الخارجية الأميركية وقدرتها على التحكم بملفات عالمية كبرى، قوة الثقافة الأميركية وانتشارها على المستوى العالمي»، مبيناً أنه بالتالي فإن للدولار حوامل اقتصادية وسياسية وعسكرية وثقافية ومؤسسية لا تتوافر لدى أي من العملات الأخرى في العالم حتى الآن، ومن هنا لا يمكن الحديث عن انهيار الدولار كعملة عالمية وظهور بديل جديد له إلا في حال تغيرت حوامل العملة السابقة كافة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن