الرئيس الأسد من جدة.. سورية قلب العروبة وفي قلبها … مصدر سوري لـ«الوطن»: لقاء الرئيس الأسد وولي العهد السعودي محمد بن سلمان أكثر من ممتاز وسيفتح آفاقاً جديدة بين البلدين
| جدة - الوطن
على اتفاق عربي غير مسبوق، اختتم القادة العرب قمتهم في جدة السعودية أمس، وتسيد حضور الرئيس بشار الأسد وحفاوة استقباله ومعها المواقف السياسية التي أطلقها من على المنصة السورية هناك كل العناوين.
قمة «التجديد والتغيير» حققت أهدافها كما أراد منظموها، فبدا المشهد العربي القادم من جدة على نحو مغاير لما اعتدناه خلال عقد من الزمن وأكثر، لتسجل عدسات الإعلام أول مصافحة بين الرئيس الأسد وولي العهد السعودي محمد بن سلمان بعد سنوات من القطيعة بين دمشق والرياض، وتعيد تحية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للرئيس الأسد التذكير بثوابت التاريخ.
ترقب خطوات الرئيس الأسد الأولى باتجاه جلوسه على مقعد سورية من جديد، لم يكن أقل أهمية من ترقب كلمته المنتظرة، والتي وجه فيها رسائل سورية السياسية، مذكراً بأن سورية هي قلب العروبة وفي قلبها، وبالفرصة التاريخية التي يمنحها اليوم تبدل الوضع الدولي للعرب، لإعادة ترتيب شؤونهم الداخلية بأقل قدر من التدخل الأجنبي، ولترسيخ ثقافتنا في مواجهة الذوبان القادم مع الليبرالية الحديثة التي تستهدف الانتماءات الفطرية للإنسان وتجرده من أخلاقه وهويته.
ولم ينسَ الرئيس الأسد التذكير بأن العناوين كثيرة اليوم لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، فهي لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً بحق الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند خطر الفكر العثماني التوسعي المطعم بنكهة إخوانية منحرفة، ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، فهنا يأتي دور جامعة الدول العربية باعتبارها المنصة الطبيعية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها عبر مراجعة الميثاق والنظام الداخلي وتطوير آلياتها كي تتماشى مع العصر، فالعمل العربي المشترك بحاجة لرؤى وإستراتيجيات وأهداف مشتركة نحولها لاحقاً إلى خطط تنفيذية، بحاجة لسياسة موحدة ومبادئ ثابتة وآليات وضوابط واضحة عندها سننتقل من رد الفعل إلى استباق الأحداث وستكون الجامعة متنفساً في حالة الحصار لا شريكاً به، ملجأً من العدوان لا منصة له.
كلمات رؤساء الوفود العربية في القمة أجمعت على الترحيب بعودة سورية، ليؤكد رئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبد الرحمن والذي كانت بلاده ترأس القمة العربية السابقة، أن شعار القمة الـ31 التي استضافتها الجزائر «لم الشمل»، تجسد باستعادة سورية مكانها الطبيعي في جامعة الدول العربية بفضل الجهود الدؤوبة التي بذلت، وليعبر ولي العهد السعودي في كلمته التي ألقاها نيابة عن الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود عن سرور بلاده بحضور الرئيس بشار الأسد، وصدور قرار جامعة الدول العربية بشأن استئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية، معبراً عن أمله بأن يسهم ذلك في دعم استقرار سورية وعودة الأمور إلى طبيعتها واستئناف دورها الطبيعي في الوطن العربي بما يحقق الخير لشعبها وبما يدعم تطلعنا جميعاً نحو مستقبل أفضل لمنطقتنا.
ومع انتهاء اجتماعات القادة خرج «إعلان جدة» على إجماع عربي، ليؤكد أن مرحلة من العمل العربي ستقودها السعودية خلال رئاستها للقمة لحل ما يمكن من ملفات عربية شائكة وأن وقت العمل العربي المشترك قد حان، حيث أكد البيان مواصلة وتكثيف الجهود العربية الرامية لمساعدة سورية على تجاوز أزمتها، وبأن قضية فلسطين ستبقى القضية المركزية للعرب وحل المشاكل العربية في اليمن والسودان وليبيا أولوية، كما هي الأولوية بضرورة خروج القوات الأجنبية غير الشرعية من الأراضي العربية.
رسائل جدة السياسية استمرت بالوصول حتى قبيل مغادرة الرئيس الأسد للسعودية، وحمل اللقاء الرسمي الذي جمعه مع ولي العهد السعودي تأكيداً على نجاح قمة جدة وعلى أن حقبة القطيعة العربية مع سورية قد ولّت إلى غير رجعة.
مصدر دبلوماسي سوري كشف في تصريح لـ«الوطن» تفاصيل اللقاء بالقول: «كان أكثر من ممتاز وأكثر بكثير مما كان متوقعاً، الأمر الذي سيفتح آفاقاً جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين».
وتابع المصدر: منذ لحظة وصول الرئيس الأسد إلى جدة كان من الواضح بأن هناك اهتماماً خاصاً بالوفد السوري، وبشخص الرئيس الأسد تحديداً، وهذا ما لمسناه من خلال حفاوة الاستقبال، واللقاءات التي تمت، والتي توّجت باللقاء بين الرئيس الأسد وولي عهد المملكة محمد بن سلمان.