أربعة فرق خسرت رهان البطولة هذا الموسم … هل كان بالإمكان أحسن مما كان أم إنها فقدت شخصية البطل؟
| ناصر النجار
حملت مباريات الإياب الكثير من المتغيرات على صعيد المنافسة على القمة، فقد كانت خمسة فرق تتنافس والفارق بينها نقطتان فقط مع اقتراب تشرين من مواقع المنافسة، ما جعل الدوري يتوزع إلى طابقين، طابق يتنافس على اللقب، وطابق آخر يهرب من مواقع الخطر.
مع مرور تسع مراحل من عمر الإياب تبدلت هذه المواقع وأعادت النتائج المحققة توزيع الفرق بإضافة طابق جديد ضم الفرق التي خرجت من المنافسة والكرامة الذي ابتعد عن المواقع المتأخرة.
الترتيب بعد نهاية الذهاب جاء على الشكل التالي: 1- الوثبة 20 نقطة ثم جبلة وأهلي حلب والجيش 19 نقطة والفتوة 18 وتشرين 14 نقطة والكرامة عشر نقاط والوحدة تسع نقاط ثم الطليعة وحطين سبع نقاط والمجد نقطتان فقط.
الترتيب تغير كثيراً وبعض الفرق تراجعت كثيراً وخسرت حلماً طال انتظاره دفعت من أجله الكثير من المال إضافة إلى الجهود في مراحل الاستعداد وقبلها التعاقد مع لاعبين جيدين وإلى ما هنالك من أمور.
اليوم انحسرت المنافسة وصارت بين فريقين اثنين بعد أن شاهدنا الفرق تسقط من القمة واحداً بعد الآخر، فبدأ الجيش بالتنازل عن الصراع ولحقه الوثبة وأخيراً جبلة، ودرع الدوري اليوم حائر بين الفتوة وأهلي حلب، مع أفضلية للفتوة لفارق النقطة بينهما، الفريقان سيلعبان مع المجد بدمشق، والفتوة سيلعب مع الوثبة بحمص أما أهلي حلب فسيلعب مع تشرين بحلب، وإذا افترضنا جدلاً أن الفريقين فازا على المجد مع العلم أن اللقاء مع المجد سيكون صعباً لموقع الفريق المهدد وحاجته لنقاط النجاة فإن مباراتي الفتوة مع الوثبة وأهلي حلب مع تشرين ليستا بمنأى عن الخطر وربما كانتا الفصل بتحديد بطل الدوري.
السؤال المهم: كيف تراجعت الفرق المنافسة عن صراع القمة وكيف فرطت بلقب كانت أقرب إليه من غيرها؟
الجواب المباشر أن هذه الفرق لم تملك شخصية البطل، ولم تملك النفس الطويل للاستمرار بصراعها، لذلك عند أول مطبّ تعرضت لها انسحبت بهدوء من ساحة الصراع واكتفت بما حققت، مع العلم كل ناد من هذه الأندية له أسبابه الخاصة التي تختلف عن غيرها.
انسحاب تكتيكي
بقي الوثبة متصدر الدوري حتى الأسبوع الرابع عشر، لكنه بدأ التعثر بلقاء حطين بالتعادل السلبي وهو ما رفع إشارات استفهام حول تفريط اللاعبين وعدم قدرتهم على التسجيل بعد أن كانت المباراة محسومة للوثبة على الورق ولو فاز بها لابتعد عن أقرب منافسيه بفارق أربع نقاط، لكن اللقاء المهم مع جبلة كان له آثار نفسية ومعنوية كبيرة على اللاعبين.
وقد شعر الفريق أن الخسارة كانت مبيتة وأن الفريق لحقه ظلم كبير بسبب الحكم وما حصل من أحداث وشعر وقتها أن هناك من لا يريد للوثبة الاستمرار بالصدارة والمنافسة على اللقب.
رغم الخسارة إلا أن حظوظ الوثبة بقيت كبيرة لكن على ما يبدو أنه تخلى عن الفكرة تلقائياً فانسحب تكتيكياً ولعله أراد من ذلك أن يعيش خارج الضغوط لأنه لا يريد الدخول في حسابات قد لا تكون في مصلحته وخصوصاً أن الأجواء كما يعتقد البعض لم تعد نظيفة.
الوثبة تراجع أسبوعاً بعد أسبوع ولم يعد ذلك الفريق المرعب فبعد أن حافظ على سجله نظيفاً من الخسائر 14 أسبوعاً خسر بعدها مع جبلة وأهلي حلب 1/2 ومع المجد صفر/2 وتعادل مع الكرامة صفر/صفر وله مباراة مؤجلة سيلعبها مع تشرين اليوم ويستقبل الفتوة يوم الجمعة ويختتم الدوري بلقاء الجيش بدمشق.
مدرب الفريق فراس معسعس الذي استقال بعد خسارة الفريق أمام المجد صفر/2 أشار إلى أن أكثر الأسباب التي أثرت في الفريق توقفات الدوري الطويلة والمتعددة، فكلما كان فريقه في (الفورمة) يأتي التوقف ويطول ما يصيب اللاعبين بالملل والإرهاق النفسي، ويأتي بعدها مرحلة إعداد الفريق من جديد ليكون في أتم الجاهزية، من هذا الكلام نعتقد أن الفريق خسر منافسته على اللقب نفسياً، فلم يملك العزيمة القوية التي تجعله يصمد ويتحدى الظروف..
ويواصل: وهذا الأمر تكرر مع فريق الوثبة للموسم الثاني على التوالي، وما زالت قصته مع فريق أهلي حلب محفورة بالأذهان حتى الساعة، هذه الناحية يجب أن تجد الحلول المجدية عن إدارة النادي حتى لا تتكرر للمرة الثالثة، فقناعتنا أن نادي الوثبة كان هذا الموسم الأميز والأفضل والأكثر تحلياً بالثقافة الكروية الصحيحة ولكن لكي شيء إذا ما تم نقصان!
حلم مؤجل
عشاق النوراس عليهم الانتظار موسماً آخر بعد أن اقترب حلم البطولة منهم كثيراً لكنهم أضاعوه أمام فريق بطل من الصعب هزيمته، وإذا أخذنا بالأسباب الحقيقية لتنازل جبلة عن اللقب والصدارة فهي أسباب عديدة غير ما يدعي البعض أن التحكيم أضرّ بجبلة، لأن الضرر لحق بالكثير من الفرق ولأن القرار التحكيمي إما لم يرضها أو لم يكن عادلاً.
جبلة في كل المباريات التي خاضها وبلغت 18 مباراة خسر مرتين، والخسارتان كانتا على أرضه أمام الفتوة وتشرين وكما نعلم أن جميع الفرق خسرت مباراتين والمتصدر الحالي الفتوة خسر ثلاث مباريات، إذاً علّة جبلة لم تكن بالخسارة، بل كانت بإهدار النقاط من خلال التعادل الذي تكرر ثماني مرات، هناك المشكلة وهنا بيت القصيد.
جبلة في مواجهاته مع الكبار لم تكن النتائج بمصلحته ومن يرد اللقب يجب أن يهزم الكبار وأن ينافسهم ويسرق منهم النقاط، لكن المتصدر الحالي الفتوة نال أربع نقاط من جبلة بفوز وتعادل، أهلي حلب تعادل مع جبلة مرتين صفر/صفر و1/1 الجيش تعادل مرتين 1/1، الوثبة تعادل مرة 1/1 وفاز في الثانية 2/1، حتى صاحب المركز السادس تشرين تعادل معه باللاذقية 1/1 وخسر بجبلة صفر/1.
انتصارات جبلة تحققت على فرق المؤخرة ففاز على المجد مرتين 5/2 و2/1 وعلى حطين مرتين 3/صفر و2/1 وعلى الوحدة 3/صفر وعلى الطليعة 3/1 ثم تعادل 1/1، كما حقق فوزاً قانونياً على الكرامة.
الملاحظ أن الفريق لم يجار الكبار كما هو مفترض، بل إن العديد من أهدافه جاءت بوقت متأخر جداً، وهذا دليل أنه لم يكن قادراً على حسم المباريات إلا بالرمق الأخير كما حدث إياباً مع حطين وأهلي حلب والمجد.
مجمل هذه النتائج دلّت على أن فريق جبلة تطور كثيراً عن المواسم السابقة ولا أحد ينكر أنه قدم أداء جيداً في العديد من المباريات، وأنه يمكن البناء على الفريق الحالي بعد دراسة الأخطاء لتشكيل فريق يملك شخصية البطل وقادر على الظفر بالدوري.
من الأسباب الأخرى وكما اطلعنا عليها في بعض صفحات التواصل الاجتماعي أن هناك عدم رضا عن أداء بعض اللاعبين وبعض كوادر النادي، وهذا الأمر إن كان صحيحاً فعلاجه سهل وجبلة أدرى بفريقها.
غياب الاستقرار
فريق لم يحقق إلا فوزين في مرحلة الإياب على فريقين من فرق المؤخرة لا يستحق أن يكون ضمن كوكبة المنافسين على اللقب، الزعيم أنهى الذهاب بفارق نقطة واحدة عن المتصدر الوثبة وكان من أبرز المنافسين على اللقب مطلع الإياب بفوزه على المجد 4/1، لكنه دخل بعدها في دوامة كبيرة من النتائج المخيبة للآمال فتعادل مع تشرين 1/1 وخسر على التوالي أمام أهلي حلب صفر/1 والكرامة 1/2 ثم الفتوة 1/3 وتعادل مع الوحدة 1/1 وفاز على حطين 2/1 ثم تعادل مع جبلة 1/1 وسيلعب الجمعة مع الطليعة بحماة ويختتم الدوري بلقاء الوثبة في دمشق.
عملياً لم يحقق الجيش إلا تسع نقاط في الإياب وهي حصيلة ضعيفة جداً لفريق بمستوى الزعيم، وربما السبب الأكبر يكمن بتغيير المدرب، وعلى ما يبدو أن المدرب أيمن الحكيم الذي بدأ الإياب لم يوفق مع الفريق ولم ينسجم أسلوبه مع اللاعبين فلم يحقق إلا أربع نقاط من أربع مباريات فخسر الفريق كل آماله.
أيضاً يمكن أن نذكر أن أداء الفريق لم يكن بالشكل الجيد الذي اعتدنا أن نراه من فريق الجيش، وتبين من خلال المتابعة لعدة مباريات أن ضعف الفريق في خط وسطه الذي يحتاج إلى دراسة وإعادة تشكيل، بكل الأحوال هناك أمور أخرى كثيرة لسنا بوارد استعراضها وإدارة النادي على مقدرة كبيرة لتعرف مكامن الخلل فتعالجها وتعزز بمقابلها الإيجابيات الكثيرة الموجودة بالفريق.
كان يا ما كان
نستطيع القول إنه كان بالإمكان أحسن مما كان بالنسبة لفريق تشرين، وقد تهيأت له فرصة كبيرة لدخول أجواء المنافسة بالوقت الذي بدأت فرق الصدارة بالسقوط فريقاً بعد آخر، لكن ضاع الفريق وأضاع معه فرصة الدفاع عن لقبه، وما زلنا نعتقد أن تشرين من أفضل فرق الدوري، ويضم في صفوفه خليطاً بين مخضرمين ونجوم ومواهب شابة، لكنه يعاني ضعفاً في بعض المراكز وأفضل لاعبيه حارسه أحمد مدنية الذي كان فريقاً وحده في الميدان بالكثير من المباريات، ربما عانى تشرين ضغط المشاركة العربية، لكنها ليست مبرراً لبعض النتائج، فالمشاركة العربية قوّت صلبه وزادته ثقة بنفسه ومنحت لاعبيه المزيد من الخبرة.
مشكلة الفريق بالتعادل الذي أطاح بكل أحلام الفريق ورغم أنه أنهى الذهاب سادس الترتيب وله 14 نقطة مبتعداً عن المتصدر بفارق ست نقاط إلا أنه جدد آماله بالفوز على الفتوة بهدف لكنه غرق في التعادل وأسرف وخصوصاً أنها حالة حصلت مع فرق الطابق الثاني فتعادل مع حطين والكرامة والطليعة صفر/صفر، كما تعادل مع الجيش 1/1 بمباراة أضاع نقاطها بسهولة.
تشرين كان كبيراً مع الكبار فتبادل الفوز مع الفتوة 1/صفر وفاز على أهلي حلب 2/1 وسيختتم الدوري معه وتعادل مع الجيش مرتين صفر/صفر و1/1 وتعادل مع الوثبة 1/1 وسيلعب معه اليوم وتعادل مع جبلة 1/1 وغلبه 1/صفر.
فاز على الوحدة مرتين 1/صفر و2/صفر وعلى المجد مرتين 1/صفر و2/صفر، لكنه تعثر مع الكرامة فتعادل مرتين صفر/صفر وكذلك مع الطليعة، وخسر مع حطين صفر/1 وتعادل معه سلباً.
تشرين لم يخسر منذ مطلع الدوري، وقد تعرض للخسارة أمام الفتوة وحطين بهدف، وما زال محافظاً على سجله بلا خسائر.
تشرين قادر على العودة في الموسم المقبل، لكنه يحتاج إلى تدعيم وزج لبعض مواهب النادي وتجربة محمد أسعد خير دليل.