ثقافة وفن

تقديراً لمسيرته الإبداعية.. النجم الكبير دريد لحام مكرماً … د.لبانة مشوح: الرئيس الأسد كان سبّاقاً إلى تكريمه.. والتكريم تعبير عن التقدير والعرفان بالفضل لكنه في جوهره تكريم لنهج حياة ومسيرة عطاء وإبداع

| مصعب أيوب - ت. طارق السعدوني

تقديراً لمسيرته الفنية والفكرية والثقافية الغنية، كرمت وزارة الثقافة والحزب السوري القومي الاجتماعي الفنان الكبير دريد لحام في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق.

وتخلل التكريم عرض فيلم وثائقي قصير، تضمن ومضات من مسيرة النجم الكبير الحافلة بأكثر من مئة عمل قدمها تمثيلاً وإخراجاً وتأليفاً، والتي كان فيها الوطن والإنسان همه الأول، من شخصية «غوار» في مسلسلات عدة ومروراً بمسرحية «كاسك يا وطن»، وليس انتهاءً بالأغاني الوطنية التي مازالت تردد على لسان الأجيال، إضافة إلى مقتطفات من بعض لقاءاته الإعلامية.

قامة فنية وطنية

وفي كلمة ألقتها أمام الحضور، أكدت وزيرة الثقافة د.لبانة مشوح أن السيد الرئيس بشار الأسد كان سبّاقاً إلى تكريم الفنان دريد لحام بمنحه وسام الاستحقاق من الدرجة الممتازة تقديراً لفنه الذي أغنى مسيرة الفن في الوطن العربي، واليوم يكرِّم الحزب القومي السوري بدوره الأستاذ دريد كلفتة كريمة من رفاق الدرب العقائدي، ولفتة مستحقة بجدارة، وهي حق لا مراء فيه لقامة فنية وطنية تحظى بالحب والتقدير على الصعيد الوطني وعلى مستوى العالم العربي برمته.

وقالت: يلتئم اليوم شملنا لغاية نبيلة بعيدة الأثر في النفوس، فالتكريم ليس غاية بحد ذاته، والمكرّم مهما كبُرت منزلته، وعلا شأنه، وعظُم إنجازه، لا يكرّم لشخصه فحسب، بل لما هو أبعد وأعمق أثراً، فأساس التكريم التعبير عن التقدير والعرفان بالفضل، لكنه في جوهره تكريم لنهج حياة ومسيرة عطاء وإبداع صار أنموذجاً يُقتدى به، وترك بصمة لا تمحوها الأيام ولا تذريها رياح النسيان.

وأشارت إلى أن للخلود في ثقافات الشعوب وعقائدها دلالات متنوعة تتلاقى حيناً وتتمايز أحياناً في جوهر المفهوم وفي الممارسات المرتبطة به، مبينة أنه في لغتنا العربية الجميلة الجامعة، «الخلود» و «الخَلَد» مشتقان من جذر واحد، إنه الإبداع الذي يلامس النفوس وينطبع في الأذهان فيرفع صاحبه إلى مرتبة الخلود. فهنيئاً للمكرّم… وهنيئاً للمكرِّم.

وشددت أن الاحتفال ليس بشخص الأستاذ دريد لحام، بل احتفاء بما يجسّده من وفاء لمبادئ آمن بها منذ أن تبصر حقيقة وجوده الحضاري وانتمائه، واحتفاء برجل منح الفن حياته، فرد له الجميل بأحسن منه إعجاباً وشهرة وتكريماً أينما حل؛ والأهم من هذا وذاك محبة لا تشوبها شائبة، ولا تنتظر منه مقابلاً، اللهم إلا مزيداً من العطاء والإبداع.

وأضافت: فنون السينما والمسرح والدراما مدينة للفنان الكبير دريد لحام، ولعمالقة آخرين جايلوه وزاملوه، قدموا جميعاً فناً سورياً راقياً ساهم في إبهاج النفوس، وتفتّح العقول، وتطوير أدوات التعبير.

ونوهت أن النضال لا يتجزأ، وهو مبدأ وجود ونهج حياة؛ وكما ناضل مكرّمنا على الصعيد الفني، ناضل عقائدياً ووطنياً، وبادل حبّ أبناء وطنه له وفاءً لهم ولوطنه، في أحلك ما مرّ به في تاريخه الحديث.

وأكدت أن لعظمة سورية ركائز، ولهويتها الجامعة مكونات هي قواسم مشتركة تجمع أبناء الوطن الواحد على حبه والفخر بالانتماء له، ولعل هذا الوفاء وهذا العشق لأدق تفاصيل الحياة فيها والفخر بتاريخها وعمقها الحضاري من أهم تلك المقومات، فسورية اليوم تطوي صفحة الماضي دون أن تهمل دروسه وعبره، تطوي صفحة الجحود والألم وتفتح ذراعيها لكل الأبناء والأشقاء الغيورين عليها كما غيرتُها عليهم… لنرنو جميعاً بعين التفاؤل إلى مستقبل نرومه مشرقا مزدهراً.

وختمت: مبارك للأستاذ دريد لحام هذا التكريم، وإلى مزيد من العطاء والإبهار.

الشعور الأمل

وفي الكلمة التي ألقاها الفنان المكرم دريد لحام شكر رفاقه في الحزب حيث لامس تكريمهم قلبه بعمق مبيناً أن هذا التكريم فخر له ولعائلته، وأشار إلى أنه انتسب للحزب في عام 1954 عندما كان في السنة الثالثة في كلية العلوم، ونوه إلى أن مقولة أنطون سعادة مؤسس الحزب أثرت فيه كثيراً حيث يقول فيها: كلنا مسلمون لرب العالمين منا من أسلم بالقرآن ومنا من أسلم بالإنجيل ومنا من أسلم بالحكمة، فكانت هذه المقولة كافية لانتمائه للحزب لأن فيها يجول سعادة في فيافي الإيمان المطلق ويحرر العقول من فخ الطوائف والمذاهب لتكون طائفتنا الوحيدة هي سورية، ونوه لحام إلى أن الحزب قدم الكثير من التضحيات وشارك الجيش السوري وكذلك شارك في حرب الجنوب في لبنان، مشيراً إلى أن الشهيدة سناء محيدلي كانت أبرز هؤلاء الجنود حيث إنها فجرت نفسها أمام حاجز لجيش الاحتلال الإسرائيلي في عملية فدائية كان لها وقع كبير في آذان اللبنانيين والسوريين. وفي تصريح خاص لـ«الوطن» شدد الفنان دريد لحام على ضرورة الحفاظ على الشعور بالأمل لنخلق لأنفسنا حلماً وندافع عنه ونسعى لتحقيقه، مبيناً أن التكريم يحمله مسؤولية كبيرة لأنه سيتوجب عليه تقديم شيء يليق بهذا التكريم وألا يتساهل مع الجمهور والمحبين.

مراتب الخلود

في كلمته رئيس المكتب السياسي للحزب القومي السوري الاجتماعي صفوان سلمان توجه بالشكر للدكتورة مشوح على رعايتها الثقافة واهتمامها الشديد في القطاع الفني والثقافي حيث إنها تؤدي الدور المنشود للوزارة في إدارة الحركة الثقافية وإبراز معالمها وأعلامها، وأشار إلى أن الاحتفاء بدريد لحام مكرماً من رفاقه ومحبيه يعني الاحتفاء بالفن المنارة الذي ينير فيكشف ويضيء وليس الفن المرآة التي تعكس فتحبط، وبين أن الحزب يركز على البعد الاجتماعي وأن عطاء المبدعين السوريين في جوهر العمق الاجتماعي ونحن معنيون بهذا الجانب تنفيذاً لتوجيهات رئيس الجبهة الوطنية التقدمية السيد الرئيس بشار الأسد.

وتابع قائلاً: الفن يرفع الفنانين إلى مراتب الخلود لأنهم بإبداعهم يدخلون في تراث الأمة وثقافتها ووعيها الجمعي ومواهبهم الخلاقة تصبح مكوناً رئيسياً من المكونات المتفاعلة المشكّلة لهوية الأمة والمجتمع فكرياً وثقافياً ولبصمتنا الروحية والحضارية على سجل الحياة والإنسانية وبذلك هم يرتقون إلى مراتب الخلود، والمبدعون السوريون ساهموا عبر التاريخ السوري المديد بتعاقب أطواره ومراحله في صناعة هذا التفاعل الفريد الذي أنتج في خلاصته هويتنا، وهم شاركوا في كتابة سورية الحضارية إلى العالم والكون وهذه الرسالة مكتنزة بتراث نفسي روحي غني ومبهر، وبين أن التراث السوري المادي بمعالمه وأوابده اتخذ أهميته بارتباطه بقيم نفسية وثقافية كبرى أنتجها مبدعون مهرة في شتى ميادين الفكر والأدب والفن.

وركز سلمان على أن لحام جمـــع بأعماله الأولى العائلة السورية حول شاشة الأبيض والأســــود ليلـــون لهم تفاصيل حياتهـــم اليومية ليكتشفوا في مفارقاتهــــم جماليات معاناتهم وأحاسيسهم وآمالهم فهي كوميديا خارج التصنيف المعتاد، لا سوداء ولا بيضاء بل هي كوميديا تعيد إنتاج حياتنا بألوان زاهية كالحلم ومع مسرح التقطنا أنفاسنا نشوة ونحن نرفع معه كأس الوطن ونبتعد عن غربتنا في غربة لنعود إلى ذواتنا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن