من الطبيعي أن يهتم الكيان الصهيوني بزيادة قوته البشرية العسكرية بمختلف اختصاصاتها في كل وقت، لأن المعادين له يحيطون به بمختلف وسائل المقاومة التي لم تتوقف خلال عقود كثيرة منذ اغتصابه لفلسطين واحتلاله لأراض من الدول العربية المجاورة.
ولا أحد يشك بأن الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة لا تتوقف عن تقديم كل أشكال الدعم والخبرات ووسائل القوة المتنوعة له وفي جميع المجالات بهدف تحقيق الأهداف المشتركة التي وضعت له منذ تأسيسه، ومن بين هذه المجالات يحتل التعاون والتنسيق الاستخباراتي والأمني السري، وتنفيذ العمليات السرية المشتركة أهمية كبيرة، لأنه يتيح لأجهزة «الموساد» وبقية أجهزته الاستخباراتية الاستعانة بوفرة من المعلومات المطلوبة وأدوات العمل التي يجندها في تنفيذ عملياته الإرهابية والتجسسية ضد كل أشكال المقاومة ومن يمثلها.
لذلك، تشير مصادره ومصادر الجهات الأخرى الغربية إلى وجود دور لدول غربية في هذا التعاون الاستخباراتي في معظم عملياته السرية، فحين استهدف بعملياته السرية عماد مغنية عام 2008 وكذلك بعض العلماء الإيرانيين وبعض قادة المقاومة الفلسطينية اللبنانية، ظهر جلياً في كل هذه العمليات الدور السري الأميركي بشكل خاص أو الغربي بشكل عام، وهذا ما ظهر علناً في عملية اغتيال الجنرال قاسم سليماني عام 2020 التي جرت بمشاركة أميركية مباشرة وتنسيق وجمع معلومات من الموساد، فعناصر وضباط الموساد يزدادون عدداً وتتسع بطبيعة الحال دائرة أنشطتهم السرية في مناطق وفي دول حليفة لهذا الكيان، وهذا ما ظهر حين أدى غرق قارب إيطالي في 29 أيار الماضي، كان يبحر فيه 21 من ضباط الموساد ومن بينهم نظراؤهم من ضباط الاستخبارات والتجسس الإيطاليين في بحيرة إيطالية، إلى افتضاح شخصياتهم الحقيقية في أثناء محاولة القوارب الأخرى إنقاذهم والاعتقاد بأنهم سياح بحريون، وكانت صحيفة «جروزليم بوست» الإسرائيلية قد ذكرت في 2- حزيران الجاري أن «ضابط موساد إسرائيلي مات غرقاً في إيطاليا في أثناء مهمة سرية هدفها ضرب مصلحة إيرانية»، ونشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أن هذا الضابط كان متقاعداً لكن الموساد أعاد توظيفه في هذه المهمة لينضم إلى 12 ضابط موساد آخر لتنفيذ عملية سرية مشتركة مع تسعة ضباط استخبارات سرية من الإيطاليين، وكان الجميع على متن قارب سياحي ويظهرون كسياح، فغرق القارب لأنه لا يتسع إلا لخمسة عشر وربما كانوا يخفون فيه معدات غطس ثقيلة، لأن عمليتهم ستكون في أغلب الأحيان بحاجة لهذه المعدات في عملية معدة ضد هدف إيراني بموجب ما ذكرته صحيفة «لا ريبوبليكا» الإيطالية.
وذكرت صحيفة «جروزليم بوست» أن ضابط الموساد الذي مات دفن في مدينة أشكيلون وشارك في جنازته عدد من ضباط الموساد الذين وضعوا كمامات طبية على وجوههم تجنبا للكشف عن هوياتهم.
وإذا كانت إيطاليا تشارك في هذه العملية مع الموساد فإنه من المألوف أن يكون الموساد قد اعتاد على الاستعانة بدول أوروبية كثيرة في مثل هذه العمليات سواء من أجل جمع المعلومات أو من أجل تنفيذ عمليات مشتركة، ولا يستثني أي دولة غربية من طلب المساعدة وجمع المعلومات عنها، وبهذا الشكل يصبح الكيان قادراً على استخدام عدد كبير من الدول وأجهزة استخباراتها في كل أنشطته التجسسية ضد كل دولة تناهض سياسته وتقاوم احتلاله وخاصة من دول وأطراف محور المقاومة وبقية الدول العربية والإسلامية.