ثقافة وفن

المعهد العالي يجدد العهد مع طلابه ويستمر في تكريمهم … أمل عرفة لـ«الوطن»: سعادتي اليوم لا توصف بوجودي في هذا الصرح الأكاديمي الهام وانتابتني عدة مشاعر مختلطة بلقاء طلاب المعهد

| مصعب أيوب - ت:مصطفى سالم

كم هو جميل أن نشهد اللقاءات الفنية تتجدد وأن يكون الفرد وفياً للمكان الذي تعلم فيه وكان له ذكريات مع جدرانه وقاعاته وحتى ممراته.

كما عودنا المعهد العالي للفنون المسرحية على استضافة المبدعين والرواد في مجال الفن والدراما والذين من جملتهم غسان مسعود ومنى واصف والراحل أسامة الروماني وتيم حسن وباسم ياخور وكثيرين ممن أغنوا الحراك الفني والثقافي في سورية وكان لهم حضور جلي على الشاشة الصغيرة، فها هو اليوم يستضيف الفنانة أمل عرفة التي تخرجت في هذا المعهد منذ عقود لتحكي تجربتها مع التمثيل والمراحل الهامة التي مرت بها خلال مسيرتها الفنية وتغني معرفة طلاب المعهد وتجيب عن تساؤلاتهم وكان في استقبالها عميد المعهد د. تامر العربيد وحاورها الناقد والإعلامي سعد القاسم على مسرح سعد اللـه ونوس، وكان أن أمضى الطلاب ساعتين من المتعة والأجواء المميزة برفقة الفنانة التي عرفوها بسلسلة عيلة خمس نجوم ودنيا والخوالي وعشتار والكثير من الأعمال التي لا تزال راسخة في ذهن محبيها.

صباح الخير يا وطناً

بدأ اللقاء بجولة على أقسام وقاعات المعهد برفقة الكادر التدريسي والطلاب وتم حضور مشهد تمثيلي لطلاب قسم التمثيل بالإضافة إلى مقطوعة موسيقية لطلاب قسم السينوغرافيا وأيضاً عرض راقص لطلاب قسم الرقص، وثم بدأت عرفة الحديث عن رحلتها مع التمثيل مبينة أنه لم يكن في حساباتها أن تصبح ممثلة، وكانت تأمل أن تصبح طبيبة أو مخرجة تلفزيونية وقد وعدها والدها أن يرسلها إلى بريطانيا لتتعلم الإخراج بعد اجتياز التعليم الثانوي، وأضافت: إنه في عام 1986 سجلت أغنية « صباح الخير ياوطناً» ووجدت حينها أن اسمها أخذ ينتشر وتتكلم الناس عنها على الرغم من قلة وسائل الإعلام حينها، وبعد إنهاء مرحلة التعليم الثانوي اقترح عليها والدها الالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية لتجمع بين الغناء والتمثيل ولكنها رفضت الفكرة بادئ الأمر مبررةً ذلك بأنها تشعر بالخجل الشديد ولكن والدها ألح عليها للقبول بعرضه، حيث إنه مهد الطريق لها للدخول إلى المعهد، وأشارت في نهاية حديثها إلى أنها سعيدة جداً اليوم بذلك وأدركت أن والدها كان لديه رؤية بعيدة ومهمة وكان على صواب، وتابعت أن الراحل طلحت حمدي هو من ساندها في بداية الأمر وقام بتدريبها وأكدت أن أعضاء اللجنة الذين كانوا يحكمون في المتقدمين للمعهد كلهم من الأشخاص العظماء والأسماء الكبيرة في المجال، وشددت أنها لم تصبح ممثلة بمحض المصادفة، حيث إن التوليفة التي يتبعها الممثل أغنى بكثير من المغني، وناشدت عرفة القائمين على المعهد باستضافة الفنانة شكران مرتجى في ملتقى الإبداع في وقت لاحق لأنها بالفعل تستحق التكريم وصاحبة مشوار فني ونتاج فكري مهم ولا بد من الاحتفاء بها ولا بد من تكريمها والاستفادة من تجربتها الإبداعية.

مشاعر مختلطة

في تصريح خاص لـ«الوطن» أكدت الفنانة أمل عرفة أن سعادتها لا توصف بوجودها في المكان الذي بدأت فيه خطواتها الأولى في الفن وكان له خصوصية كبيرة بداخلها وشبهت عودتها هذه إلى المعهد كالمغترب الذي عاد إلى أهله بعد انقطاع عدة عقود ليحتضن أمه وأباه وإخوته ويحتفلون به، فهو شعور مميز جداً لأن هذا المكان أكاديمي جداً وله الفضل برفد الساحة الفنية والثقافية بعدد كبير من المواهب التي تتفرد في هذا المجال وتثبت نفسها وكفاءتها وهذا مهم جداً وشددت على أنها فخورة جداً بهذا التكريم لأن مشاعرها اختلطت فيه بين الإرباك والاعتزاز والامتنان للمعهد وكادره المتميز وعميده النشيط الحريص على استضافة المبدعين، موضحةً أن اللقاء اليوم جاء بعد عام من التواصل بينها وبينه لتنظيم هذا اللقاء المميز.

الفنان سفير لبلده

من جانبه عميد المعهد العالي للفنون المسرحية د. تامر العربيد أوضح في حديثه لـ«الوطن» أن أمثال هؤلاء الفنانين يعتبرون إرثاً مهماً في الفن لما صنعوه ويصنعونه وهذا يحملنا مسؤولية تجاههم وتجاه أبنائنا الطلبة لكون المعهد هو المؤسسة المسؤولة عن نجاحهم وتقديمهم للحياة الميدانية بأفضل صورة، وذكر أن أمل عرفة مجتهدة وقلقة دائماً تجاه عملها وتسعى دائماً لأن تكون هي ذاتها، ونحن سعيدون جداً بوجود فنانة ذات حضور مهم كالنجمة أمل عرفة لأهمية منجزها الإبداعي ومشوارها الفني الطويل، بالإضافة إلى أنها خريجة هذه المؤسسة الأكاديمية، فنحن فخورون جداً اليوم بوجودها بيننا وبأن لدينا سفراء ينقلون صورة سورية بمنجزهم الإبداعي، فأمل عرفة فخر لنا والطلاب متحمسون للقائها واكتساب التجارب منها، وهذا ما يجعل ملتقى الإبداع مستمراً وعلى سوية عالية ويستضيف أشخاصاً من المكان أن تكون قدوة لطلاب المعهد.

شهادات في عرفة

خلال اللقاء تم عرض عدة شهادات لفنانين تعاونوا سابقاً مع أمل عرفة أبدوا احترامهم الشديد وإعجابهم بها وبموهبتها وكان من جملتهم الفنان دريد لحام الذي بين أن عرفة فنانة استثنائية ابنة فنان استثنائي فهي ورشة فنية متكاملة تكتب وتمثل وتغني وترقص وتقدم البرامج أيضاً، حيث كان له الشرف عندما استضافته في برنامجها«في أمل»، فهي ذات حضور آسر وشغوفة في عملها ومخلصة له لأبعد الحدود، وأشار لحام إلى أنه معجب جداً بالفنانة عرفة لأنها جذوة استثنائية من بلده متمنياً المزيد من التألق والنجاح في مسيرتها الفنية المميزة.

كما عرضت شهادة للفنان محمد مفتاح من المغرب بين خلالها أنه من دواعي سروره مشاركته في الملتقى ليقول كلمة حق في شخص الفنانة أمل عرفة مبيناً أنه يعشق أداءها الراقي المتزن، مشيراً إلى أنه تعرف إليها في مسلسل صقر قريش عام 2002 عندما قيل له إن من ستؤدي دور زينب هي ممثلة فذة وخطيرة والواقف أمامها مفقود وتسرق الأضواء من زملائها، فتشوق جداً للقائها وفتح له باب الأمل لأنه سيكون عنصراً مهماً في عمل عظيم برفقة ممثلة خطيرة بالفعل تماماً كما قيل له.

وبين مفتاح أن عرفة متواضعة جداً وبسيطة وتغني في أي وقت وتفرض عليك الرقي إلى مستواها من دون أن تحرجك، وقال أيضاً: أنا ممن يحبذ هذا النوع من الممثلين وأغلب من شاركتهم من سورية مثل أمل، وختم في نهاية حديثه مهنئاً سورية والسوريين بوجود الفنانة أمل عرفة معهم وبينهم.

كما أبدت الفنانة شكران مرتجى إعجابها الشديد بعرفة موضحةً أنه منذ بداية معرفتنا بها كانت نجمة فنية وبارعة في مجالها وهي لا تزال طالبة في المعهد حيث كانت تتعامل مع مخرجين مهمين وأسماء فنية لها وزنها على الساحة الفنية، وركزت مرتجى على أن زميلتها عرفة بمنزلة نحلة وبطبيعة الحال لن يكون نتاجها إلا عسلاً، وشددت على أن عرفة تواظب على القراءة وعلى توسيع معرفتها، فهي فنانة متفوقة ومتميزة حيث كان يقال لطلاب دفعتها في مرحلة الدراسة «دفعة أمل عرفة» فكانت بالنسبة لنا قدوة ومحط أنظار والأضواء عليها دائماً، وركزت على أن عرفة رحلة طويلة من الاجتهاد والتعب والسهر والقراءة والمغامرة، ولا يمكننا إلا أن نقول: أمل عرفة تبحث عن الأفضل والأجمل والأهم وأنا من المعجبات بها وبمشوارها الفني.

نصائح للطلاب

تخلل اللقاء عدة أسئلة طرحها الطلاب على الضيفة وأجابتهم عنها، تمحورت جميعها حول تجربتها والمراحل التي مرت فيها خلال مسيرتها الفنية ومما أوضحته أن ثقة الخريج بنفسه تتكون بشكل تدريجي ولا بد من البحث بشكل معمق عن خفايا النفس للوصول إلى الرضا، وأشارت إلى أن علاقة الأساتذة بالطلاب اختلفت في هذه الأيام عما كانت عليه في أيامهم وتطورت بشكل إيجابي وأصبحت كعلاقة الأصدقاء ببعضهم بعضاً وهو ما يسهل على الطلاب الوصول لما يريدونه بشكل أسرع وأسهل، وعما إذا كانت ستشتغل في وقت لاحق لمشروع مسرح غنائي أو استعراضي قالت عرفة: هذا حلم عمري منذ بداية التخرج في المعهد العالي ولكنه أمر صعب جداً ولا بد لنا من أن نكون واقعيين ونفكر بشكل منطقي ومشروع كهذا بحاجة لإمكانات مادية عالية للوصول إلى الإبهار، والحلم مازال موجوداً ولكن بانتظار الوقت المناسب والتمويل اللازم.

وعن ثقافتها تقول عرفة: ثقافتي لا تقتصر على القراءة فقط والكتب التي أطالعها وعلى الرغم من تراجع نسبة القراءة بعد التخرج والانخراط ميدانياً في العمل ولكن لا بد من الوعي والتعلم من تجارب الغير والإنصات لكلامهم والاكتساب من معارفهم والنجومية بحاجة إلى عقلانية أيضاً ومهما يكن الشخص حقيقياً لا بد له من أن ينفض الغبار عن نفسه بين الحين والآخر ليراجع عيوبه ويصلحها ويهذب نفسه ويعلمها احترام الآخرين وتقبل نجاحاتهم. وشددت على أنها تعرف نفسها بأنها ممثلة ولكن لديها مواهب أخرى وما من مانع لعرضها، والكتابة جاءت من تراكم شخصي وكذلك من خلال الروايات التي كنت أقرؤها، مبينة أن الكتابة تحتاج لتطوير دائم فما يصلح لزمان التسعينيات بالطبع لن يصلح حالياً، وتابعت أنه إذا اضطرت للعمل تحت إشراف مخرج للمرة الأولى فإنها بالطبع ستطرح بعض الأسئلة عنه وعن أعماله السابقة لتطلع على أدائه ومن ثم تقرر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن