الدبلوماسية الروسية تهيئ المسرح للقضاء على «الأحرار» و«جيش الإسلام»
شهد عام 2015، تحولاً كبيراً في الحرب التي تشهدها سورية عندما ألقت موسكو بثقلها في مواجهة التنظيمات الإرهابية. وآثرت الدبلوماسية الروسية أن تختتم العام الفائت بموقف حازم حيال تنظيمي: «جيش الإسلام» وحركة «أحرار الشام الإسلامية».
اللافت أن هذين التنظيمين باتا أيضاً من دون غطاء أميركي، أو إن واشنطن اختارت أن ترفع يديها عنهما في العلن، لتترك الحبل على الغارب لحلفائها الإقليميين لدعمهما وحمايتهما من «المدحلة العسكرية» التي يشكلها الجيش العربي السوري وحلفاؤه، وبالأخص الروس، والمقص الدبلوماسي على طاولة «فيينا».
وفي الربع الأخير من الشهر الأخير من عام 2015 الماضي، أعلن الجيش العربي السوري مقتل متزعم مليشيا «جيش الإسلام» زهران علوش، مع عدد من قادة ميليشيات أخرى، في غوطة دمشق الشرقية. وشارك «جيش الإسلام» و«أحرار الشام» في مؤتمر الرياض الذي جمع عدداً من المجموعات المسلحة والتيارات المعارضة أواسط كانون الأول الماضي.
وتأكيداً على دعم الجيش العربي السوري في عمليته تلك، أكدت وزارة الخارجية الروسية رفضها مشاركة «جيش الإسلام» و«أحرار الشام» بأي شكل من الأشكال في عملية التسوية السياسية للأزمة في سورية. واعتبر نائب وزير الخارجية الروسي أوليغ سيرومولوتوف أن مكان هذين التنظيمين هو قائمة التنظيمات الإرهابية، التي تعكف لجنة من «مجموعة الدعم الدولية لسورية» على وضعها وكان قد شكلها اجتماع وزراء خارجية دول المجموعة في مدينة نيويورك في 18 من الشهر الماضي.
وشرح سيرومولوتوف في تصريح نشر في اليوم الأخير من السنة الماضية، الأسباب الموجبة لضم «جيش الإسلام» و«أحرار الشام» إلى قائمة التنظيمات الإرهابية، فقال: إن هذين التنظيمين «إرهابيان إجراميان يجب القضاء عليهما ووضع حد لأنشطتهما الإجرامية.. تورطا في عدد كبير من الجرائم الإرهابية وانضم إلى صفوفهما العديد من إرهابيي «جبهة النصرة» التي اعتبرتها الأمم المتحدة منظمة إرهابية كفرع لتنظيم القاعدة». وبيّن أن «جيش الإسلام» يتحمل مسؤولية القصف العشوائي لأحياء دمشق السكنية الذي أسفر عن سقوط مئات الجرحى في صفوف المدنيين ويقف وراء قصف السفارة الروسية في دمشق والذي اعتبرته الأمم المتحدة عملاً إرهابياً، كما أنه المسؤول عن ارتكاب المجازر بحق أهالي مدينة عدرا العمالية. ولفت الدبلوماسي الروسي إلى أن الأميركيين لا يعتبرون «جيش الإسلام» جزءاً من المعارضة المعتدلة، لكنهم مع ذلك يعرضون بحث إمكانية إشراك هذا التنظيم في المفاوضات حول التسوية السياسية. اللافت في كلام المسؤول الروسي أن الأميركيين لم يعرضوا ولو مرة واحدة مشاركة «أحرار الشام»، التي تسربت أنباء عن عزم وزارة الخارجية الأميركية تصنيفها مع «النصرة» على لائحتها للتنظيمات الإرهابية في عام 2012. إلا أنها عدلت عن ذلك واكتفت بتصنيف الجبهة فقط.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر، قد علق بعد مرور أيام على مقتل علوش، قائلاً: إن ذلك من شأنه أن «يُعقد الجهود الرامية إلى مفاوضات سياسية جادة، ووقف إطلاق النار».
وأكد تونر أن الولايات المتحدة لا تقدم «أي دعم» لجيش الإسلام، «إذ لدينا مخاوف كبيرة حول تصرفات الجماعة في ساحة المعركة»، لكنه أشار إلى أن هذه الميليشيا «دعمت العملية السياسية لإنهاء الصراع، وحاربت تنظيم داعش»، كما شاركت في مؤتمر الرياض للمعارضة السورية.
وعلى ما يبدو فإن الساحة باتت مهيأة أكثر أمام الجيش العربي السوري وحلفائه لتوجيه ضربة قاسية لـ«الأحرار» و«جيش الإسلام» في الشمال وغوطة دمشق الشرقية، وخصوصاً أن دولاً في المنطقة، مثل الأردن والإمارات ومصر تعتبر هذه التنظيمات إرهابية أيضاً.