ثقافة وفن

شدا ألحانه نخبة من أهم الفنانين السوريين … حسين نازك.. صاحب مسيرة فنية ملتزمة بالوطن والإنسان … ساهم في وضع موسيقا وألحان الافتتاح لأربع دورات رياضية في سورية

| وائل العدس

نعت وزارة الثقافة ونقابة الفنانين الموسيقار الفلسطيني الكبير حسين نازك الذي عاش في سورية واكتسب شهرته فيها ودفن تحت ثراها بعد رحيله عن عمر 81 عاماً بعد صراع طويل مع المرض، لتخسر الحركة الثقافية والفنية الفلسطينية علماً بارزاً من أعلام الإبداع الفني العربي ومدرسة من مدارسها المجددة للفعل الثقافي.

كان الراحل يعبّر دائماً عن تفاؤله بمستقبل الأغنية والموسيقا في سورية والأغنية الوطنية والمقاومة، باعتبار أن ما يعيش في ذاكرة الإنسان هو العمل الموسيقي والغنائي الذي يلامس وجدانه ويدخل إلى عقله وروحه، والقادر وحده على الانتقال من جيل إلى جيل.

قبل رحيله، ورغم تقدمه بالعمر كان قادراً على العطاء، ويجد متسعاً من الوقت ليقدم أعمالاً فنية يغني بها مشروعه الفني الحقيقي والملتزم، والذي بقي محافظاً على نقائه وجديته، ولم ينغمس في الهابط من الفن.

مسيرة حافلة

ولد في القدس عام 1942 وتعلم الموسيقى في مدارسها، قبل أن يتتلمذ على يد الموسيقار المقدسي يوسف خاشو، ثم درسها بتخصص على يد الموسيقار يحيى السعودي.

وبعد وقوع المدينة تحت براثن الاحتلال الصهيوني هاجر إلى عمّان وعاش فيها سنتين قبل أن يستقر في دمشق عام 1969، حيث أسس فرقة «العاشقين» الشهيرة عام 1976.

وفي عام 1985 أسس فرقة «زنوبيا» القومية الحديثة التابعة لوزارة الثقافة في دمشق، وأعاد توزيع النشيد الوطني الفلسطيني «فدائي» عام 2005، كما ألّف ووزع موسيقا أعمالها المسرحية وأشرف على تنفيذها، ومن الأعمال الفنية التي قدمها معها أوبريتات «قائد وأمة» و«سهرية في ساحة تشرين» ومغناة «الشهادة والشهداء».

الراحل صاحب مسيرة فنية حافلة بالتأليف والألحان والمقطوعات الموسيقية الملتزمة بالوطن والإنسان على المستوى المحلي والعربي، ويعد واحداً من أبرز من اهتم بالتراثين السوري والفلسطيني وجدد فيهما.

كان عضواً في المكتب التنفيذي للمجمع العربي للموسيقا، وعضو مجلس الموسيقا الدولية، وعضو الجمعية الأميركية للملحنين والناشرين.

وشدا ألحانه نخبة من أهم الفنانين السوريين أمثال صباح فخري ومصطفى نصري وسمير حلمي ونعيم حمدي.

بدأ مشواره الطويل في التأليف والتلحين والتوزيع عازفاً على مختلف الآلات في عدة فرق موسيقية غربية وشرقية، وشارك بتأسيس فرقة جوالة، وعندما انتقل إلى سورية عمل في الإذاعة والتلفزيون السوريين مشاركاً في برامجهما المتنوعة عازفاً ومؤلفاً ومعتمداً على حافظته الموسيقية وذاكرة العديد من الفلسطينيين المعمرين في دمشق.

كما لحن الأغنيات الوطنية التي تغنت بمدن فلسطين من كلمات الأديب ناهض الريس.

كما كان للطفل نصيب كبير من نتاجه الموسيقي المميز من خلال تأليفه موسيقا مسلسل الأطفال الشهير «افتح يا سمسم» في جزئه الأول والثاني وعودته إليه في الجزء الخامس، إضافة إلى العديد من برامج الأطفال.

إسهامات ناجحة

تولى نازك في عام 2015 مهمة إحياء وجمع وإعادة تأهيل التراث الفلسطيني الفلكلوري المكتوب والمسموع والمرئي كمدير تنفيذي للمشروع من قبل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.

ساهم في وضع موسيقا وألحان حفلات الافتتاح لأربع دورات رياضية في سورية وهي دورة الألعاب العربية 1976، ودورة الشباب العربي عام 1981، والدورة الأولى للقوات المسلحة عام 1983، ولوحة من حفل افتتاح دورة المتوسط 1987، ووضع موسيقا عشرين مسرحية للمسرح القومي السوري والمسرح الوطني الفلسطيني.

اهتم نازك بالأناشيد القومية التي شاعت وانتشرت في بلاد الشام حيث قام بإعادة توزيع تلك الأناشيد ومن أشهرها: «حماة الديار، بلاد العرب أوطاني، في سبيل المجد، نحن الشباب»

كان عضواً في المجمع العربي للموسيقا، وأسهم في اكتشاف العديد من المواهب الغنائية، كما وضع موسيقا العديد من المسلسلات التلفزيونية والمسرحيات وبرامج الأطفال.

أغاني العاشقين

أسّس حسين نازك فرقة «أغاني العاشقين» كما أسلفنا وترأسها عام 1976، وقدّمت أولى حفلاتها عام 1977.

عادت الفرقة لنشاطها عام 2008، بعد أن انفرط عقدها عام 1985.

وضع جميع البرامج الفنية للفرقة خلال سنوات نشاطها، ودارت كلها حول فلسطين المحتلة والقضية الفلسطينية.

وقد وفرت الفرقة خلال فترة نشاطها مجموعة ضخمة من الأعمال الهادفة الملتزمة بالقضية الفلسطينية في برامج متكاملة.

مسلسلات

في مجال الموسيقى التصويرية للمسلسلات التلفزيونية، فقد ألف ووزع موسيقا نحو 32 مسلسلاً سورياً ولبنانياً وأردنياً، من أهمها «انتقام الزباء، طبول الحرية، حرب السنوات الأربع» إضافة إلى عمله في تأليف وتلحين أغاني الكثير من المسلسلات والبرامج الخاصة بالأطفال، ويأتي في مقدمتها «المناهل» وفيلم «عروس البحيرة» إضافة إلى «افتح يا سمسم» كما ذكرنا.

جوائز كثيرة

حصل الراحل على الكثير من الجوائز، منها الجائزة الأولى لأفضل توزيع أوركسترالي لنشيد «بلاد العرب أوطاني»، وجائزة أفضل استخدام موسيقا للتراث العربي من مهرجان قرطاج عام 1980، وجائزتان ذهبيتان من اليابان لأفضل عرض موسيقي ياباني من موسيقي غير ياباني.

كما حصل على لقب شخصية العام الثقافية لعام 2023 والتي تعلن عنها وزارة الثقافة الفلسطينية كل عام بمناسبة يوم الثقافة الوطني، إضافة إلى تكريمه ضمن أيام الثقافة السورية عام 2020.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن