بعد أن ترأس اجتماع اللجنة الماليَّة النيابية بحضور رئيسها وأعضائها في الـ24 من أيار 2023، مثمناً في بيان صحفي عن مكتبه «الجهود التي تبذلها اللجنة المالية»، أعلن رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي في تصريح رسمي، أن يوم الـ28 من أيار 2023 سيشهد التصويت على قانون الموازنة المالية العامة.
الحزب الديمقراطي الكردستاني، بقياداته المهيمنة على إدارة إقليم كردستان، استبق عقد الجلسة المقررة للتصويت على مشروع الموازنة الاتحادية، رافضاً التعديلات التي أجرتها اللجنة المالية النيابية على المواد والبنود المتعلقة بالمستحقات المالية للإقليم للسنوات الثلاث المقبلة.
حكومة إقليم كردستان، وفي بيان لها، اعتبرت التعديلات «غير دستورية، وتتعارض مع اتفاق حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية»، مؤكدة أنها «لن تلتزم بها»، مشددة على «رفضها».
رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور مسعود البارزاني، وخلال جلسة مع عدد من مزارعي محافظة أربيل في الـ27 من أيار 2023، عد التغييرات «خيانة وظلماً ومؤامرة حيكت ضد إقليم كردستان، لكننا سنواجه هذا التآمر بكل السبل، ولن ندعه يمضي»!، معرباً عن أسفه «لوجود أيادٍ داخلية مشاركة في هذه المؤامرة»!
كذلك قال رئيس الإقليم نيجيرفان مسرور البارزاني في بيان له: «ننظر بقلق عميق إلى التغييرات التي مست فقرات مشروع قانون الموازنة العامة العراقية المرتبطة بالحقوق الدستورية لإقليم كردستان ونرفضها تماماً».
نائب رئيس مجلس النواب العراقي القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني شاخوان عبد الله، أعلن أنه «لن يتم السماح بعقد جلسة مجلس النواب للتصويت على الموازنة».
وعلى هذه الشاكلة، هاجمت كل القيادات البارزانية، التعديلات التي أجريت على الموازنة المالية الاتحادية، التي لم تخل بيانات بعضهم من اتهام من وراء ذلك بأنهم «عُصبة ميليشياوية»، لـ«إثارة الفتن بين الطوائف والمكونات الوطنية» و«ممارسة دورها التخريبي الممنهج»!
اللجنة المالية لم تمس حصة الإقليم المالية الواردة في مشروع الموازنة البالغة 12.67 بالمئة، وكل ما قامت به، هو تعديل وتثبيت الآليات الفنية الواردة في المادتين 13 و14 من الموازنة، كـ«تسليم الإقليم للنفط الخام المنتج في حقولها بمعدل لا يقل عن 400 ألف برميل يومياً إلى وزارة النفط لتصديرها عبر «سومو» أو استخدامها محلياً في المصافي العراقية»، وإلزام الإقليم «بإيداع إيرادات النفط في حساب مصرفي يفتح في البنك المركزي العراقي باسم وزارة المالية»، و«تسليم الإيرادات غير النفطية إلى خزينة الدولة، وحسب قانون الإدارة المالية الاتحادي»، إضافة إلى إلزام وزارة المالية بتسديد مستحقات الإقليم المالية شهرياً وإجراء التسويات الحسابية على أساس ربع سنوي، بمعنى أن الاقليم كان يستلم كامل مستحقاته في الموازنة قبل أن يسلم النفط، إلا أن التعديل الجديد ألزم الإقليم بتسديد إيراداته النفطية وغير النفطية قبل أن يستلم حصته من الموازنة، ملزمة سلطات الإقليم بإعادة مبلغ الـ10 بالمئة المستقطع شهرياً من موظفيه تحت عنوان «قانون الادخار الإجباري» المطبق على موظفي الإقليم باستثناء الأسايش والبيشمركة منذ عام 2014، تحت مسمى «التقشف المالي»!
اللجنة المالية النيابية تعاملت مع الإقليم مثلما تعاملت مع باقي المحافظات العراقية في إدراج الواردات النفطية وغير النفطية في الموازنة الاتحادية، وسبل توزيعها، بتوافق جميع أعضائها بمن فيهم ممثلي الاتحاد الوطني الكردستاني والاتحاد الإسلامي الكردستاني، ولم يعترض على مشروع الموازنة إلا عضوا الحزب الديمقراطي الكردستاني، اللذان انسحبا من جلسة التصويت.
رئيس كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني النيابية هريم كمال آغا، أعلن في بيان له، أن الاتحاد «أوفى بوعودهِ واستطاع أن يضمن مسألة رواتب الموظفين ومتقاعدي الإقليم وحقوق ومستحقات محافظاته في الميزانية التشغيلية والاستثمارية وتنمية الأقاليم، إضافة إلى تخصيص ميزانية خاصة بحلبجة وإعادة الرواتب المدخرة وبنسبة 10 بالمئة شهرياً».
بالمقابل، قال النائب عن كتلة «الجيل الجديد» الكردية المعارضة موفق حسين خلال حديثه لبرنامج «بالمختزل» الذي بثته فضائية «السومرية» في الـ30 من أيار 2023: نحن «لا نعرف أين تذهب موازنة إقليم كردستان».
حكومات إقليم كردستان لم تلتزم منذ عام 2005 بتنفيذ ما كان يجري الاتفاق عليه مراراً مع الحكومات المركزية السابقة، ولم تحترم بنود أي موازنة، لكونها ترفض من حيث المبدأ، أن يشاركها أحد في إيرادات الإقليم النفطية وغير النفطية! مصرة على اقتطاع نسبة دائمة من قوت باقي عراقيي المحافظات العراقية!
الحزب الديمقراطي الكردستاني مثل كل مرة، يعمل على إدخال مشروع الموازنة المالية في سجالات سياسية لإفراغه من محتواه، متهرباً من أي رقابة مالية، متحدياً ممثلي الشعب العراقي في ضمان وصول المال العراقي لمستحقيه.
الشعب العراقي بممثليه في المجلس النيابي، لم يعد يتحمل أو يقبل أن تستمر سياسات الحزب الديمقراطي الكردستاني في التعدي على مقدراته الاقتصادية، فالنفط المسروق، نفطه، والمال المنهوب، ماله.