موسكو: الحديث عن تسوية للنزاع في أوكرانيا سابق لأوانه.. وزيادة مشاركة الغرب تنذر باندلاع حرب نووية … بوتين: إيديولوجية الهيمنة والتفرد ستصبح جزءاً من الماضي
| وكالات
أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن تزايد عدم الاستقرار حول العالم يعود إلى حد كبير لرغبة الولايات المتحدة وحلفائها في الحفاظ على الهيمنة، وتجاهل سيادة الآخرين، في حين حذر وزير الخارجية سيرغي لافروف من أن زيادة مشاركة الغرب في الحرب الأوكرانية ستؤدي إلى خطر اندلاع حرب نووية، بينما أكدت الرئاسة الروسية أنه من السابق لأوانه الحديث عن تسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا.
ونقل موقع «روسيا اليوم» عن بوتين قوله في رسالة عبر الفيديو وجهها للمشاركين في الاجتماع الدولي الحادي عشر للممثلين الساميين للشؤون الأمنية أمس: إن تصاعد عدم الاستقرار في العالم ترافقه محاولات من الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية للاستفادة من الأزمات التي يثيرونها، مشيراً إلى أن شعوب عدد من الدول تعاني العواقب المأساوية للانقلابات المنظمة من الخارج والتدخل في شؤونها الداخلية، فضلاً عن محاولات انتزاع مزايا أحادية الجانب من أزمات الطاقة والغذاء، التي أثارتها الدول الغربية.
وشدد بوتين على أن روسيا مقتنعة بوجود بديل حقيقي لمثل هذا المسار المدمر، وسياسة الابتزاز، والعقوبات غير المشروعة، ألا وهو تعزيز الاستقرار في العالم، والبناء المتسق لنظام الأمن الموحد غير القابل للتجزئة، وحل المهام الواسعة النطاق لضمان التنمية الاقتصادية والتكنولوجية والاجتماعية، مضيفاً: إنه من الضروري تنسيق جهود جميع البلدان والعمل المشترك المضني على مبادئ الاحترام المتبادل والشراكة والثقة، وتلك هي الأساليب التي وضعناها في المفهوم المحدث للسياسة الخارجية الروسية.
وعبر بوتين عن جاهزية روسيا للتفاعل الوثيق مع جميع الدول المهتمة في مواجهة التهديدات المشتركة، والتحديات المشتركة التي تواجه الإنسانية اليوم قائلاً: «نقدر تقديراً عالياً حقيقة أن لروسيا عدداً من الشركاء في مناطق مختلفة وقارات مختلفة، ونقدر بصدق العلاقات القوية والودية والوثيقة تاريخياً مع دول آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية، وسوف نعززها بكل طريقة ممكنة».
وأضاف بوتين: أنا على ثقة بأننا سنحقق معاً تشكيلاً لعالم متعدد الأقطاب أكثر عدلاً، وستصبح إيديولوجية التفرد والهيمنة، فضلاً عن النظام الاستعماري الجديد الذي جعل من الممكن استغلال موارد العالم بأسره، حتماً، جزءاً من الماضي.
وأشار بوتين إلى أن جدول الأعمال الحالي للممثلين الساميين يحفل بالأحداث المهمة، وعلى رأسها مناقشة الوضع في العالم وآفاق تطوره، وتحليل التهديدات الحديثة الأكثر إلحاحاً، بما في ذلك الإرهاب الدولي، والتطرف، والاتجار غير المشروع بالأسلحة والمخدرات، والجريمة العابرة للحدود، والهجرة غير الشرعية، وبالطبع القضايا المتعلقة بالغذاء وأمن المعلومات.
من جانب آخر، حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من أن زيادة مشاركة الغرب في الحرب الأوكرانية تحمل خطر اندلاع حرب نووية، مشيراً إلى أن دول حلف شمال الأطلسي «ناتو» أصبحت جزءاً من الصراع الأوكراني عبر استمرارها بتزويد نظام كييف بالمزيد من الأسلحة والمرتزقة.
وخلال الاجتماع الدولي الـ11 للممثلين السامين للشؤون الأمنية المنعقد في موسكو، أشار لافروف إلى أن تمدد «الناتو» خلال العقود الماضية يعكس النيات نفسها التي قامت عليها سياسة هتلر، مبيناً أنه في الوقت الذي يشهد فيه العالم تغييرات جسيمة في ظل سعي دول معينة للحفاظ على هيمنتها يسعى الغرب لاستبدال العالم القائم على القانون الدولي، ويحاول حل مشاكله على حساب الآخرين.
ودعا لافروف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى التخلي عن محاولات تهميش هيئة الأمم المتحدة، لافتاً إلى أن واشنطن أقامت مختبرات بيولوجية قرب حدود روسيا في انتهاك لمعاهدة حظر الأسلحة النووية، واتخذت مع حلفائها نهجاً استفزازياً بتوسيع «الناتو» شرقاً، مشدداً على أن الدول الغربية تتسبب عمداً في إثارة الصراعات والفتن بين الدول والأعراق المختلفة في إفريقية وأميركا اللاتينية ومنطقة بحر الكاريبي.
في غضون ذلك، أكد المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديميتري بيسكوف أنه من السابق لأوانه الحديث عن تسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا، إذ لا تزال ممهدات التسوية السلمية غير متوافرة حتى الآن.
وقال بيسكوف في تصريح لوكالة «تاس» تعليقاً على إجراء مفاوضات مع أي من ممثلي سلطات كييف الحالية: من غير المرجح حدوث ذلك لأن أي مفاوضات مع روسيا محظورة في أوكرانيا.
وشدد بيسكوف على رفض روسيا تجميد النزاع في أوكرانيا، قائلاً: روسيا تنظر فقط في إمكانية إنجاز العملية العسكرية الخاصة بهدف ضمان مصالحها، ويجب تحقيق الأهداف التي حددتها روسيا، إما من خلال العملية العسكرية الخاصة أو بالوسائل الأخرى المتاحة.
بدورها أكدت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن واشنطن تخشى أن يتم الاعتراف بها كطرف نشيط بالنزاع الأوكراني، لأنه في هذه الحالة سيتضح أنها تستخدم كييف لأغراضها الخاصة.
وفي تعليقها على تصريح المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميللر بأن واشنطن لا تشجع الضربات الأوكرانية على الأراضي الروسية، قالت زاخاروفا: «يخاف الأميركيون جداً من الاعتراف بهم كدولة تشارك في هذا النزاع ليس كمراقب أو كوسيط بل كدولة نشيطة وأكثر نشاطاً بكثير من نظام كييف نفسه، الولايات المتحدة هي الجانب الذي يستخدم نظام كييف لتحقيق أغراضه الخاصة».
وأشارت زاخاروفا إلى أن واشنطن تلجأ إلى الحيل لمنع الجمهور من فهم جوهر الأزمة التي قامت باختلاقها في أوكرانيا، مشددة على أن الأزمة الأوكرانية من تدبير واشنطن وتم ترتيبها بأياد أميركية.
على خطٍّ موازٍ، أكد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أمس أن القوات الروسية سترد بشكل قوي وصارم على أي عمليات تخريبية أوكرانية، وذلك على خلفية الهجوم على مقاطعة بيلغورود الروسية.