قضايا وآراء

قوانين الطوارئ الأميركية مشاريع حرب حاضرة

| أحمد ضيف الله

قالت السفيرة الأميركية في العراق ألينا رومانوسكي في مقابلة خاصة مع قناة «سكاي نيوز عربية» في الـ16 من أيار 2023: العراقيون «لا يريدون دولة تسيطر عليها الميليشيات»، وإنه «مهما تكن طبيعة علاقة رئيس الوزراء (محمد شياع السوداني) مع هذه الجماعات المسلحة والفصائل فإن الهدف يجب أن يبقى منصباً على ضمان تمتع العراق بالاستقرار والأمن وهو هدف منوط تحقيقه برئيس الوزراء»، مؤكدة أن «العراق يمثل أهمية إستراتيجية كبيرة لدى واشنطن»، وأن «الولايات المتحدة ستظل موجودة في المنطقة وستبقى مهتمة بتعميق شراكاتها مع دولها، خصوصاً مع العراق».

وبعد بضع ساعات من مقابلة السفيرة رومانوسكي، نشر البيت الأبيض مرسوماً بتوقيع الرئيس الأميركي جو بايدن، أشار فيه إلى أنه «لا تزال هناك عقبات تعترض إعادة الإعمار المنظم للعراق، واستعادة السلام والأمن في البلاد والحفاظ عليهما، وتطوير المؤسسات السياسية والإدارية والاقتصادية»، وأن «هذه العقبات تشكل تهديداً غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للعراق والولايات المتحدة أيضاً، لذلك قررت أنه من الضروري استمرار حالة الطوارئ الوطنية المعلنة بموجب الأمر التنفيذي 13303 فيما يخص استقرار العراق».

إن استمرار حالة الطوارئ في الولايات المتحدة الأميركية بخصوص الشأن العراقي، يمنح الرئيس الأميركي وإدارته سلطات استثنائية في اتخاذ القرارات التي تراها مناسبة ضد الشخصيات والكيانات وكل من ترى أنه يهدد الأمن القومي الأميركي وسياساته الخارجية، بالاستناد إلى قانون سلطات الطوارئ الاقتصادية والدولية، الذي تم تشريعه عام 1977، والذي سبق أن استند إليه الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش في قرار غزو العراق، واستخدمه رؤساء آخرون لتبرير الأعمال العسكرية في أنحاء متفرقة من العالم، المعلن منها والمخفي، كالاغتيالات وترتيب القلاقل والانقلابات، المصنفة أميركياً بـ«العمليات القذرة خارج الولايات المتحدة الأميركية»، ومنها قرار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب باغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، ونائب رئيس الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس قرب مطار بغداد الدولي في الـ3 من كانون الثاني 2020.

قرار الرئيس الأميركي بايدن بتمديد حالة الطوارئ في العراق، غير مبرر ومرفوض، وإن كان مريدو الوجود الأميركي في المنطقة، يبررون صدوره بأنه روتيني يصدر في أيار من كل عام لحماية المصالح القومية الأميركية والعراقية! لكونه يُدخل العراق في منعطف صعب وخطر بعد الاستقرار الأمني الملحوظ الذي يشهده العراق منذ أكثر من ستة أشهر، بهدف استمرار بقاء الوجود العسكري الأميركي في العراق استناداً إلى تصريحات سفيرته رومانوسكي التي تتهم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بالعلاقة مع «ميليشيات مسلحة» خارج رغبة ورضا العراقيين حسب زعمها، وهو تدخل سافر واتهام فظ، في محاولة لزرع الفتنة والبلبلة بين العراقيين، كما أنه تهديد مبطن للحكومة العراقية بأن أي قرار تتخذه وتراه واشنطن أنه لا يتفق وسياساتها في المنطقة، سيكون محل رد.

في الثامن من أيار 2023، مددت الولايات المتحدة الأميركية قانون حالة الطوارئ بشأن سورية حتى عام 2024، الذي يعود منشأه إلى عام 2003، المتعلق بوجود القوات السورية في لبنان آنذاك، والذي مُدد مراراً منذ ذلك التاريخ وفقاً لتطور الأوضاع في سورية، وذلك بعد يوم واحد من قرار جامعة الدول العربية بعودة سورية لشغل مقعدها في الجامعة.

الولايات المتحدة الأميركية ترى في تمديد حالة الطوارئ في سورية والعراق، مدخلاً مناسباً ودائماً لاستمرار حروبها ووجود قواتها العسكرية في كلا البلدين على اعتبار أنهما مسرح واحد مناسب لسرقة مقدرات البلدين الاقتصادية، وزعزعة أمنهما القومي، وأمن المنطقة.

إن مبدأ الانسحاب الأميركي من المنطقة العربية بات من المحرمات تداوله، وهو ما أكدته السفيرة الأميركية في العراق ألينا رومانوسكي، في مقابلتها الخاصة مع قناة «سكاي نيوز عربية»، بالقول: إنه «قبل نحو عام وبالضبط في تموز من العام الماضي زار الرئيس الأميركي جو بايدن السعودية والتقى زعماء المنطقة وأوضح بشكل جلي أن الولايات المتحدة لن ترحل عن المنطقة فهي تعتبرها ذات أهمية إستراتيجية».

أميركا، ترى أن فكرة الانسحاب من المنطقة العربية ومن العراق وسورية على وجه الخصوص، سيقلل من إمكانية تدخلها أو تأثيرها في شؤون المنطقة، وما من شك أن عودة سورية لشغل مقعدها في الجامعة العربية، وحضور الرئيس بشار الأسد القمة العربية في جدة في الـ19 من أيار الجاري، أربكا الإدارة الأميركية.

وكمدخل لعرقلة التفاهمات العربية في المنطقة في حل مشكلاتها من دون تدخل وفتن وتحريض خارجي، فإنه من غير المستغرب أن تصدر الولايات المتحدة الأميركية قوانين حالة طوارئ أخرى بحق دول عربية جديدة، على شاكلة قوانينها بشأن لبنان واليمن وليبيا والسودان.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن