في الجولة ما قبل الأخيرة من الدوري الكروي الممتاز … شغب وشطط وبطاقات ملونة كثيرة في أغلب المباريات .. لابد من حلول مجدية لرفع الشبهات عن المباريات
| ناصر النجار
مباريات الجمعة في المرحلة ما قبل الأخيرة أوضحت الصورة الأخيرة لشكل المنافسة على لقب الدوري الكروي ورسمت معالم الهبوط بخيوط واضحة، والحسم اليوم بات بدرجة تقارب التسعين بالمئة، فالفتوة قد يصبح بطلاً جديداً للدوري والمجد قد يرافق الجزيرة إلى الدرجة الأولى.
فريق المجد دفع الضريبة وحده لأن جدول المباريات وضعه مع أقوى فريقين في أحلك الأوقات، بينما منافسوه خطفوا نقطة من هنا ونقطة من هناك، فقد تدبروا أمرهم وسيبقى كذلك حتى صافرة النهاية.
ولم تنفع الانتصارات الكبيرة التي حققها المجد على الكرامة والوثبة والوحدة، لأن خسارته الثقيلة أمام حطين صفر/3 أحبطت كل آماله، والمجد لم يكن في مرحلة الذهاب بالجدية المطلوبة فغرق في مشاكله الإدارية والفنية وها هو اليوم يدفع الفاتورة باهظة الثمن!
لا نقول إنه من المستحيل أن يفوز المجد على الفتوة، لكن بالعقلية التي تدار بها كرة المجد لا يمكنه الفوز، فعندما تقابل فريقاً بحجم أهلي حلب يقاتل على الصدارة فتعطيه الأفضلية بطرد لاعب في الدقيقة الرابعة بتصرف طائش لحقه طرد مدير الفريق، فهذا يعني أن المجد لا يملك الثقافة الاحترافية التي تؤهله للبقاء بين الكبار، وكنا نتمنى لو تجاوز الفريق هذا الأذى فلم يقع بشرّ عمله لكان أجدى له وأنفع، نحن هنا نتكلم عن الحادثة بتجرد وحسن الظن ولا نغرق في متاهة الشبهات التي تخوض بها صفحات التواصل الاجتماعي وقد رأت في هذين الطردين غير المبررين ما يدعو للشك والريبة.
إخراج سيئ
الصورة التي ظهرت فيها مباراة الوثبة والفتوة صورة لم نكن نحب أن نراها من فريقين كبيرين ونحن هنا نتكلم عن المسائل الفنية بالدرجة الأولى.
استغرب المراقبون تماماً من فريق يعتبر الأفضل بالدوري من حيث نوع اللاعبين وحجمهم أنه يخشى مباراة تؤهله إلى اللقب فيلعب أغلب المباراة مدافعاً ويترك مهاجماً واحداً وسط كوكبة مدافعي الفريق الآخر.
وتوقع الجميع من الشمالي أن يلعب بثلاثة مهاجمين وأن يطبق على مرمى الوثبة منذ الدقيقة الأولى وأن يحسم المباراة في شوطها الأول، ثم يلعب مرتاحاً في الشوط الثاني، لكنه آثر الدفاع وكاد مرماه يتعرض لأكثر من هدف وأن يخسر المباراة إلا أن الظروف وأشياء أخرى خدمته ففاز.
ما الشيء الذي يجبر فريقاً قوياً يملك صفاً احتياطياً قوياً ليلعب مدافعاً، فيتحمل خطه الخلفي ضغوط المباراة وكل تفاصيلها؟!
إذا كانت عقلية البطل هكذا فلا عتب على بقية الفرق التي تجر رجليها جراً في الدوري الممتاز!
لكن الشيء اللافت فنياً أيضاً أن مدرب الوثبة سحب أفضل لاعبيه آخر المباراة وهو ما أثار استغراب المتابعين وجمهور فريقه فرفع هذا التصرف أكثر من إشارة استفهام عريضة، ثم يأتي قرار الإدارة بمعاقبة حارسها حسين رحال، ما أكد الشكوك التي أثارها البعض، وبحسب البيان الذي أصدرته إدارة النادي بأن حارسها لم يكن بوضعه الطبيعي في المباريات السابقة، فهل من المنطق والعقل أن يشركه المدرب في هذه المباراة؟
وإذا كان الحارس سبباً في خسارة المباريات السابقة فهل من الحكمة أن يبقى مدافعاً عن شباك الفريق؟
فريق الوثبة نزل من الصدارة التي استحقها إلى المركز السادس، هذا الهبوط ليس له أي مبرر إلا بضعف الإدارة وافتقار العمل في كرة القدم بالنادي إلى الفكر الصحيح الذي يسير بكرة القدم نحو الأعلى وليس العكس!
حكم مهزوز
أقل شيء يقال عن مباراة حطين مع الوحدة أن حكم المباراة كان مهزوزاً ولم يستطع أن يديرها بشجاعة وعدالة، ومقولة إيصال المباراة إلى شاطئ الأمان لا تكون بالتغاضي عن الأخطاء والمخالفات، ولا تكون بالقرارات الخاطئة أو القرارات التعويضية.
في منطق كرة القدم إن الجمهور يريد متابعة مباراة نظيفة وجميلة لا يشوبها شائبة، وفي المحصلة يفوز من يستحق الفوز ويخسر من يستحق الخسارة.
المباراة لم تكن عادلة وشابها الكثير من الاعتراض والاتهام للحكم من الجانبين، وكان الحكم في كل الحالات متفرجاً، ولم يرفع البطاقة الصفراء أو الحمراء انتصاراً لكرامته أولاً ولكرامة كرة القدم ثانياً، وأعتقد أن مثل هذا الحكم لا يلزمنا وهو يسيء إلى الأسرة التحكيمية بشكل خاص وإلى كرة القدم على وجه العموم.
المباراة كانت الأطول بتوقفاتها وبوقتها المضاف وقد وصلت إلى الدقيقة 120، ولعل الحكم أراد أن يطبق مقولة التعادل سيد الأحكام فانتظر الوحدة حتى يدرك التعادل من ركلة جزاء!
كرة القدم كانت مستباحة في هذه المباراة بشكل مزعج، واللاعبون يتمادون عندما يرون الحكم ضعيفاً ومهزوزاً ولا يتجرأ على اتخاذ أي قرار، لذلك نال الحكم نصيبه من الشتائم من عدد لا بأس به من اللاعبين والإداريين وأصر على الصمت في مواجهة كل هذا الشغب والشطط.
خارج السرب
كنا نعتقد أن مباراة جبلة مع الكرامة ستكون خارج السرب من ناحية الضغوط والتشنج والعصبية لكن بعض التفاصيل في المباراة خيّبت هذا التوقع ولوحظ هذا الأمر لكن الحكم فرض شخصيته بالبطاقات الملونة التي كانت مستحقة.
أما مباراة الطليعة مع الجيش التي انتهت سلبية فكانت فعلاً خارج السرب فخلت من البطاقات وارتضى كل فريق بنقطة، والتعادل الذي حازه الطليعة مفيد له على جبهة الهروب من الهبوط، بينما لم يستطع الجيش أن يستعيد قوته وصلابته فلم يفرض هيمنته على المباراة وغابت شخصية الزعيم عنه.
بطاقات كثيرة
الشغب والشطط والخروج عن آداب الملاعب كان عاماً وفي أغلب المباريات باستثناء مباراة الطليعة والجيش، وكانت البطاقات الحمراء موزعة بكثرة على اللاعبين والإداريين باستثناء مباراة حطين مع الوحدة التي آثر الحكم عدم رفعها كما ذكرنا.
في مباراة المجد مع أهلي حلب طرد مدافع المجد حسام كردي ومدير الفريق رجا رافع ولاعب أهلي حلب فواز بوادقجي، وفي مباراة الوثبة مع الفتوة طرد الحكم لاعب الفتوة حسين شعيب والمنسق الإعلامي للفتوة مالك حنيش ولاعب الوثبة سعيد برو.
وفي مباراة جبلة مع الكرامة طرد لاعب الكرامة تامر حج محمد ومدير كرة نادي جبلة عهد محفوض ناهيك عن الكثير من الإنذارات التي طالت اللاعبين والإداريين والمدربين.
أكثر صرامة
في الحقيقة ما نراه في العديد من المباريات من بعض التفاصيل غير المرضية يقودنا إلى أن هناك شيئاً في الخفاء، وأن هناك شبهات بعضها إخراجها سيئ وبعضها إخراجها متقن وهذا الأمر سببه نظام الدوري غير المتقن الذي تغيب عنه الحوافز، فتلعب الفرق دون أي حافز، بعضها يجامل البعض الآخر، وبعضها الآخر يسدد ديوناً قديمة وهكذا يسير الدوري حول ما يشاع عنه في الشارع الرياضي أو على صفحات التواصل الاجتماعي.
لذلك لابد من درء هذه الشبهات وإيجاد الحلول الرادعة ليكون الدوري قوياً ونظيفاً، نحن لا نتحدث عن أمور مقصودة أو عن تراخ مقصود من فريق أو لاعب، لكن ما نراه بأم الأعين يدعو للاستغراب والدهشة وهو يحتاج إلى دليل، ومن يتجرأ على تقديم الدليل؟
فكر أنديتنا بات ينحصر باستكمال الدوري بأقل الخسائر، والمقولة الدارجة: (تجنب الهبوط هو هدفنا) باتت تدل على هشاشة فكر الأندية وضعف تفكيرها، ويدل على أن التطور والتطوير خارج حسابات الأندية وقاموسها.
ما الذي يجعل النادي يلعب لآخر دقيقة بجد دون الدخول في حسابات المنافسة على القمة أو الهروب من الهبوط؟ إنه الحافز، عندما تفتقد فرقنا الحوافز فإنها لن تستكمل الدوري بالقوة والنشاط الذي عهدناهما عليهما، لذلك لابد من حلول مجدية، ويبدو أهمها احترام روزنامة الدوري وعدم جعلها عرضة للتوقف والتأخير لأن هذا الأمر يعود على الأندية بالسوء وعلى اللاعبين بالملل.
ومن الحلول المجدية منح الأندية حوافز مالية كل حسب المركز الذي يحتله في الدوري، فالمكافآت المالية المحرزة التي يقررها اتحاد كرة القدم ستكون حافزاً مهماً للأندية للبحث عن مركز أفضل، ومن الحلول أيضاً تطبيق نظام حمل النقاط للدرجة الأدنى الذي ابتدعه اتحاد صلاح رمضان الأسبق ولم يطبق وفحواه ضرورة حصول كل نادٍ على نسبة معينة من النقاط.