سهرات القنوات التلفزيونيّة السوريّة… كيف كانت وكيف تعاملت مع الحدث؟ … غياب السهرات.. وطابع الحزن طغى .. تقارير وتغطيات ميدانية!!
| عامر فؤاد عامر
قد يكون من العبث إجراء مقارنة بين سهرات رأس السنة التي قدّمتها التلفزيونات المحليّة لدينا في سورية، ولاسيما أنّ الوطن يمرّ بظرفه الأصعب الذي استمر قرابة خمس سنوات في هجوم شرس من قبل العالم أجمع، لكن للفرح السوري لغة خاصّة، فسورية هي البلد التي صدّرت الحضارة للإنسان فهي عالميّة باعتراف الجميع ومنها كانت أبجديّة الزراعة فتعلم الإنسان الأول كيف يزرع حبّة القمح وينتجها بالاتحاد مع الطبيعة في سهل حوران ومنها انطلقت أبجديّة الكتابة وتحويل النطق إلى حرف مكتوب من أوغاريت الساحل، وبنظرة سريعة لدينا هذه الاطلاعات السريعة التي تبين كيف تعامل الإعلام في سورية مع حدث نهاية العام 2015 وبداية العام 2016 من دون أن ننسى الجرح الكبير الذي نعيشه كهمّ يومي لا يفارقنا حتى في أثناء النوم.
وبمرور سريع جداً لم يكن هناك اهتمام واضح في السهرة الرئيسة بالنسبة لمحطاتنا فاقتصرت الجهود على القيام باستعراض بانورامات ومواجز لأهم النشاطات التي قامت بها المحطّة السوريّة خلال عام كامل وإجراء لقاءات مع شخصيّات سوريّة تشكل أنموذجاً للإنسان السوري المقاوم في قطاعات العمل المتنوعة وعلى وجّهٍ خاصّ الجيش العربي السوري، كما فعلت كلّ من الفضائّية السوريّة والإخباريّة والتربويّة. ونفرد المقال للقنوات الأخرى التي تفاعلت مع الحدث برؤية وخصوصيّة بين الحدث الزماني والمكاني وبين استقبال ووداع ولغة للأمل حاضرة «فنحن سوريون».
«سورية دراما»…
سهرة مشبّعة بالروح الوطنيّة
قدّمت قناة «سورية دراما» في آخر يوم من العام 2015 سهرة منوّعة فيها الكثير من الضيوف والفقرات والتقارير الصحفيّة التي بدأت في تمام الساعة العاشرة ليلاً، وقد جاءت على صورة حفل فني ساهر في قسمين ما قبل الساعة الثانية عشرة ليلاً وما بعده، والسهرة في صبغتها العامّة كانت تركّز أكثر على الجانب الوطني، من دون الوقوع في الإنشائيّة، فقد كان في القسم الأول من السهرة استضافة خاصّة لوالدتي شهداء سوريين، وحوار قريب معهم ومع الظرف الذي يمثّل سورية كلّها، فوالدة الشهيد هي الرمز الأوضح على مدى 5 سنوات سابقة.
ومن الضيوف الذين وجهوا السهرة لبعدها الثقافي الشعري كان الشاعر «سعدو الديب» الذي ألقى قصائد من وحي الوطن والشهادة فمنح الجلسة طابعاً حيوياً جديداً بعيداً عن الغوص في حالة الحزن، كما كان للكاميرا زيارة للجيش العربي السوري في موقعه في «كويريس» وفي مواقع أخرى، كتحيّة لهم وللجهود التي قدّموها، وللانتصار الذي لا يمكن لنا ذكره فحسب، في «كويرس» بل تأكيده كحدث ومؤشر للانتصار مع نهاية العام الفائت. كما زيّن السهرة في هذا القسم الأول حضور كبار الفنانين ومشاركتهم وهم: « دريد لحام، حسام تحسين بك، محمد الشمّاط، غادة بشّور، وفاء موصللي».
القسم الثاني من السهرة كان بتجدد الضيوف مع وجود شباب من الفنانين قبل الساعة الثانية عشرة فكان كلّ من: «كفاح الخوص»، و«عهد ديب»، و«رشا بلال». وهذا القسم كان قد اصطبغ بحالة الفرح أكثر من القسم الأول ولاسيما في استقبال الدقائق الأولى من العام الجديد 2016 ووداع الأخيرة من الفائت 2015، وفي السهرة كان هناك تقارير فنيّة عن أبرز الأحداث الفنيّة من أفراح وزواجات ومن طلاقات خلال عام كامل. أمّا الشقّ الغنائي والموسيقي فكان من جهود الفنان «عبد الهادي بقدورنس» ومجموعة كبيرة من العازفين معه بالإضافة للصوتين الجميلين «كنانة القصير»، و«عبد اللـه سرميني» اللذين قدّما أغاني جميلة للوطن ولمحبّة سورية ومن التراث السوري الأصيل، وفي السهرة أيضاً كان هناك حضور لفقرات كثيرة منها متابعة من «ريم وتّار» في علم الرقم والحسابات وحديث التفاؤل وبعض التوقعات عن فناني الدراما السوريّة، وقد قدّم الحفل مجموعة من مذيعات «سورية دراما» بمشاركة الفنان الشاب «يوسف عساف» الذي طغى بحضوره عليهنّ.
الإخباريّة السورية… على طابعها
لم تهتمّ قناة الإخباريّة السوريّة لنمط سهرة تلفزيونيّة كما هو معتاد في بروتوكولات وداع عام واستقبال آخر، فكانت السهرة عبارة عن بانورامات حول مواضيع سياسيّة واقتصاديّة وغيرها، عن أبرز الأحداث التي جرت في عام 2015 في سورية والعالم كلّه. كما كان للبرنامج الصباحي «صباحنا غير» جرد لأحداث وفعاليّات الثقافة خلال عام كامل، وفي العاشرة ليلاً كان لبرنامج «دومينو السياسة» بانوراماته لأهمّ الضيوف الذين استضافهم خلالها. فلم يكن للإخباريّة اهتمام واضح في وداع عام واستقبال آخر، ولربّما لخصوصيّة القناة في طابعها الإخباري!
قناة تلاقي… سورية بخير
تحت عنوان «سورية بخير» جاءت سهرة قناة تلاقي والتي كانت مجموعة من الجلسات تمثّل كلّ المحافظات السوريّة، وبدأت من الساعة التاسعة مساءً وامتدت حتى ساعات الفجر الأولى، وهي عبارة عن سهرات مسجّلة مع ضيوف من أبناء الوطن، جاؤوا بين مثقفين وفنانين وشعراء أجريت معهم حوارات لطيفة وفواصل غنائيّة مع مجموعة من مطربي المناطق ذاتها ممثلة غنى سورية بتراثها واتفاقها على هذا التنوع، وبأنّ الحياة في سورية باقية ومستمرة ولا يمكن أن يكون هناك معطّل لثباتنا وقوتنا مهما كانت الضغوطات الخارجيّة كبيرة، بل يبقى لإرادتنا الداخليّة المتجسدة بتنوع وغنى الشعب السوري قرارها بالبقاء واستمرار الحياة في العام الجديد 2016.
كانت هذه السهرات المسجّلة من محافظات القطر حاملة لجهود كبيرة بين الإعداد والتقديم فمن طرطوس جاءت السهرة بإعداد وتقديم «رشا علي»، ومن «حمص» إعداد وتقديم «سومر إبراهيم»، ومن السويداء إعداد «رائد الأطرش» وتقديم «عامر أبو حامد»، ومن حماة إعداد «سهر عون»، وتقديم «ميس مخلوف»، ومن اللاذقيّة إعداد وتقديم «ميساء هرمز»، ومن «حلب» إعداد «مخلص القادري»، وتقديم «عبد القادر بدورة»، ومن المنطقة الشرقيّة «الحسكة والرقة ودير الزور» إعداد وتقديم «أحمد الدّن»، ومن القنيطرة ودرعا إعداد سوسن خليفة، و«علا نحلة»، وتقديم «ريم جمعة». ما ميّز هذه السهرة هو رمزها في اجتماع كلّ التنوّع السوري والغنى الحضاري فيها فكانت الأغاني في جزء كبير منها تراثية وكان هناك حضور للزجل وللشعر المحكي والنثري، فلم تكن الأجواء احتفاليّة بقدر ما هي حوارات متنوعة وغنيّة وخفيفة بما يتناسب مع نهاية يوم من السنة الفائتة 2015 واستقبال بداية 2016 بمحبّة وأمل، وتعبير عن رغبتنا في البقاء يداً واحدة، متحدّين الظروف وعبئها.
قناة سما.. سهرة مناسبة
سهرة رأس السنة لقناة «سما» الفضائيّة كانت الأكثر مناسبة للأجواء الاحتفاليّة الخاصّة بوداع عام واستقبال آخر من خلال سهرة لطيفة مع الضيوف الفنانين «علا باشا»، و«يامن الحجلي»، و«حسام جنيد» في مدّة كانت ساعة و45 دقيقة من تقديم كلّ من المذيعتين «سالي عزّام»، و«إيفلين حدّاد» وقد رافق الفنان «حسام جنيد» فرقته الموسيقيّة فقدّم معهم مجموعة من الأغاني المفرحة وبما يتناسب مع أجواء سهرة رأس سنة، في حين دار الحديث بين المذيعتين والضيوف حول الأعمال الدراميّة التي شاركوا فيها خلال العام الماضي، والأعمال التي يحضّرون لها في العام الجديد والموسم القادم إضافة لحديث «جنيد» عن أعماله الفنيّة، وتمّ طرح أسئلة أخرى تتناسب مع أجواء السهرة، وما يلفت الانتباه هو مدّة السهرة التي جاءت بين قصيرة وطويلة فهي مناسبة جداً للأجواء التي نعيشها فلا تطرف فيها في الحزن ولا تطرف للفرح.