نشرت وكالة «رويترز» تقريراً تحدثت فيه عن إعادة العلاقات السعودية – السورية وما تحمله من إشارات قوية للولايات المتحدة بأن الرياض هي صاحبة القرار في المنطقة، مشيرةً إلى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يسعى ليكون قوة إقليمية.
ووفقاً للتقرير، فإن تحيّة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان «الدافئة» للرئيس بشار الأسد في القمة العربية بالقبلات والأحضان تحدّت رفض الولايات المتحدة عودة سورية إلى الجامعة العربية، وتوّجت تحولاً في حظوظ الأمير السعودي مدفوعاً بالحقائق الجيوسياسية.
وذكر التقرير أن ابن سلمان يسعى إلى إعادة تأكيد دور المملكة العربية السعودية كقوة إقليمية باستخدام مكانه «كعملاق للطاقة في عالم يعتمد على النفط الذي تستهلكه الحرب في أوكرانيا».
وحسب «رويترز» فإنه وبعدما نبذت الدول الغربية ابن سلمان سابقاً، بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018، ظهر ولي العهد السعودي الآن كلاعب لا يمكن لواشنطن أن تتجاهله أو تنكره، لكن يجب أن تتعامل معه على أساس صفقات المصالح المتبادلة.
وبسبب شكوكه في وعود الولايات المتحدة بشأن الأمن السعودي وتعبه من توبيخها له، يقوم محمد بن سلمان بدلاً من ذلك ببناء علاقات مع قوى عالمية أخرى، وذلك بصرف النظر عن خوف واشنطن، فإنه يُعيد تشكيل علاقاته مع خصومها المشتركين، يضيف التقرير.
وعلى الرغم من أن السعودية وفقاً لتقرير «رويترز»، ما زالت تعتمد عسكرياً على الولايات المتحدة، فإن واشنطن تبدو أقل انخراطاً في الشرق الأوسط، وأقل تقبلاً لمخاوف الرياض، وهو ما يجعل ابن سلمان يتبع سياسته الإقليمية الخاصة، مع احترام أقل وضوحاً لآراء أقوى حليف له.
ونقلت «رويترز» عن رئيس مركز «الخليج للأبحاث» في السعودية، عبد العزيز صقر، قوله: إن مشاركة الرئيس الأسد في قمة جدة «إشارة قوية للولايات المتحدة بأنّنا نعيد تشكيل علاقاتنا ونعيد رسمها من دونكم».
وأضاف صقر: «تفاعل السعودية مع خصومها في المنطقة يستند إلى نهجها في الأمن الإقليمي»، مشيراً إلى أن الرياض لم تحصل على ما تريده من الجانب الآخر، أي واشنطن.
وفي السياق ذاته، ذكر تقرير «رويترز» أن موقف ولي العهد السعودي تعزّز العام الماضي، عندما لجأت الاقتصادات الغربية إلى السعودية للمساعدة في ترويض سوق النفط الذي تزعزع استقراره بسبب الحرب في أوكرانيا، إذ أتاح ذلك الفرصة له لشن هجوم دبلوماسي تضمّن حضوراً رفيع المستوى في القمة.
بالمقابل كان اتجاه السعودية بالابتعاد عن الاعتماد على الولايات المتحدة واضحاً بعد توسط الصين للمصالحة بين الرياض وإيران، بعد سنوات من العداء حسب «رويترز»، التي اعتبرت أنه لم يتم التوصل إلى الصفقة مع إيران من موقع القوة السعودية، إذ خرج حلفاء طهران من الصفقة أقوى من حلفاء الرياض في العراق وسورية ولبنان، لكن السعودية أظهرت مع ذلك أنها قادرة على تقليص خسائرها والعمل مع خصومها وأعدائها لدعم مصالحها الإقليمية.