ثقافة وفن

تظاهرة معرفية ثقافية … يحمل أكثر من رسالة عن ثقافة الحياة لدى الشعب السوري والتدليل على حضارته

| مصعب أيوب

تعد معارض الكتاب فرصة للطلبة ومحبي القراءة وعشاق الكتب، ولاسيما إذا احتوت عناوين مهمة لمؤلفين مهمين أيضاً حيث إن المجالات كافة تكون حاضرة بقوة ومتنوعة وهو ماشهدناه أمس في مبنى المدرجات بكلية الحقوق في جامعة دمشق، حيث إنه ومع بداية يوم الأحد 21 أيار الجاري بدأ الزوار يتوافدون إلى معرض «شهر الكتاب السوري» الذي افتتحته وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح بإشراف الهيئة العامة السورية للكتاب ممثلة بمديرها الدكتور نايف الياسين من أجل الاحتفاء بالكتاب السوري ذي المكانة المرموقة التي أثرت المكتبة العربية.

ركن الأطفال

خلال جولة «الوطن» في المعرض تم الاستماع لآراء بعض الزوار وكان منها:

أحمد البيطار طالب في كلية الطب البشري الذي أوضح أن المعرض مميز جداً وأنه من الممتع انتشار مثل هذه المعارض بكثرة وبين أن ما لفت اهتمامه في المعرض هو التنوع الكبير في ركن قصص الأطفال، حيث لا بد أن نبدأ من الطفل ونعلمه ماذا يجب أن يسمع أو يقرأ فنحن نشأنا على عادة جميلة اكتسبناها من جدتنا حيث كانت تروي لنا الحكايات والقصص مساء قبل النوم وتخلق لدينا حافزاً لمعرفة تتمة القصة في اليوم التالي وكنت آخذ الكتاب خلسة من دون علم جدتي وأتابع القراءة بمفردي مبيناً أنه إذا ما نظرنا للرفوف سنلحظ القفزة النوعية في كتب الأطفال من خلال الوسائل والأدوات والتقنيات.

وبين أن هذا الحدث يُعتبر نوعياً من حيث العدد الكبير للعناوين وهو فرصة مميزة لإبراز الثراء الأدبي للثقافة العربية وقد جاء هذا المعرض ليثبت قوة الكتاب وقدرته على الوقوف والتحدي ومحاربة الجهل والمحافظة على دوره، كما توجه البيطار بالشكر للقائمين على هذا المعرض ولكل ما ترعاه وزارة الثقافة فيما يصب بمصلحة الطالب الذي يجد عناءً كبيراً في تحصيل المعرفة وإثراء ثقافته العامة ومثل هذه المعرض بطبيعة الحال ستكون عوناً ومعيناً لهم في طريقهم الوعر ولاسيما في ظل الضائقة الاقتصادية والحرب الأخيرة.

وكشف أن هناك أعداداً كبيرة من العناوين بأسعار معقولة وحسومات كبيرة، مؤكداً أن الهيئة العامة السورية للكتاب منحت القراء حسماً على الكتب بنسبة 50 بالمئة، علماً أن سعرها بالأصل ليس غالياً نسبة للكتب الأخرى أو حتى ما يباع في الوطن العربي.

تميز وتنوع

كما أبدى خلدون بربر المتخرج في هندسة البترول إعجابه الشديد بالمعرض الذي وصفه بأنه متواضع بالإمكانات لكنه مميز بالتنوع والأسعار مبيناً أنه من رواد المعارض ومحبي القراءة وهو من المتلهفين ودائمي السعي لاكتساب المعرفة وتوسيع ثقافته حيث إنه اشترى ما يقرب من الـ22 كتاباً تنوعت بين الروايات والقصص وتلك التي تحكي عن أشخاص بعينهم ممن كانوا أصحاب شأن في الحراك الثقافي والفني والحضارة السورية ومنها كتاب عن ممتاز البحرة وآخر عن فؤاد الشايب وأيضاً مؤلف يحكي عن هاني الراهب مضيفاً إن الأسعار زهيدة جداً ويمكنك شراء 10 كتب من هذا المعرض بسعر كتاب واحد في الأسواق.

وأضاف: كتب الأدب العالمي نادرة وغير متوافرة بما يكفي، فربما تجد مطبوعة واحدة أو لن تجد منها ومن أمثلتها «البؤساء» وديوان بدوي الجبل وديوان أبي فراس الحمداني فمثل هذه العناوين قلما تجدها في هذه المعارض، وعن رأيه بشكل الكتب وطريقة إخراجها يقول إن السعر الزهيد يجعلك تتجاهل أي عيوب أخرى وهذا لا ينفي بالتأكيد معايير الجودة التي صممت على أساسها المطبوعات والاستعراض السلس للأفكار.

وختم أنه جاء للمعرض بمحبته للقراءة والدراسة والاستلهام من كتب العظماء والمؤلفات التي تحكي قصصهم وتجاربهم، فهذه المعارض تهدف إلى مساعدة الكتب في الصمود بإشاعة فعل القراءة أكثر فأكثر.

إثبات وحضور

وعن قدرة الكتاب الورقي في مواجهة الانتشار الالكتروني للكتاب والتطور التكنولوجي أشارت الطالبة في كلية الحقوق ألمى رمضان إلى أنه من المؤسف الحال الذي وصل إليه الكتاب العربي مؤخراً وتحديداً بعد ثورة الانترنت والتكنولوجيا، فمن الضروري الانتباه لخطورة الانترنت حيث تشكل تحدياً كبيراً يصرف الشباب والجيل بوجه عام عن القراءة وعن الثقافة ككل، فهي جزء قيم من الثقافة العربية وغنية جداً بالكتاب والشعراء والأدباء، مشيرة إلى أنه لولا الكتاب الورقي ما وجد تراث ولا نقلت معارف، وهناك من يرى أن القراءة لا ترتبط بوسيلة بعينها والأهم هو ممارسة الفعل قرأ ويقرأ والاستمرار في القراءة بشتى أنواعها ووسائلها وتابعت: أنا سعيدة لترسيخ هذا التقليد.

وأضافت: إن التكنولوجيا تبين ما وصله الإنسان بفضل فكره وعقله ويبرز جوانب التطور الفكري وهو ما يسهل عليه حياته ولكن في الوقت ذاته يجب أن تكون في خدمة بناء العقول ولا شيء يبني العقول مثل الكتاب… ولا بد أن يكون عنوان الكتاب جاذباً للزائر ومتماشياً مع لغة العصر والتطور ولا بد أن ندرج الرقمية في ذلك، فالكتاب مفتاح النهضة وطريق التنمية المتسارعة.

وأكدت أن أهم ما يميّز المعرض هو أسعار الكتب التي جاءت برأيها مناسبة لجميع الطلاب لاقتناء كل ما يحتاجونه من إصدارات، وهذا الأمر مهم جداً لتنمية معرفة طلاب الجامعة.

الكتب ضرورة ملحة

دعاء دلول طالبة في كلية الحقوق، شددت على أهمية هذا المعرض الذي يحمل أكثر من رسالة وهو إشارة إلى ثقافة الحياة لدى الشعب السوري وإرادته وتصميمه على الحياة، وهي عصية على منهجية تدمير الحضارات، وركزت على أن الكتاب ضروري في كل وقت، ومن المفروض ألا يستغني الإنسان عن الكتاب، فالفكر هو الأساس وأيّ طريق يسلكه الإنسان فإنه سيعود إلى الكتاب ليأخذ منه المعلومات ولمحاربة التطرف والأفكار الغربية التي دخلت إلى منطقتنا.

وبينت أن لهذه المعارض أهمية كبيرة للتشجيع على القراءة والبقاء على احتكاك بالثقافة وتحديداً كتب الأطفال التي تسهم في تنشئة جيل مثقف وأكدت أن المعرض يضم كتباً كثيرة تدل على أن هناك مساحات واسعة للتواصل وهناك تاريخ مشترك وهذه الفعاليات مهمة وضرورية.

ولفتت إلى أن الكتب المعروضة متنوعة، وغطت كل مجالات الاهتمام الثقافي من ترجمات وعلوم صحية وطبية ورواية وفكر سياسي واجتماعي إضافة إلى الشعر، معتبرة أن إقامة الفعالية رغم الصعوبات تؤكد أن رسالة المعرفة والفن تبقى هاجساً ملحاً، الأمر الذي يتطلب رعاية أكبر لمثل هذه النشاطات ولمن يقوم بها ويرعاها.

توطيد العلاقة مع القارئ

الطالبة في كلية العلوم السياسية دلع عثمان ركزت على أهمية هذه الفعاليات في إعادة تفعيل العلاقة بين القارئ والكتاب في صورة تحقق المرجو منها على مستوى المجتمع وحاجته الملحة للكتاب، بهدف تعزيز قيمة الكتاب في متناول الجميع والقراءة كمرتكز تنويري للدور التنموي المسؤول ثقافياً واجتماعياً.

مبينة أنها تفضل اقتناء كتب من القطع الكبير حيث يتطلب الأمر ربما شهراً من الزمن لقراءتها، وقد وجدت في هذا المعرض العديد من الكتب التي كانت تبحث عنها ولم تجدها وكذلك بأسعار منخفضة جداً، ولاسيما تلك التي تختص بمجال دراستها والتي منها كتاب «القائد القومي بشار الأسد» للدكتور إبراهيم ناجي علوش فهي تحب توسيع ثقافتها وترتاد المعارض التي تقيمها وزارة الثقافة بين الحين والآخر كما بينت أن زيارتها هذه هي الثانية حيث كانت قد حضرت للمعرض بالأمس واشترت عدة كتب ولم يتوفر لديها المبلغ اللازم لاقتناء الكتب التي تحتاجها فاضطرت للعودة في اليوم التالي لتأخذ حاجتها من الكتب.

اختصاصات غائبة

خريج المعهد الميكانيكي مياس نيسان أوضح أنه من متابعي المعارض بشكل عام وهذه ليست زيارته الأولى وعما إذا ما افتقد بعض الكتب يقول: إن كتب الفن التشكيلي غير متوافرة ولم أجد شيئاً بهذا الخصوص وهو الأمر ذاته في النواحي العلمية والتطبيقية وكذلك أيضاً ما يعنى بالجانب القانوني وهو شيء مخجل خصوصاً أننا في كلية الحقوق، وأشار إلى أنه من محبي الفن والموسيقا ومن أجل ذلك اشترى عدة كتب في هذا الخصوص ومنها كتاب «دراسات وأبحاث الحياة الموسيقية» للدكتور سهيل الملاذي، وكتاب «من قصص أشهر أوبرات» لميلتون كروس، مبيناً أن الأسعار زهيدة كما يروج لها ولكن في الوقت ذاته هناك كتب تصل أسعارها إلى 15 ألف ليرة سورية.

يتزامن المعرض مع معارض أخرى في المحافظات السورية وسيستمر حتى 25 أيار ويحوي قرابة 1800 عنوان.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن