ثقافة وفن

الأزمة السورية في مرآة صفحات التواصل والمواقع والإعلام  … هيثم يحيى محمد: ضرروة الاستفادة من دروس الأزمة بعد إجراء دراسة دقيقة لنقاط الضعف والقوة

| طرطوس- محمد حسين

بدعوة من المركز الثقافي العربي بطرطوس ألقى الإعلامي هيثم يحيى محمد رئيس فرع اتحاد الصحفيين بطرطوس ظهر الأحد الواقع في السابع والعشرين من الجاري محاضرة تفاعلية تحت عنوان (الأزمة السورية في مرآة صفحات التواصل والمواقع الإلكترونية ووسائل الإعلام الأخرى)بحضور رسمي وشعبي وإعلامي وحزبي.

في البداية تحدث الزميل محمد عن الأزمة التي تمّر بها سورية بأبعادها المختلفة مبيناً أن ما يجري أبعد ما يكون عن (الثورة) التي يدّعيها أعداء سورية وأدواتهم القذرة القادمون من الكثير من دول العالم أو المتعاونين معهم من الداخل.. وأشار إلى أن المساحات التي خصصت للحديث عن سورية في صفحات التواصل والمواقع الإلكترونية ووسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية العربية والعالمية تفوق بأضعاف ما خصص من مساحات في تلك الوسائل عن أي أزمات أخرى في العالم.. وذلك لأسباب مختلفة أبرزها أهمية سورية سياسياً وجغرافيا ودوراً، وعدم التمكن منها ومن قيادتها رغم كل الضغوط والتدخلات والدعم المقدّم للإرهابيين بفضل صمود جيشها وشعبها وقائدها، والتدخلات الإقليمية والدولية غير المسبوقة، واستخدام الفيتو المزدوج في مجلس الأمن /4/ مرات لمصلحة الدولة السورية، ومجيء القوات الروسية لمساعدة الدولة في مكافحة الإرهاب بشكل لم يسبق له مثيل في مكان آخر من العالم.. وبعد أن أشار إلى الكثير من المصطلحات التي تداولتها وسائل الإعلام المختلفة حول ما يجري في سورية تحدث مع إعطاء الكثير من الأدلة حول استخدام واستثمار التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها (داعش) لصفحات التواصل ومواقع الإنترنت وتفننها في بث رسائلها وفيديوهاتها وأفكارها عبر يوتيوب وتويتر وإنستغرام وتمبلر وغيرها من أدوات الإعلام الاجتماعي، وبين أن تنظيم داعش على سبيل المثال لديه نحو مئة ألف حساب يستخدمها بكل حرفية ضد بلدنا ومؤسساته.. في حين لم يتم استثمار صفحات التواصل والمواقع من الدولة السورية ومؤيديها إلا في حدود ضيقة وبعيداً عن التنظيم لأسباب مختلفة بعضها يتعلق بالنظرة السلبية من نسبة غير قليلة من أصحاب القرار لتلك الوسائل ومستخدميها، مشيراً إلى المبادرات التي قام بها بعض الأفراد ضمن الجيش السوري الإلكتروني، وما قامت به بعض المجموعات الشبابية الناشطة عبر تلك الوسائل للقيام بحملات وطنية دعماً للدولة السورية في مواجهتها للإرهاب وداعميه.
بعد ذلك انتقل الزميل هيثم يحيى محمد للحديث عن الأزمة في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية حيث بيّن بالأدلة الدور المنحاز لمعظم تلك الوسائل لمصلحة من تصفهم بالثوار ضد الدولة السورية.. وقيامها بالتضليل والتزوير واختلاق الأحداث والإساءة للجيش العربي السوري من خلال اتهامه بأمور لا أساس لها بهدف تحريض الشعب عليه وعلى قيادته وإسقاط الدولة السورية، كما بيّن أن معظم وسائل الإعلام الغربية والإقليمية في الدول المعادية تعمل حسب أوامر السلطات في تلك الدول فيما يتعلق بما يجري في سورية.
وأعطى في هذا المجال الكثير من الأمثلة على لسان متخصصين وباحثين وسياسيين من أبناء تلك الدول.. وبالمقابل حاولت وسائل الإعلام الوطنية (الرسمية والخاصة) فضح هذا الإعلام المعادي والتصدي له، وقد تحسن عملها وأداؤها يوماً بعد يوم رغم الإمكانات المادية والتقنية الضعيفة مقارنة بما تمتلكه الوسائل المعادية، مبيناً أن وسائل إعلامنا مرّت بحالة من الصدمة والارتباك في بدايات الأزمة لأسباب عديدة بعضها موضوعي ومعظمها ذاتي ما انعكس سلباً على ثقة الناس بها وعلى متابعتها ومن ثمّ تحولهم إلى وسائل إعلام أخرى معظمها معاد للدولة السورية.
وتحدث الزميل محمد عن أهم ما ورد في قانون الإعلام الجديد الذي أصدره السيد الرئيس برقم 108 لعام 2011 من إيجابيات.. وكيف فتح الإعلام الوطني المجال للمعارضين الوطنيين لإبداء آرائهم وبشكل لم يسبق له مثيل، والنجاحات التي حققها تباعا في فضح التضليل ومواجهة الضخ غير المسبوق لبث الفتنة بين مكونات الشعب السوري، وفي كشف زيف وعدم مصداقية مؤسسات إعلامية ذات حضور كبير.. بالمقابل تحدث عن عدم تطبيق قانون الإعلام بالشكل السليم بحجة الأزمة، وعن توقيف الصحف المحلية ورقيا وتخفيض عدد صفحات الصحف المركزية بحجة الورق وقلة الاعتمادات.. وعن استمرار الهوة بعض الشيء بينه وبين المواطنين في داخل البلد وخارجه.
وختم محاضرته بتأكيد ضرورة الاستفادة من دروس الأزمة بعد إجراء دراسة دقيقة لنقاط الضعف والقوة في إعلامنا على أن تتم تلك الدراسة من متخصصين مستقلين وحريصين ومن خلفية وطنية ولا تأخذهم في قول الحقّ لومة لائم لأن التشخيص الصحيح يؤدي إلى وضع حلول صحيحة ومن ثمّ وضع مشروع وطني لتطوير واقع الإعلام السوري تشريعياً ومادياً وبشرياً وتكنولوجياً بالتعاون مع الوزارات ذات العلاقة ولاسيما التربية والتعليم والأوقاف المعنية بتنشئة الجيل وبحيث يكون إعلامنا منبراً يجمع جميع الأطياف السياسية ذات البعد الوطني ويكون المنصة الأساسية لنشر الوعي ومواجهة الفكر التكفيري الإرهابي ووضع أسس دقيقة لتولي المهام العليا والمفاصل الرئيسية في الإعلام وعدم ربط ذلك بالحكومة.. وتأهيل الكوادر تأهيلاً دقيقاً مهنياً ووطنياً وتوفير كل متطلبات العمل الصحفي الاستقصائي وتوسيع هامش (الحرية – المسؤولة )وترك القضاء هو الفيصل وليس جهات أخرى في ملاحقة أي مخطئ في الإعلام.. وتفعيل دور اتحاد الصحفيين أكثر فأكثر وتفعيل الإعلام الحزبي في ضوء قانون الأحزاب والدستور الحالي أو الجديد في حال تعديله وأيضاً تفعيل دور المنظمات والنقابات وجمعيات المجتمع الأهلي في موضوع التوعية والعودة إلى العقل في كل ما يتعلق بمواجهة ما تبثّه وسائل الإعلام المعادية والاهتمام أكثر بصفحات التواصل والمواقع الالكترونية واستثمارها لمصلحة قضيتنا ضمن المشروع الوطني الذي أشرنا إليه بداية.
بعد ذلك فتح المجال للمداخلات والتساؤلات حيث تركزت الطروحات حول مفرزات الأزمة وتداعياتها ودور وسائل الإعلام في تغطيتها والإضاءة على تداعياتها الإنسانية.. وإلى ما قامت به وزارة الأوقاف من مشاريع خلال الأزمة وخاصة إصدارها كتاب فقه الأزمة والندوات والحوارات الدينية مع جميع المذاهب والملل.. وضرورة الإضاءة على ما تقوم به الوزارة من نشاطات دعوية وتثقيفية في جميع المجالات فهي المؤسسة الوحيدة التي تقوم بمواجهة المدّ الإسلامي الأصولي التكفيري في المنطقة.. وضرورة تخصص الإعلاميين في المجالات التي يكتبون بها.. وحول تحول المنابر لمنصات لاستعراض العضلات في حين تمتلك الدول المعادية أدوات ومالاً وإعلاماً تعجز عنه دولة صغيرة الإمكانات.. والمطالبة بتغيير النفوس ليتغير البلد.. فالإعلام يعتبر من وسائل الحرب الناعمة وهي الأخطر من العسكرية وضرورة دعم المجموعات والشبكات الشبابية وتوجيههم واحتضانهم لخدمة معركتنا ووجودنا.. وضرورة تحديد المفاهيم فالمبالغات في التعبير عن موقفنا تضرّ أكثر مما تنفع فمن يمتلك القدرة على التحدث فهو مؤثر.
وكذلك عن دور الإعلام والجاليات في تغيير الموقف الشعبي في الكثير من البلدان وما يجري في بلدنا خاصة لجهة التوصيفات.. وتساءل الحضور كيف تجلت أزمتنا في الإعلام وما الذي فعلناه لتغيير تلك المفاهيم؟!! فما نزال أسرى ذات التعابير والتوصيفات من دون تغيير يذكر.. مؤكدين دور الإعلام المحلي في العمل على التمسك بأهداب الحياة في مواجهة ثقافة الموت.
وفي ختام اللقاء أجاب الزميل الإعلامي هيثم يحيى محمد رئيس فرع اتحاد الصحفيين بطرطوس عن بعض التساؤلات وشكر جميع من حضر هذا اللقاء التفاعلي وأهمية عقد مثل هذه اللقاءات التفاعلية بخصوص الإعلام وغيره.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن