من افتتاح معرضها الفردي «أحلام اليقظة» … صفاء الست لـ«الوطن»: بدأت من الأحلام الطفولية البسيطة وصولاً إلى حلم السيطرة على العالم
| مايا سلامي
في مكان يحجز لنفسه منزلة خاصة بقلبها، جمعت الفنانة التشكيلية صفاء الست أحلامها وأمنياتها التي خبأتها في ثناياه في معرضها الفردي «أحلام اليقظة» الذي افتتحته مساء السبت في منطقة أبو رمانة بدمشق.
وبـ17 عملاً اختزلت أفكاراً ورؤى راودتها في مختلف مراحل حياتها، عبرت عنها بأسلوب مميز يعكس ذكاءها الفني وخيالها الحر والواسع الذي عززته منذ بداياتها باستخدامها الدائم لخامة الحديد بأشكال عصرية ومختلفة صنعت من خلالها بصمتها الخاصة حتى أضحت ظاهرة جديدة في النحت السوري.
خصوصية كبيرة
وفي تصريح خاص لـ«الوطن» بينت الفنانة التشكيلية صفاء الست أنها تحدثت في معرض «أحلام اليقظة» عن أحلام جميع الناس، مشيرة إلى أن حلم اليقظة بالأساس عبارة عن أمنية فيها القليل من الخيال تراود الإنسان وهو يقظ وغير نائم فيسعى طوال حياته لتحقيقها، لذلك تتداخل أحلام اليقظة مع كل لحظات حياتنا.
وأشارت إلى أنها بدأت من الأحلام الطفولية البسيطة مثل العمل الذي يمثل حلم طفل بدراجة حمراء وصولاً إلى حلم السيطرة على العالم. مبينة أنها دمجت ما بين أفكارها وأحلام أصدقائها والروايات التي قرأتها لأن الفنان يتأثر بالكثير من الأشياء من حوله.
وأوضحت أن «عمري الفني 20 عاماً ومنذ بداياتي أعمل بخامة الحديد، وفي هذا المعرض أدخلت له بعض الألوان ومواد أخرى كالأحجار الطبيعية النادرة بالإضافة إلى النحاس ومادة البلكسي الجديدة والمعاصرة».
وعن سر خصوصية المكان الذي اختارته لإقامة معرضها، قالت: «بالفعل هذا المكان له خصوصية كبيرة عندي لأنه منزل أحد أصدقائي وفي عام 2015 وضعت فيه أعمالي وكنت دائماً آتي للاطمئنان عليها، وعندما قررت القيام بهذا المعرض اخترت هذا المكان نظراً لخصوصيته ولأن أعمالي حجمها كبير قد لا تسعها صالات العرض الأخرى».
جديد ومختلف
وقالت منسقة المعرض نور سلمان: أنا أحب الفنانة صفاء شخصياً وأحب أعمالها منذ زمن طويل وكنت أرغب بأن يكون لي تعاون معها، فتواصلت معها منذ ستة أشهر تقريباً، وقررنا بدء العمل على هذا المعرض الذي أردنا أن يكون بمكان جديد ومختلف يلبي رغباتنا وتطلعاتنا، فالأعمال حجمها كبير وتحتاج إلى مساحات واسعة، وصممنا الإضاءة بشكل يجعل التركيز على كل قطعة على حدة، واستمرت التحضيرات لمدة شهرين».
وأوضحت أن كل عمل موجود في هذا المعرض يتحدث عن الحلم الخاص فيه، وأنا أحببت جداً اسم وفكرة المعرض وكل شخص يتعمق في هذا الموضوع سيرغب في مشاهدة الأعمال على أرض الواقع.
جريئة ومجتهدة
وأشار الفنان التشكيلي غازي عانا إلى أنه متابع لتجربة صفاء الست منذ بداياتها تقريباً، وهي فنانة جريئة ومجتهدة لدرجة أنها صنعت لنفسها اسماً في الحركة التشكيلية بوقت قياسي، مؤكداً أنها إنسان قوية تمتلك قوة في ثقافتها من خلال اطلاعها على العديد من التجارب العالمية التي استفادت منها وتمكنت من تحقيق خصوصيتها واستطاعت أن تصنع شيئاً جديداً ومختلفاً وفيه الكثير من الخيال.
وبين أن هذا المعرض فيه استفزاز كبير لخيال المشاهد حيث تعطيه عدة احتمالات لينظر إلى العمل من خلالها ويضع له عنواناً من تلقاء نفسه، وهذا الشيء يفتح في داخل المتلقي حواراً وهو أمر مهم جداً.
وأوضح أن الفنانة صفاء الست غيرت اليوم في طريقة تفكيرها وفي الموضوعات التي تعمل عليها وحققت شيئاً جديداً ومختلفاً كلياً، واختزلت الكثير بالشكل، مشيراً إلى جمالية الطريقة التي أنهت بها أعمالها لأنها جعلت المتلقي يشارك في إكمال العمل وهذا يعطيه هامشاً من الحرية لمشاهدة العمل من منظوره الخاص.
ثقافة تشكيلية
وأوضح الفنان عز الدين شموط أن أعمال الفنانة صفاء الست متنوعة فهي تمتلك مجموعة كبيرة من المواد والأدوات، بالإضافة إلى خيالها التشكيلي الواسع الذي يدل على ثقافة تشكيلية بصرية غنية جداً.
وأكد أن الميزة في هذا المعرض تكمن في عدم التكرار فكل عمل يحتاج إلى قراءة خاصة، مشيراً إلى أنها في كل مرة تغير المواد تطلب من المتلقي حلولاً تشكيلية جديدة، وأعمالها اليوم لا تشاهد بشمولية الصورة الأولى وإنما بتفاصيلها الدقيقة.
وبين أن الفنانة صفاء تمتلك الكثير من التفاصيل المتميزة التي تخدم البناء العام، وتعرف كيف تبحر بين التوجهات والمدارس التشكيلية المختلفة والمتنوعة لتخرج ببصمتها الخاصة.
حالة فنية
وقالت الفنانة التشكيلية د. بتول خوندة: «أحب أعمال الفنانة صفاء الست منذ بداياتها، والأعمال في هذا المعرض أخذت حقها بالعرض بصورة صحيحة وكان المتلقي قادراً على رؤيتها بتأنٍ وهدوء، ولعبة الضوء كانت إيجابية وأضافت الكثير للأعمال وأوضحت تفاصيلها».
وأضافت:» كما كان هناك حالة فنية بالتشكيل بالمعدن إذ دمجت بين الخشونة والحساسية، وهناك دائماً مفاجآت في أعمالها، إذ يجد المتلقي بين تفاصيلها الواضحة بعض القطع الصغيرة كعصفور أو وردة تلفت الأنظار إليها».
تضاد جميل
كما بينت الفنانة التشكيلية شانتال كبابة أنه يوجد في هذا المعرض حالة تآلف بين المكان وطريقة العرض والحالة العامة للمكان الذي يشبه صالات العرض في الخارج، لافتة إلى التباين بين خشونة الحائط والعمل المقدم بخامة الحديد بشكل نظيف، وإلى الحضور اللوني المميز ففي كل عمل كان اللون إما صريحاً وواضحاً أو رديفاً للمادة.
وقالت: «هناك طريقة عرض مميزة للقطع بوضعها على أشياء مختلفة تخلق تضاداً جميلاً معها مثل قطعة الخشب والبرميل، بالإضافة إلى كيفية تسليط الإضاءة والمساحات الحرة لمشاهدة العمل من كل جوانبه، كل ما سبق ساعد الفنانة صفاء على إيصال تجربتها إلى المتلقي بطريقة مميزة جداً وهذا المعرض سيخلد في الذاكرة».