نشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، تحقيقاً عن استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي الخاصة، للفلسطينيين بشكل مباشر عبر قتلهم، خاصة الأطفال منهم، مشيرة إلى أن هذه العمليات انتهاك واضح للحظر الدولي على عمليات القتل خارج نطاق القانون.
وأوضحت الصحيفة، في تقرير نشرته أول من أمس الجمعة، أنه «لطالما كانت الاقتحامات الإسرائيلية عنصراً أساسياً من عناصر الحياة في الضفة الغربية، لكنها كانت تحدث غالباً في الليل، وعادة ما تنتهي باعتقالات»، مضيفةً «إلا أن هذا العام، وفي ظل الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، تمّ تنفيذ عدد متزايد من الاقتحامات خلال النهار في مناطق مكتظة بالسكان مثل جنين شمال الضفة».
وأجرت «واشنطن بوست» مزامنة لـ15 مقطع فيديو للاقتحام الدموي الإسرائيلي لمدينة جنين في نهار 16 آذار الماضي، والذي أدى لاستشهاد 4 فلسطينيين، هم نضال خازم، ويوسف شريم، وعمر عوادين، ولؤي الصغيّر، وحصل التحقيق على لقطات فيديو من كاميرات مراقبة من المحال التجارية المجاورة لمكان اقتحام القوات الخاصة «الإسرائيلية»، وتحدثت الصحيفة إلى تسعة شهود وحصلت على شهادات من أربعة آخرين لإعادة تصوير الاقتحام بنظام ثلاثي الأبعاد.
ونقلت الصحيفة عن عدد من الخبراء الذين تحدثت إليهم، إن الاقتحام الإسرائيلي لمدينة جنين في نهار 16 آذار يُعدّ انتهاكاً للحظر الدولي على عمليات القتل خارج نطاق القانون، وإنّ هذا الانتهاك تزيد فداحته لكون من ادعت قوات الاحتلال أنهما مسلحان لم يكونا يشكّلان أي تهديد للقوات الإسرائيلية لحظة الاغتيال، إلى جانب وجود العديد من المدنيين في المكان.
وقال المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بحالات الإعدام خارج القضاء فيليب ألستون، بعد مراجعة الأدلة التي قدمتها الصحيفة إنه يمكن للمرء أن يقول بدرجة من الثقة إن هذه عمليات إعدام خارج نطاق القضاء.
وأضاف ألستون: إن الفشل في القبض على الشابين تفاقم بعد ذلك بإطلاق المزيد من الطلقات المميتة حتى بعد تحييد الشخصين.
من جهته، قال المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية مايكل لينك: إن عمليات القتل هذه غير مشروعة إلى حدّ بعيد بموجب المعايير الدولية، وما يزيد من عدم مشروعيتها هو اختيار تنفيذ عمليات الاغتيال في سوق مدنية مزدحمة بشكل واضح.
وأشار لينك إلى أن أياً من الشابين المستهدفين، بدا أنه لا يُمثل أي تهديد ولا حتى تهديد وشيك، وكان من الممكن إلقاء القبض عليهما.
من جهته، اعتبر محامي حقوق الإنسان مايكل سفارد، الذي سبق أن طَعَنَ في شرعية الاغتيالات التي تنفّذها قوات الاحتلال في محكمة الاحتلال، اقتحام جنين أنّه نموذج مثالي لكيفية تنفيذ إسرائيل للعمليات التي تشمل القوة المميتة.
وقالت المحامية بجمعية ما تُسمى حقوق المواطن في كيان الاحتلال روني بيلي: إن المبدأ الأساسي هو ألا تفتح النار إلا إذا كنت في خطر، لكن بحسب منظمات حقوق الإنسان، فإن مسألة ما الذي يشكل خطراً هي مسألة ضبابية في ظلّ القانون الإسرائيلي.
وقالت صحيفة «واشنطن بوست»: إنّ بعضاً من الوثائق الأميركية السرية التي تمّ تسريبها مؤخراً من خلال منصة «ديسكورد» عبر الإنترنت سلّط الضوء على مخاوف الولايات المتحدة المتزايدة من الاقتحامات الإسرائيلية في الضفة الغربية بما في ذلك اقتحام الاحتلال مدينة نابلس بتاريخ 22 شباط، إذ أطلقت قوات الاحتلال النار على مجموعة من المدنيين، وهذا كله قد يخرّب الجهود الدولية لتهدئة الأوضاع في المنطقة.
وأضافت «واشنطن بوست»: إن أحد التقييمات السرية لاقتحام الاحتلال مدينة جنين في 7 آذار حذّر من أن اقتحاماً من هذا النوع من شأنه أن يدفع الفلسطينيين للرد بكل تأكيد.
وأُصيب شاب فلسطيني بنيران قوات الاحتلال التي اقتحمت بلدة قباطية جنوب جنين فجر أول من أمس الجمعة، في الضفة الغربية.
ويوم الإثنين الفائت، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، ارتقاء 3 شهداء وإصابة 3 آخرين برصاص الاحتلال خلال اقتحام مخيم بلاطة ومحاصرة أحد المنازل.