استقر في دمشق بعد غياب اثنين وأربعين عاماً … أسامة الروماني.. المسرحي العتيق صاحب التجربة الغنية
| وائل العدس
نعت وزارة الثقافة ونقابة الفنانين ولجنة صناعة السينما والتلفزيون الفنان الكبير أسامة الروماني الذي فارق الحياة يوم أمس متأثراً بأزمة قلبية عن عمر ناهز الواحد والثمانين عاماً.
هو المسرحي العتيق وصاحب التجربة الغنية الذي وعينا على مسرحياته وحضوره الدرامي، ويمثل قامة كبيرة بتجربتها وحضورها بما تحمله من معانٍ آسرة في الحياة الفنية السورية.
لسنوات طويلة غابت صورته عن الأعمال التلفزيونية والمسرحية إلا أنها بقيت خالدة في ذاكرة السوريين ممن عايشوا زمن ازدهار المسرح في السبعينيات من القرن الماضي الذي استقطب جمهوراً كبيراً وارتقى بأسماء الكثير من الفنانين الذين سطع نجمهم ورسختهم أذهان الأجيال الوفية للفن الراقي والهادف، فكان من عرّابي مسرحيات الماغوط وواحداً من ألمع وأهم الفنانين آنذاك حيث قدّم العديد من الأدوار والأعمال التي لامست حياة الناس واهتماماتهم وكانت من صلب واقع كل مشاهد عربي، فبقيت تلك الشخصيات التي جسدها حيّة في قلوب الكثيرين، وإن كان قد ابتعد قليلاً إلا أن «أبو أحمد» رفض تلك الـ«غربة»، و«نايف» لم يبتعد عن محبوبته «زينة» في «ضيعة تشرين» وبقيا حاضرين طوال هذه العقود.
بداية رحلته
بدأ الراحل رحلته الفنية التي سار فيها إلى جانب شقيقه الأكبر هاني الروماني، وعندما انتسب إلى الجامعة في السنة الأولى كان ورفاقه رياض نحاس ويوسف حنا وسليم كلاس يعملون في مسرح الجامعة، وفي الوقت ذاته كان الدكتور توفيق الصبان عائداً للتو من فرنسا مشبعاً بحب المسرح والفنون بشكل عام فأسس ندوة الفكر والفن، فكانت هذه الندوة فرصة ليجتمع مع أخيه ورفاقه، ثم انضمت إليهم مجموعة جديدة كانت من ضمنهم الفنانة الكبيرة منى واصف.
بدأ مسيرته بمسرحية لشكسبير هي «الليلة الثانية عشرة» وتسمى أحياناً «كما تهواه» قدم فيها دوراً صغيراَ وفيما بعد أيضاً قدم لشكسبير «تاجر البندقية»، ولموليير وسوفوكليس وتوفيق الحكيم.
وبعد عام 1963 طلب وزير الإعلام من الدكتور رفيق الصبان أن يرفد التلفزيون السوري بفرقته فانتقل الراحل إلى ما يسمى فرقة «الفنون الدرامية» التي بقيت مستمرة حتى تم دمجها بالمسرح القومي».
في تلك الفترة قدّموا الكثير من البرامج التي كانت تتجه إلى النخبة وليس إلى عامة الجماهير فقدموا مسرح التلفزيون إضافة إلى برامج أخرى تتناول مادتها من المسرح العالمي مثل برنامج «قوس قزح».
بدأت رحلته مع التلفزيون عام 1963 وحتى مطلع الثمانينيات الماضية من خلال أعمال عديدة منها: ساعي البر، أسود أبيض، زقاق المايلة، الأميرة الخضراء، بصمات على جدار الزمن، وتوج تجربته المسرحية في «ضيعة تشرين» بدور «نايف»، ولاحقاً دوره الأشهر «أبو أحمد» في مسرحية «غربة» إلى جانب نخبة من عمالقة الفن السوري. كان له العديد من المشاركات السينمائية أبرزها «عجاج» و«يوم آخر للحب»، و«المغامرة».
كما أخرج للتلفزيون السوري بعض البرامج المنوعة أشهرها «نجوم وأضواء» في أواخر السبعينيات الماضية مع الإعلامية منى الكردي.
غياب طويل ولكن!
منذ تقديمه شخصية الرئيس السوري الأسبق أديب الشيشكلي في الجزء الثالث من «حمام القيشاني» عام 1998 وهو غائب عن الأضواء كلياً أي ما يقارب في 23 عاماً، ليعود مجدداً إلى الدراما السورية خلال الموسم قبل الماضي بعدة مسلسلات بدأها بعشارية «وثيقة شرف» أتبعها بمسلسلات مسلسلات «كسر عضم» و«حوازيق» و«على قيد الحب».
وفي الموسم المنصرم ظهر في مسلسلات «مربى العز» و«صبايا فليكس» و«الكرزون».
الراحل كان مسافراً لمدة اثنين وأربعين عاماً خارج سورية، لكنه كان يتردد كل فترة إلى دمشق، قبل أن يقرر الاستقرار النهائي في الشام مسقط رأسه مطلع العام الماضي.
وعلق حينها على عودته قائلاً: «شعور لا يوصف، أشعر كأني ولدت مجدداً، وقررت أنني سأعود للتمثيل عندما تحين الفرصة المناسبة لمعاييري الخاصة، وبالفعل عدت عندما جاءني العرض المناسب».
غيابه الطويل عن الدراما تمثل بانشغاله بعمله الإداري في مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك في الكويت كمشرف ومدير للمشاريع، لأكثر من 40 عاماً، ومن أهم إنجازاته مسلسل «افتح يا سمسم» إلى أن قرر مؤخراً التقاعد والعودة إلى بلاده.
هذا الانشغال بالعمل الإداري، لم يسمح لأحد أبرز أبطال مسرحيتي «غربة» و«ضيعة تشرين» بالتفرغ للمشاركة في أعمال تلفزيونية إلا نادراً، وذلك منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي إلى العام 1997 حينما شارك في الجزأين الثاني والثالث من مسلسل «حمام القيشاني».
وكان من المفترض أن يكون على قائمة أبطال أحد المسلسلات الشامية الشهيرة «الخوالي» سنة 2000، تحت إدارة المخرج بسام الملا، لولا أن مواعيد التصوير تغيرت، ما حال دون مشاركته بالعمل.
الروماني كان شاهداً على معاملة إنشاء نقابة الفنانين في سورية، حيث كان الفنان الراحل عمر حجّو يجمع تواقيعها، فأطلعه على حاشية لأحد الوزراء كتب فيها: «لا مانع من إنشاء نقابة الفنانين، إذا كنتم ترون أن هذه المهنة تستحق أن يكون لها نقابة مهنية».
رثاء إلكتروني
باسل الخطيب: «وداعاً أسامة الروماني، وداعاً أيها الرجل النبيل والفنان الأصيل والصديق الرائع، لن يكفينا ما تبقى من هذا العمر للحزن على فقدانك».
عارف الطويل: «علم من أعلام الفن السوري، المميز بطيب قلبه وخلقه الرفيع، نجمنا السوري أسامة الروماني، لروحه السلام».
سلاف فواخرجي: «كنا صغاراً وأحببناك وتعلقنا بك لدرجة لما كبرنا بقينا نسأل عنك وننتظر عودتك إلينا كل عام، سنوات طويلة غبتها كنت حاضراً فيها معنا باسمك الكبير وحضورك المميز وكاريزما قل مثيلها، وكم فرحنا أنك عدت، وعدت أستاذاً في التمثيل وكأنك ما انقطعت عنه يوماً، ولم يعرف اليباس طريقاً إلى قلبك وموهبتك الكبيرة، شكراً لأنك حققت الأمنية لك ولنا، كما شئتَ وشئنا، إنما شاء القدر ألا تكتمل تلك الأمنية، لكنه كان كريماً ومَنّ علينا لنراك مجدداً بيننا في السنة الأخيرة في الحياة وعلى الشاشة لنكبر بك دائماً حياً، فالمبدع الإنسان ومَن مثلك لا يموت».
أمل عرفة: «بعد غربة ثلاثين سنة رجع يواصل مشواره وغاب اليوم بعد أمل كبير من كل اللي عرفه إنو الكبار صاروا بيناتنا، فقدانك حزين جداً».
شكران مرتجى: «أسامة الروماني غير فخامة الاسم والأرشيف، كان مدهشاً وحليوة ومهضوماً، هيك كنت شوفه بالبدايات، بس عرفت أديش مثقف، مكتبة متنقلة بدون تبجح، المعلومة تتدفق متل الماء من النبع، ستبقى بالذاكرة، بعرف أديش كنت مبسوط بعودتك لدمشق بعد سنوات طويلة من الغربة، وعزائي لعائلته الكريمة ولمهنتنا التي خسرت أحد كبارها».
وائل رمضان: «لم تف بوعودك التي اتفقنا عليها في قادم الأيام يا أسامة، وكأن قلبك دليلك أن ليس هناك قادم، فرجعت إلى بلدك بعد غربة طويلة لتنطلق منها إلى الغربة الأكبر يا أبا لؤي المحترم، الفنان الأقرب إلى قلبي وأنت تعلم ذلك جيداً، نلتقي في الضفة الأخرى يا صديقي العزيز».
مصطفى الخاني: «الله يرحمك يارب ويرحم روحك الطيبة، كنا على الموعد للقاء قريب، ولكننا نهمل أحياناً أو تسرقنا الحياة ونحن نركض في متاهاتها ونتكاسل في لقاء من نحب وكأننا نضمن الإمكانية الأبدية لذلك، الى أن نقف بذهول أمام لحظة الموت».
جيني إسبر: «الأستاذ أسامة تعرفت عليه بتصوير مسلسل «صبايا» تجربة وحيدة بيناتنا بس عرفتني على شخص طيب ومبدع، الله يرحمه ويصبر عيلته».
ليليا الأطرش: «الأستاذ الفنان الخلوق الطيب أسامة الروماني في ذمة الله، كنت محظوظة إني اشتغلت معه وتعلمت منه، الله يرحمه ويجعل مثواه الجنة ويصبر أسرته وكل محبيه».