اقتصاد

أحلام صناعية!

| هني الحمدان

الصناعة ليست بخير، شأنها شأن بقية القطاعات الإنتاجية الأخرى، الصناعي يشكو ويتذمر ويطلب، ومناخ عام لم يكن مناسباً كما يجب مع ظروف تسجيل قصص نجاح في صناعة الصناعة وتطورها.

لم تتمكن الجهود الحكومية الحالية ولا تعاقب الحكومات ولا خطط السادة الوزراء في الحقل الصناعي من خلال فلسفتهم ورؤاهم والخطط التي كلفت الأموال، من جعل سورية واحة صناعية متميزة، رغم أنها عاشت أياماً بظروف مناسبة، طبعاً مع بعض استثناءات وشواهد على نجاح صناعات، لكن بالمجمل العام لم تصل الصناعة لتلك المرحلة التي تعزز من وجودها وبقائها بمرحلة قوية.

قطاع عام ينزف، وخاص متخوف، حساباته المادية والربحية منظاره الوحيد، الكل طامح بالمزيد من الدعم وعطايا الحكومة على قلتها، ففي أي مناسبة أو اجتماع تسمع سيلاً من المطالبات، يجب ويجب، من دون أن يسأل أي أحد الصناعي ماذا قدمت..؟ ماذا تكلفت وأين مساهماتك ومبادراتك ولو تحملت جزءاً بصرف قسم من مكتنزاتك..؟ النظرة القائمة هي وجوب دعم هذا القطاع على حساب آخر، فالمسألة ليست كذلك، الأمر يجب أن يكون الجميع وخاصة الصناعي والإدارات المشرفة على العام أيضاً على دراية أن هناك رسالة ودوراً يجب أن يكون بالمقدمة وديدن عملهم يتمثل بدور فاعل يعزز الاعتماد على الذات والقدرة على تحقيق التنمية المستدامة بسواعد وأموال مساهمة محلية.

سنوات الحرب وماتلاها والآن والجميع يعيش أوضاعاً صعبة تتجلى الصورة بمدى الحاجة الملحة لصناعات محلية، فالقادم ربما لا يأتي بالتسهيلات والمحفزات لخلق أجواء مناسبة لإنتاجية صناعية.

اليوم صناعات كثيرة فضّل أرباب عملها ليس تخفيف الإنتاجية، بل من جبنه قرر إغلاق منشأته خوفاً من الوقوع في الخسائر، وحجته ارتفاع التكاليف وغيرها، حتى في القطاع العام لم تحقق العائدية الكافية ليكون جسراً قوياً يسد كل احتياجات السوق المحلية من كل المنتجات.

ياسادة انتبهوا جيداً.. الواقع إن بقي على منوال بعض الصناعيين الذين بدؤوا يخففون من طاقاتهم الإنتاجية وبعض منهم أغلق باب الإنتاج، فإن واقعاً غير صحيح سيحدث، ونعتمد كلياً على الواردات وما تستنزفه من أعباء مالية عالية.

الحكومة ليست بمقدورها فعل شيء، أعطت من التسهيلات مايكفي، فماذا أعطى الصناعي سوى تكرار مطالبه مع أي فرصة أو مناسبة؟، صحيح أن دعم الصناعة بشكل عام وتوفير كل المسببات لنهوضها ونموها وتطورها أمر ضروري للاقتصاد، من باب أن الصناعة بعيداً عن أنها تمتص أيدياً عاملة ضخمة، هي تعمل على زيادة النمو الاقتصادي وتأمين الإيرادات المستدامة للدولة وتحسين معدلات النمو، كما أنها المحرك والجاذب للتكنولوجبا وتطوير الابتكارات الجديدة التي تحسن مختلف القطاعات.

لا يمكن أن تتوفر المنتجات المحلية في الأسواق من دون وجود قطاع صناعي قوي، يتلقى دعماً من الدولة بكل أشكال الدعم والتسهيلات، وهو أمر مهم جداً لتوفير السلع والخدمات المحلية والحفاظ على اقتصاد بمستويات معتدلة، وعلى الصناعي أيضاً أن يتحمل جزءاً من تشغيل رؤوس أمواله لرفد الأسواق بالمنتجات، ذلك خير من الاستسلام والركون جانباً، بالإنتاج وحده تنمو الحياة وينتعش الاقتصاد.

قطاع يحتاج لحزمة من القرارات المشجعة وأساليب الدعم وخلق قنوات عمل بلا ضرائب مع القطاع الخاص لزجه في أجواء العمل، عندها قد نهيء بيئة مناسبة لإنتاج صناعة معقولة، خاصة في ظروف صعبة كهذه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن