لست بحاجة لشرح مكانة سورية في قلوب العرب، وهي قلب العروبة النابض، ولكني سأسلط الضوء هنا على صفحة من صفحات تاريخ العلاقات السورية-الإماراتية التي لم تنقطع يوماً، رغم كم التحديات والمؤامرات التي تعرضت لها تلك العلاقة مع الدولة السورية نفسها منذ اندلاع الحرب الكونية عليها في 2011 تحت مسمى الربيع العربي، أو الربيع العبري إن صح التعبير.
فالدولة السورية دفعت ثمن عروبتها ومواقفها الراسخة باهظاً جداً على مدار تاريخها، ويكفي ما قدمته سورية في حربها ضد جحافل الإرهابيين والتكفيريين والمرتزقة القادمين لها من كل بقاع العالم عام 2011.
ولأن دولة الإمارات العربية المتحدة قيادة وشعباً، تدرك عمق سورية الإستراتيجي وأهميتها، فلم تتخل يوماً عنها، حتى في الوقت الذي كان فيه الصوت الغالب يدعو لمقاطعتها، بل وتغذية الإرهاب فيها، حتى أصبح هدف دول عديدة في المنطقة وخارجها هو تمزيق أوصال الجغرافيا السورية، ومحو تاريخها، وتدمير صمام أمانها ألا وهو الجيش العربي السوري.
قادة الإمارات المعروفون بحكمتهم وذكائهم الخاص، كانوا يدركون منذ اللحظة الأولى أهمية ثبات وبقاء الدولة السورية، وأنه في حال سقوط سورية في يد الإرهاب، فستسقط المنطقة كلها في دائرة الفوضى التي بشرتنا بها من قبل إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما وكوندليزا رايس.
لذلك كان خيار الإمارات العربية المتحدة الأول والأخير، هو دعم وحدة أراضي الجمهورية العربية السورية، والتعاون في محاربة الإرهاب العثماني المطعم بالفكر الإخواني المنحرف.
وحسب وعي دولة الإمارات المؤمنة لأقصى درجة بأهمية الحفاظ على وحدة الدول والجيوش الوطنية ضد المؤامرة التي انفجرت ضد دول المنطقة في 2011 بحجة الديمقراطية والحرية، وكانت الإمارات تتحرك لوقف تلك المؤامرة، وكان ذلك بعد أن أوقفت المد الإخواني في تونس وليبيا ومصر واليمن، عبر التعاون مع الجيوش الوطنية لتلك الدول.
واليوم تعود إمارات الإنسانية والحكمة والعروبة مجدداً لتعيد تصحيح خريطة المنطقة بعد ما أصابها جراء الثورات المزعومة والحروب والفتن التي مزقتها، وتمد يد العون والخير لكل تلك الدول المتضررة، ومن ذلك المنطلق كانت الإمارات أول من يطرق أبواب دمشق وتأخذ على عاتقها إعادة سورية لجامعة الدول العربية من جديد، وقد كان.
ومن ذلك المنطلق أيضاً انطلقت عملية «الفارس الشهم» بقيادة صاحب البصيرة النافذة رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة صاحب السمو سيدي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حفظه الله، لتكون أول يد ممدودة للحبيبة سورية بعد زلزال شباط الماضي، وكان لي الشرف أن أكون موجوداً مع الهلال الأحمر الإماراتي لإغاثة الأشقاء بسورية، والوجود بالمناطق المتضررة لأيام كثيرة، كي يلتمس قلبي حينها حباً خاصاً لسورية ولشعبها العروبي الطيب.
أخيراً وليس آخراً كما أن سورية في قلب العروبة فهي أيضاً في عيون كل إماراتي، وقد ترجمت تلك الكلمات إلى أفعال عبر الدعم السياسي والإنساني والاقتصادي الذي قدمته الإمارات لسورية مؤخراً، وأدعو اللـه من كل قلبي أن أعود لسورية مجدداً في القريب العاجل، وهو ما أسعى إليه بالفعل، فعند وجودي بسورية أشعر كأني موجود بداري.