من دفتر الوطن

قال المثل!

| عصام داري

كثيراً ما أستخدم الأمثال الشعبية والتراثية في أحاديثي اليومية، وحتى في كتاباتي، لكني نادراً ما ألتزم بهذه الأمثال أو أطبقها على أرض الواقع، لذا ينطبق عليّ واحد من تلك الأمثال القائل: الاسكافي حافي والحايك عريان!

ليس هذا وحسب، بل لا ينطبق عليّ المثل الذي يقول: لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد، فغالباً ما أؤجل عمل اليوم إلى الغد وبعد الغد، وربما لبعد شهر، حتى هذه الزاوية التي أكتبها الآن كانت فكرتها قد راودتني قبل أيام فكنت أؤجل الكتابة المرة تلو الأخرى حتى تبخرت الفكرة الأساسية وطارت الرسائل التي كنت أريد تحميلها محتوى إيجابياً مفيداً.

بكل بساطة جميعنا نهدر الوقت بالمجان ولا نقدر قيمته، لأن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، فعندما نؤجل عمل اليوم إلى الغد نكون قد حولنا هذا الوقت إلى فراغ لا نفع فيه وفي الوقت نفسه رحلّنا عمل اليوم إلى وقت في اليوم التالي كان مخصصاً لعمل آخر سيتم بالتالي تأجيله إلى وقت لاحق: اليوم أو غداً، وهكذا نكون أهدرنا الوقت مرتين أو أكثر، وفي الوقت نفسه أضعنا على أنفسنا الفرحة والسعادة التي تغمرنا عندما ننجز أي عمل.

أحزن عندما أهدر الوقت والفرص التي سنحت لي طوال حياتي، لذا تجدني أنصح الناس بما لم ألتزم به:فيا أيها الناس لا تهدروا أوقاتكم ولا تؤجلوا عمل اليوم إلى الغد، ولا تنفخوا في قربة مثقوبة!

وما علاقة القربة المثقوبة بموضوعنا؟

العلاقة هي أننا ننفخ بالقربة المثقوبة مراراً وتكراراً، أي نكرر ما قلناه المرة تلو الأخرى مع علمنا الأكيد أن كلامنا لا يصل إلى أسماع من يجب أن يسمع، في حين هو مصاب بالصمم بإرادته، والنصيحة هنا: لا تنتقدوا حكومة أو وزارة أو مؤسسة لأن «لا حياة لمن تنادي».

وللتذكير فإن الشاعر العربي عمرو بن معد يكرب بن ربيعة الزبيدي هو القائل: (لقد أسمعت لو ناديت حيـاً.. ولكن لا حياة لمـن تنادي) فذهب مثلاً إلى يومنا هذا ولسنوات كثيرة قادمة، فهل علينا الالتزام بالمثل القائل: إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب؟

إن السلامة مضمونة مع الصمت، ولا ننسى المثل القائل: لسانك حصانك إن صنته صانك وإن خنته خانك، فما علينا إلا إقفال أفواهنا إلا وقت الطعام، وبذلك نضمن السلامة والذهب معاً!

وإذا كان لا بد من الكلام علينا الالتزام بالمثل القائل: على قد فراشك مد رجليك: «ليس بمعنى أن تدبر أمورك براتبك المتواضع وحسب، بل بالمعنى الأوسع، أي في الكلام أيضاً، فإذا كنت ترى أنك قادر على انتقاد الإجراءات الحكومية من دون خسائر كبيرة فافعل ذلك، أما إذا كنت غير قادر فبإمكانك انتقاد وزير رفع سعر سلعة أو خدمة تقدم للمواطن.

وإذا لم تكن قادراً لا على هذه ولا على تلك، فما عليك إلا تطبيق المثل القائل: «يا جاري إنت بحالك وأنا بحالي، أو: ابعد عن الشر وغني له، أو من يتزوج أمي أناديه يا عمي».

ولدي قائمة طويلة من (الأمثال تحت الطلب) لمن يرغب، وأعدكم أننا جميعاً لن نستفيد لا بالأمثال ولا بالكلام لأن الطاسة ضايعة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن