وكالات إغاثة حذرت من «كارثة إنسانية» وشيكة في السودان … في دارفور أُحرقت قرى بأكملها وأزمة بعد تدمير كل ما يمكن للمدنيين استخدامه
| وكالات
فر أكثر من 90 ألف شخص من العنف في دارفور عبر الحدود مع تشاد، وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيما أُحرقت قرى بأكملها في منطقة غرب دارفور بالسودان بعد غزو المليشيات لها، بدورها حذرت وكالات الإغاثة من أن المنطقة على شفا «كارثة إنسانية».
وأدى اتفاق وقف إطلاق النار بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، إلى تهدئة أعمال العنف حول العاصمة السودانية الخرطوم، إلا أن القتال استمر في دارفور، ومع دخول الصراع هناك أسبوعه السابع، يبدو أن المنطقة قد غرقت في حالة من الفوضى، وقام أولئك الذين لم يتمكنوا من الفرار من الحرب، بحفر الخنادق حول أحيائهم ووضعوا الحواجز، لإبعاد مقاتلي الميليشيات الذين دمروا كل شيء في طريقهم.
وحسب هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، تؤكد صور الأقمار الصناعية التي حصلت عليها أن قرية أبو آدم، القريبة من نيالا، قد تم تدميرها وحرقها بالكامل، ويمكن رؤية ذلك من الفضاء.
وتعاني نيالا نفسها انقطاعاً في التيار الكهربائي، كما أن التحدث مع الناس داخل المدينة أمر صعب، حيث تم قطع الاتصالات إلى حد كبير، لكن الصحفي المحلي عيسى دفع اللـه تمكن من إيصال رسالة إلى «بي بي سي» قال فيها: إن قوات «الدعم السريع» اقتحمت المدينة بعشرات الشاحنات الصغيرة المحملة بالبنادق وعدد كبير من الدراجات النارية، مضيفاً: يوم الجمعة الفائت «نهبت مكاتب المنظمات غير الحكومية والمتاجر».
وأضاف: إن المستشفى أُفرغ لأنه كان في منطقة القتال ونهبت أغلبية الصيدليات وتم إغلاق جميع المناطق السكنية في نيالا بحواجز، كما حفرت الخنادق كي لا تتمكن المليشيات من دخول الأحياء السكنية.
من جانبه، قال ناشط محلي في نيالا: إن أكثر من 600 ألف نازح داخلياً، يعتمدون بالكامل على المساعدات الإنسانية، لم يتلقوا أي مساعدات منذ 40 يوماً بسبب القتال المستمر، لافتاً إلى أن ما يجري في نيالا خسارة فادحة، لأنها تزود المنطقة وحتى بعض الدول المجاورة بالحاجيات.
وقالت جوستين موزيك بيكيمال، من المنظمة الفرنسية غير الحكومية «سوليداريتيه إينترناسيونال»: نحن نعلم أن ذلك يمثل درجة عالية جداً من المخاطر، لكننا بحاجة إلى إرسال السلع الإنسانية بأسرع ما يمكن، لأن ما سنجده، على ما أعتقد، سيكون جثثاً في كل مكان، ولا مياه، لا مراحيض ولا طعام.
وخصصت بيكمال بـ13 طناً من المساعدات، تأمل أن تشمل نقل خزان مياه إلى مدينة الجنينة، عاصمة إقليم غرب دارفور، مشيرة إلى أن صور الأقمار الصناعية أظهرت مستوى الدمار في المدينة، إذ يمكن رؤية المناطق المحترقة من الفضاء، وهي تغطي جميع الأماكن التي كانت فيها البنية التحتية المدنية قائمة.
وأضافت: ليست فقط أماكن عسكرية مستهدفة كما رأينا في الخرطوم في البداية، بل المرافق الصحية والمدارس والمساجد ومنشآت المنظمات غير الحكومية، كل ما يمكن للمدنيين استخدامه قد تم حرقه أو تدميره.
كما أصبحت بلدة زالنجي وسط دارفور الآن بؤرة جديدة للقتال، وقطعت في الأيام الأخيرة الاتصالات السلكية واللاسلكية عنها، تحت حصار الميليشيات المسلحة.
وتمكنت المنظمة الفرنسية غير حكومية من الحصول على رسالة نصية من أحد السكان وصف الوضع بأنه «كارثي» للنهب والتهجير على نطاق واسع، قائلاً: الأمر الأكثر خطورة الآن هو نفاد جميع الإمدادات الغذائية.
ويقول العديد من السكان: إن المقاتلين الذين ينهبون ويحرقون هذه المدن، هم على صلة بقوات «الدعم السريع» التي تعود جذورها إلى دارفور.
ويقول كونستانتينوس بسيكاكوس، منسق المشروع من منظمة «أطباء بلا حدود»، التي تعرض مستشفاها في الجنينة للهجوم والنهب: إن المشكلة هي أن الأمر لا يتعلق فقط بطرفي الصراع الأساسيين.
وينتظر بسيكاكوس بدوره على الحدود في تشاد لإيجاد فرصة للعودة، لكنه يدرك بشكل مؤلم كيف يمكن أن تكون هذه العودة مؤقتة، قائلاً: «المشكلة هي في بدء معارك بين مجموعات عرقية على الأرض، ولا يمكنك التحقق متى يبدأ القتال العسكري ومتى يبدأ القتال المجتمعي».
وأضاف: القتال المجتمعي لن يهتم بالممرات الإنسانية، لهذا السبب يقول الجميع إنه يجب أن يتوقف الآن، لأننا في ذروة الجرف قبل أن نبدأ بالتراجع من حيث القتال والصراع.