اقتصادالأخبار البارزة

«النفط» تعرّف بثرواتها.. سورية تمتلك خامات وثروات معدنية تنافس بها الدول العالمية … وزير النفط لـ«الوطن»: المشروع الأكبر «السجيل الزيتي» الذي يستخدم لتوليد الكهرباء

| جلنار العلي

أكد وزير النفط والثروة المعدنية فراس قدور، أن سورية تمتلك خامات وثروات معدنية تنافس بها أكبر الدول العالمية، فضلاً عن أن قطاع الثروة المعدنية في سورية يمتلك مزايا نسبية يشمل البنية التحتية والعمالة المدربة وشركات متخصصة وشبكات الطرق، إضافة إلى انخفاض تكاليف التنفيذ والتشغيل مقارنة مع الدول الأخرى، مشيراً إلى ضرورة متابعة الدراسات والأبحاث للوصول إلى استثمار أمثل للثروات الباطنية.

وقال الوزير خلال ندوة أقامتها المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية بالتعاون مع الجمعية الجيولوجية السورية للتعريف بخامات الصناعة: إن هذه الندوة جاءت ضمن إطار تطبيق الإستراتيجية الوطنية لتطوير قطاع الثروة المعدنية الذي يهدف إلى تحقيق التطوير والاستثمار الأمثل للثروات المعدنية وتحقيق القيمة المضافة، وزيادة المساهمة بالناتج المحلي من خلال هذا القطاع، وتعزيز إيرادات الحكومة، وإحلال صناعات جديدة تعتمد على وجود الخامات الأساسية لها، وبالتالي تخفيف فاتورة الاستيراد، وتعزيز تصدير الخامات المصنعة، كما يهدف هذا البرنامج إلى جعل قطاع الثروات المعدنية أكثر جذباً للاستثمارات المحلية والأجنبية، إضافة إلى تعديل التشريعات التي تسمح باستثمار الخامات والموارد ذات القيمة الاقتصادية وجعلها أولوية مهمة.

وفي سياق متصل، صرّح وزير النفط بأن الحكومة مستعدة للتعاون المثمر مع القطاع الخاص المحلي من خلال غرف الصناعة والتجارة السورية كشريك أساسي في دعم عملية التطوير، كما يتم التشبيك مع وزارة الصناعة لخلق صناعات وطنية بعد أن كان يتم استيرادها خلال الفترة السابقة القريبة ويتم دفع قيمتها بالقطع الأجنبي، متطلعاً إلى مزيد من التعاون المشترك لتوسيع قاعدة هذه الصناعات.

وأكد قدور، خلال تصريحات صحفية أن هذه الندوة أقيمت للحديث عن التوجهات لتصنيع المواد الخام الموجودة في سورية وإعطائها قيمة مضافة لتغطية السوق المحلية بدلاً من استيرادها بالعملة الأجنبية، وتصدير الفائض من هذه الصناعات لدعم الاقتصاد الوطني.

وأشار في تصريح لـ«الوطن»، على هامش الندوة، أنه تم طرح 9 فرص استثمارية في مجال الثروة المعدنية لدى هيئة الاستثمار السورية، في مجال الرمال الكوارتزية والإسفلت والرخام، والمشروع الأكبر، هو مشروع السجيل الزيتي الذي يستخدم لتوليد الطاقة الكهربائية إما عن طريق حرقه بشكل مباشر، أو استخلاص المواد الهيدروكربونية منه واستخدامها بالطاقة الحرارية لتوليد الطاقة الكهربائية، مؤكداً الاستعداد الحكومي لتقديم الدعم والتسهيلات اللازمة لإقامة مشروعات صناعية انطلاقاً من الخامات الباطنية المتوفرة، وتشميلها ضمن برامج إحلال بدائل المستوردات.

من جانبه، بيّن مدير عام المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية سمير الأسد، أن سورية تمتلك 21 خامة من المواد الأولية للبناء والإنشاء والصناعة، حيث تتنوع هذه الخامات في أماكنها الجغرافية وخصائصها، ما يعطيها أهمية اقتصادية متفاوتة، لافتاً إلى أن حجم هذه الخامات يعد مهماً جداً بالنسبة للاقتصاد الوطني، باعتبار أن كلاً منها يفيد في عشرات الاستخدامات، وآلاف المستخدمين، وبالتالي ملايين المستخدمين.

واعتبر المدير العام أن وفرة هذه الخامات تجعل قيمتها أقل مما يجب أن تكون عليه، وذلك على عكس بعض الدول العربية الأخرى التي لا تمتلك مواد أولية للبناء وتستوردها من دول أخرى لبناء منازلها، مشيراً إلى أن عدد الجيولوجيين في سورية تجاوز الـ5000 جيولوجي، يعملون في مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية والتعليمية.

وفي سياق متصل، أشار إلى أن إعادة البناء في المرحلة القادمة، تتطلب الاستفادة من كل الموارد والمواد الأولية الذاتية، وتحديث الدراسات التي نفذت في السنوات الماضية، وتابع: «لقد أنجزت المؤسسة العامة للجيولوجيا العديد من الدراسات الجيولوجية والفنية والاقتصادية التي أسهمت في استثمار العديد من الثروات، ولكن هناك ثروات لم يتم استغلالها بعد، كما يوجد خامات كنا نضيّع قيمتها في بيعها كمواد خام دون تصنيعها والحصول على القيمة المضافة لها»، لافتاً إلى أن سورية تحتل المرتبة الخامسة عالمياً في تصدير الفوسفات، ووصلت خامات الثروة المعدنية إلى عدد كبير من دول العالم، كما أنتجت العديد من الصناعات التي أقيمت على خامات وطنية وصدرت إلى دول كثيرة، كما تم الاستغناء عن العديد من الصناعات بعد اكتشاف خاماتها.

وفي تصريح لـ«الوطن»، بيّن المدير العام قيام المؤسسة بدراسة جميع الخامات قبل طرحها للاستثمار، وذلك من الناحية الجيولوجية والجيوفيزيائية والجيوكيميائية، إضافة إلى تحديد مواصفات كل خامة وقابليتها للتصنيع، كما تم إعداد دراسات جدوى اقتصادية من إقامة هذه الصناعات مع شركات متخصصة، ولكن ظروف الحرب خلال الفترة الماضية منعت من طرحها بشكل مباشر على المستثمرين سواء محلياً أم خارجياً، ولكن بعد الانفتاح الحاصل، أصبح هناك إمكانية جديدة لإعادة طرح هذه الاستثمارات عسى أن تُقبل شركات للاستثمار بهذه الخامات بشكل مشترك من خلال صيغة تعاقدية مباشرة، لافتاً إلى أن الاستثمار ببعض هذه الخامات يعد مكلفاً جداً، كالسجيل الزيتي والبازلت اللذين يحتاج استثمارهما إلى ما يزيد على 400 مليون دولار، وهذا يعد عبئاً على الخزينة العامة للدولة.

مدير المؤسسة العامة للصناعات الكيميائية، الدكتور أسامة أبو فخر، بيّن أن مخرجات الإنتاج لدى المؤسسة العامة للجيولوجيا تعد مدخلات إنتاج لدى العديد من الصناعات ولاسيما الكيميائية وخاصة الفوسفات، حيث قامت المؤسسة بمشروع لإعادة تأهيل الشركة العامة للأسمدة للوصول إلى منتج نهائي يقدر بـ450 ألف طن على اعتبار أنه من الأجدى والأفضل تصدير الفوسفات بشكل منتج جاهز، على أن يتم تصديره على شكل مواد خام، كما قامت المؤسسة بإعداد دراسة جدوى اقتصادية متكاملة تم تقديمها للجانب الإيراني لإنشاء مصنع مشترك لإنتاج السماد الفوسفاتي والسوبر فوسفاتي، إضافة إلى إعداد جدوى اقتصادية أخرى في إطار التفاوض مع شركة روسية للاستفادة من خامات البازلت الموجودة والحصول على القضبان والأنابيب البازلتية.

وفي تصريح لـ«الوطن»، أشار أبو فخر إلى حاجة سورية للكثير من الاستثمارات، وأن تشييد معمل لإنتاج السماد السوبرفوسفاتي بطاقة إنتاج 450 ألف طن، يحتاج نحو مليار دولار، لافتاً إلى أن المشكلة الأساسية تتمثل في التمويل، لذا يتم الاضطرار إلى تصدير المنتج خاماً.

وأكد أن المؤسسة لديها ثلاثة معامل أساسية، أولها المعمل التابع للشركة العامة للأسمدة، ومعمل في حسياء، إضافة إلى معمل في عدرا الصناعية، بطاقات إنتاجية مختلفة من السماد السوبرفوسفاتي.

من جهته، بيّن معاون وزير الكهرباء الدكتور سنجار طعمة في تصريح لـ«الوطن»، أن الوزارة درست سابقاً توليد الكهرباء من خلال السجيل الزيتي، ويتم حالياً إعداد ذلك بالتعاون مع وزارة النفط، علماً أن السجيل الزيتي يعد مكمناً للطاقة، من خلال حرقه بشكل مباشر واستخدامه في بعض الصناعات كالإسمنتية وما شابه، ما يخفف من استهلاك الطاقة على مستوى القطر، إضافة إلى وجود تكنولوجيا عالمية لإقامة محطات لمعالجة السجيل البازلتي وتحويله إلى حرارة بدرجة مرتفعة، يمكن الاستفادة منها من خلال تحويلها إلى طاقة كهربائية بشكل مباشر، ويوجد تجربة مشابهة في الأردن، لافتاُ إلى أن هذا الأمر يتطلب تكنولوجيا عالية، وتكاليف مرتفعة، ولكن يبقى المكسب بوجود المصدر الأساسي لهذه الطاقة، مؤكداً وجود تعاون مع وزارة النفط في مجالات أخرى كالجيوثيرمال (الطاقة الحرارية الجوفية) لتحديد مكامن هذه الطاقة وطرحها للاستثمار.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن