سورية

أكد أن العلاقات السورية – السعودية عادت لطبيعتها ومستقبلها واعد وسورية لا تتخلى عن أصدقائها … المقداد: نحن لا نُطبّع مع بلد يحتل أرضنا ونؤيد «خطوات» الوصول إلى حلول في سورية

| الوطن

أكد وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد أن سورية لم تستغرب الترحيب الذي جرى من قبل الدول العربية بعودتها للجامعة العربية، مبيناً أن العواطف التي وجدها الوفد السوري خلال القمة العربية بجدة هي عواطف دائمة ومستمرة تجاه الشعب السوري وتجاه القيادة السورية، والدول العربية قيادات وشعوباً تبادل السوريين المحبة، لأن سورية من أكثر الملتزمين بأهداف الأمة العربية وأكثر من يحترم ويضحي بالغالي والنفيس من أجل قضايا الأمة العربية.

المقداد وفي مقابلة مع قناة «روسيا اليوم» مساء أمس، وصف اللقاء الذي جرى بين الرئيس بشار الأسد وولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالحار والحار جداً ومعبر عن العلاقات التاريخية التي ربطت بين المملكة العربية السعودية والجمهورية العربية السورية على مختلف المستويات، وقال: «خلال الفترة الماضية، اختلفنا واتفقنا ولكن هذه العلاقات لم تصل إلى حد القطيعة، وشعرنا من الحرارة التي استقبلنا بها والكلام الهام جداً الذي قاله ولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان، بأن المستقبل واعد، وبأن علاقاتنا عادت إلى طبيعتها، وقيادة المملكة وسمو الأمير أحاطونا بكل المحبة التي يتوقعها المواطن السوري من أخيه وشقيقه، وعلى مستوى المسؤولية والطموحات التي يعلقها أبناء الشعبين».

وبالنسبة للمصافحة التي جرت بين الرئيس الأسد والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومستقبل العلاقات بين سورية ومصر، أكد المقداد أن الهدف هو المضي في طريق استعادة العلاقات الدبلوماسية لكن في بعض الأحيان الأمور الدبلوماسية تأخذ حيزاً من الزمن، وأضاف: «الرئيس الأسد والرئيس السيسي تحدثا بعد الزلزال الأخير، وكانت هناك اتصالات مستمرة بينهما ولم تنقطع، وعلى هذا الأساس لا يمكن النظر فقط للصور التلفزيونية والمعلومات الإخبارية، ففي العلاقات الدبلوماسية هناك الشيء الكثير الذي يقال والشيء الكثير الذي يعلن والشيء الكثير الذي قد لا يعلن، ونحن اليوم أمام وضع واعد على صعيد تعميق العلاقات بين الدول العربية آخذين بعين الاعتبار بأن الأوضاع الخاصة لكل دولة عربية، لكنني متفائل جداً بمستقبل هذه العلاقات».

الجامعة بحاجة إلى إصلاح

وبخصوص دعوة الرئيس الأسد لإصلاح الجامعة العربية أكد المقداد أن الرئيس الأسد يطمح دائماً إلى وضع قواعد وأسس للعمل وفقها، وقال: «أنا كنت ممثلاً لسورية في الأمم المتحدة لمده 11 عاماً والأمم المتحدة التي جاء تأسيسها بعد تأسيس الجامعة العربية كانت قد طرحت الكثير من جوانب الإصلاح والتعديل، واليوم فإن الجامعة العربية التي أنشئت عام 1946 بحاجة ماسة للإصلاح الذي طرحه الرئيس الأسد، فعلى سبيل المثال فيما يتعلق بتعليق مشاركة سورية في الاجتماعات العربية هذا لم يكن وارداً في الميثاق، نحن لن نعود للماضي لأننا اليوم نواجه مرحلة جديدة.

المقداد أشار إلى الضغوط الأميركية على الدول العربية لمنعها من التطبيع مع سورية وتلويحها بالعقوبات إضافة إلى تمديدها لقانون «قيصر»، مبيناً أن هذا منافٍ للقانون الدولي ومنافٍ لكل الأعراف الدولية، فالولايات المتحدة تدعي أنها تقود الحرب على الإرهاب لكننا وجدنا في الحرب السورية أنها جزء لا يتجزأ من الإرهاب، وهي التي تقوم بنقل وتغيير مواقع هؤلاء الإرهابيين تبعاً لمصالحها، وقال: «ما هو سبب وجود القوات الأميركية في مخيم التنف؟ بالطبع ليس لحماية مواطنين أبرياء فمعظم المواطنين عادوا إلى الأراضي السورية، لكنهم يحمون المجموعات الإرهابية المسلحة ويحمون داعش والقوات الأخرى التي يدربونها ويقدمون لها الأسلحة لكي تمارس دوراً دموياً ضد الشعب السوري وضد علاقات الجمهورية سورية مع دول الجوار سواء كان ذلك باتجاه الأردن أم باتجاه العراق أو غيرها، ونحن نناقش كل هذه القضايا مع الدول العربية».

وأضاف: «كل الدول العربية تعرف ما يجري بسورية والعقوبات المفروضة عليها ليست على الدولة السورية بل هي عقوبات على خيارات الشعب السوري، الذي وقف إلى جانب جيشه وقيادته التي صمدت طوال السنوات الماضية».

نحتاج إلى خطوات للوصول إلى الحلول

بخصوص الإشارة في بيان عمان إلى مبدأ «الخطوة مقابل خطوة» أوضح المقداد أن سورية أكدت أنه يجب إيجاد حل تدريجي للأزمة السورية، فلا يمكن القضاء على الإرهاب في يوم وليلة، ولا يمكن إنعاش الأوضاع الاقتصادية في سورية بين ليلة وضحاها، ولا يمكن للاجئين السوريين أن يعودوا مباشرة ويجب تهيئة الظروف لإعادتهم، وأضاف: «نحن لم نتحدث عن خطوة مقابل خطوة لكن تحدثنا عن اتخاذ خطوات بالوصول إلى حلول للأوضاع التي مرت بسورية من أجل التصدي للهجمة الإرهابية التي تعرضت لها والمدعومة من قبل بعض الدول الأوروبية والحكومات الإرهابية، التي لا زالت تصر على مقاطعة الشعب السوري حتى هذه اللحظة».

نسعى إلى الحل السياسي

وبخصوص القرار الأممي 2254 بين المقداد أنه ومنذ اعتماد هذا القرار أكدت سورية أنها ستنفذ ما ورد فيه فأصدقاء سورية ساهموا في صناعته، وسورية تسعى إلى الحل السياسي الذي يلزم ويستلزم القضاء على الإرهاب ويستلزم إعادة إنعاش الأوضاع الاقتصادية في سورية، والذي ينبغي أن تزول فيه العقوبات الاقتصادية المفروضة من الدول الغربية على سورية فهذه العقوبات لا أخلاقية ولا مبرر لها في القانون الإنساني الدولي، ويجب أن تنتهي فوراً، ومن يدعي الحرص على شعب سورية، عليه أولاً أن يقوم بإلغاء الأسباب التي أدت لاندلاع الحرب الإرهابية عليها، وقال: «نحن أجرينا ثلاثة انتخابات رئاسية، وأربعة انتخابات برلمانية وأجرينا انتخابات الإدارة المحلية كل هذا تم تحقيقه ونحن لا نتلقى أوامر من قبل الآخرين الذين يعتبرون أنه إذا لم يصل عملاؤهم إلى قلب السلطة فلن يقولوا إن سورية حققت أي شيء.

وأضاف: هذا هو الخلاف الحقيقي، فهم لا يعترفون بالانتخابات التي لا تصل فيها أدواتهم إلى الحكم، مهما كانت ديمقراطية سواء في سورية أو روسيا أو الصين أو الهند أو أي مكان آخر في هذا العالم، فهم يريدون أن يصل عملاؤهم وأدواتهم وإرهابيوهم إلى السلطة، وهذا ما أرادوه من الربيع العربي، والذي هو صورة مصغرة لما أرادوه من تخريب في المنطقة العربية وإعادة ترتيبها لكي تهيمن عليها إسرائيل كممثل للولايات المتحدة في المنطقة العربية، وقال: إن الغرب وكل ما يقال خلاف ذلك، شيء كاذب.

الغرب وراء عدم عودة اللاجئين

وبخصوص ما يقوله البعض حول أن سورية لم تستقبل اللاجئين، قال المقداد: «هذا الكلام المباح لا ينتمي إلى الحقيقة بأي شكل من الأشكال، نحن عقدنا عده مؤتمرات لعودة اللاجئين إلى سورية، وتعرفون من قاطع هذه المؤتمرات، وعقدناها بالتعاون مع الأصدقاء الروس وحتى المفوضية السامية اللاجئين لم تقف حتى هذه اللحظة موقفاً موضوعياً ينسجم مع أهدافها وهي تقول للاجئين السوريين لا تعودوا لأن الظروف في سورية غير مناسبة، وأنا أقول إن الظروف في سورية مناسبة، ويعيش ملايين السوريين في الداخل، وما هي ظروف غير المناسبة لعودة اللاجئين؟ ونحن نريد إعادة الحياة الاقتصادية إلى ما يجب أن تكون عليه، وتوفير مستلزمات العودة فحتى الشعب السوري داخل سورية يعاني من عدم وجود المستشفيات والمستوصفات والأطباء، فالدول الغربية تقاطعنا هي السبب في عدم توفير هذه البيئة المناسبة لعوده اللاجئين، لكن المواطن السوري لا يحتاج لبطاقة دعوة ليعود إلى منزله وبيته ونحن نقول إن اللاجئ السوري عندما يجد صعوبات في تأمين المسكن فالدولة السورية ستساعد، عودوا إلى بلدكم وقد اتخذ قرارات ومراسيم تضمن لكم الحياة الكريمة والعودة الطوعية والكريمة إلى بلدكم أهلاً بكم دائماً وسورية مستعدة لاستقبال كل أبنائها»

أمام بخصوص اللجنة الدستورية بين المقداد أن هذه اللجنة عقدت عدة اجتماعات لكنها توقفت نتيجة أوضاع خارج عن إرادتنا وعندما تهيئ الظروف من أجل إعادة واستئناف عمل اللجنة الدستورية، فنحن جاهزون لكن يجب توفير مناخات وظروف مواتية لعودة هذه الاجتماعات.

الحرب على المخدرات

المقداد رد على ما يثار بخصوص تهريب المخدرات، معتبراً أن المجرم الحقيقي في هذا الملف هم المجموعات الإرهابية فسورية كانت ممراً دائماً لدول الخليج، وعندما تم إضعاف الدولة السورية وخلق حروب على الجيش العربي السوري والقوى الأمنية التي كانت تضمن هذه الحدود، تم بشكل أو بآخر استغلال هذا الفراغ من قبل ضعاف النفوس، الذين قاموا بتهريب هذه الأشياء وهذا أمر طبيعي، أما بالنسبة لاتهام الدولة السورية بأنها تسهل عملية التهريب فإن هذا مستحيل لأن هذا خطر على الشعب السوري وأطفال سورية ونحن نعاني من هذه المشكلة ونأمل من الدول الأخرى التعاون معنا بشكل مخلص من أجل القضاء على هذه الظاهرة، وأضاف: «اتفقنا في اجتماع عمان على تأليف لجنة سورية عراقية ولجنة سورية أردنية من أجل مساعدة هذين البلدين والتعاون معهما للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة جداً والتي يجب محاربتها بكل ما نستطيع من قوة وهذا هو قرار الدولة السورية.

لن نُطبّع مع دولة تحتل أرضنا

وشدد المقداد على أن الدولة السورية لن تطبع مع أعدائها ولن تطبع مع بلد يحتل أرضها مشيراً إلى أنه وخلال الاجتماعات الرباعية كانت هناك مناقشات عميقة وبعض الأحيان حادة والوفد السوري قام بشطب كل ما يشير إلى التطبيع وقال: «إن التطبيع لا يمكن إلا أن يكون نتيجة انسحاب القوات التركية من سورية أما التوصيف الذي قدمه الرئيس بشار الأسد في القمة العربية حول الفكر العثماني التوسعي فكان توصيفاً دقيقاً وواقعياً لأنه يوجد الآن قوة محتلة للأراضي السورية وعندما يريد أي طرف الدفاع عن أرضه وسيادته يجب أن يدافع عن ذلك من خلال إجراءات ضمن حدوده وليس ضمن أراضي الدول الأخرى، ونحن نقدر عالياً الجهد الذي بذله الأصدقاء الروس وكذلك انضمام إيران إلى المحادثات التي تمت على المستويات الأمنية والعسكرية والسياسية ونحن متفائلون دائماً ويجب على الاحتلال أن ينتهي سواء كان في الشمال الغربي في إدلب وفي كل المنطقة الواقعة بين سورية وتركيا ويجب أن ينتهي الوجود الأميركي في الشمال الشرقي ويجب أن ينتهي الوجود الأميركي في قاعدة الركبان، أما بخصوص لقاء الرئيس الأسد وأردوغان أعتقد أن ذلك يحكمه مسألة واحدة وهي الانسحاب التركي من الأراضي السورية».

نؤيد العملية الروسية في أوكرانيا

المقداد شدد على أن موقف سورية تجاه الأوضاع في أوكرانيا لا زال كما هو، وسورية تؤيد بشكل كامل العملية العسكرية الخاصة التي قامت بها روسيا في الدونباس، وهي ترى بأن الجيش الروسي يحقق انتصارات كبيرة، وتعتقد بأن الولايات المتحدة والدول الغربية هي التي حاولت تصعيد الأوضاع، وهذا ما دعا روسيا لاتخاذ هذه الخطوة العسكرية، وأضاف: «نحن مع الأمن والاستقرار في تلك المنطقة ونعتقد أن ما قام به الرئيس فلاديمير بوتين والقيادة الروسية في هذا المجال يستحق كل التقدير والاحترام».

وأكد المقداد أن سورية لا تتخلى عن أصدقائها كما تخلى البعض في الماضي، فعلاقاتها طيبة وجيدة مع الأصدقاء في إيران واليوم علاقاتها رائعة مع السعودية والدول العربية الأخرى، وهنالك تفهم ومزيد من التفهم لهذه العلاقات مع إيران، فمن يريد الشر لمنطقتنا ولدولنا العربية هي الولايات المتحدة وإسرائيل وأدواتهم داخل المنطقة وخارجها، وأضاف: «نحن نتطلع لأفضل العلاقات العربية مع إيران ورحبنا بالاتفاق الذي تم التوقيع عليه في بكين برعاية صينية بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومرتاحون جداً وهذه الصفحة التي فتحت نعتقد أنها يجب أن تضمن علاقات قائمة على الاحترام وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، كما هي العلاقات السورية الإيرانية والقائمة منذ قيام الثورة الإسلامية الإيرانية حتى اليوم».

متفائلون بالأشقاء لإعادة الإعمار

وبخصوص المساهمة العربية في إعادة الإعمار عبر المقداد عن تفاؤله بموقف عربي يعاقب الولايات المتحدة الأميركية وقال: «أنا هنا لا أحلم ولا أطلق جزافاً هذه الكلمات لا يوجد ضمانات في هذا الإطار ولا نتحدث عن ضمانات بيننا وبين الدول العربية، ونتحدث عن أخوة وعلاقات يجب أن تنساب بشكل طبيعي بين الدول العربية، ويجب ألا تتحكم الدول الغربية بالعلاقات بين الدول العربية، العالم الجديد بدأ يتشكل وهنالك قوى جديدة على الساحة العالمية ستسعى وستبذل كل جهد ممكن من أجل أن يكون عالم اليوم وعالم الغد عالماً متعدد الأقطاب، لا تتحكم به إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، وبعض من ما زال يحلم ويعيش في العصور الوسطى للسيطرة والهيمنة على كل أنحاء العالم وسورية جزء لا يتجزأ مع أصدقائه في الاتحاد الروسي والصين ودول أخرى في هذا الاتجاه».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن