ما من موضوع استحوذ عـلى اهتمام المواطن والدولة مؤخراً مثل «إعادة بناء الوطــن»؛ وسأكتب بصراحة دون تنميق للكلمات أو اختصار المعـاني!.
الحديث يدور بعـد مؤتمر القمة الذي عـادت فيه الجامعـة العـربية لسورية؛ حول معـاودة عـمل بعـض الاستثمارات الخليجية -التي كانت قبل الحرب-؛ واسمحوا لي أن أتوقف عـند الكلمة الفضفاضة «خليجية»؛ فعـلى الرغـم من الحفاوة باستقبال رئيسنا في القمة العـربية في «جدة» فهذا لايعـني طي صفحة الماضي عـند الكل، دعـونا نقل إن العـلاقات السورية – الخليجية المعـوّل عـليها هي مع: (السعـودية+ الإمارات+ سلطنة عـُمان).
فقد كان هناك شركات قطرية للإنشاءات عـلى شاكلة (دانة- البتيل- الرواد) تتهيأ لمشروعـات في دمشق؛ والساحل السوري ولا ينتظر أن تعـود في الأمد القصير.
وهنا أسرد السيناريو المرتقب: لا يتوقع أي مراقب عـقلاني في الشأن الاقتصادي؛ أن تعـود عـقارب الساعـة للوراء؛ ولكن التقارب السياسي البطيء (بدءاً بالعـلاقات الدبلوماسية) من إعادة السفارات سيتم؛ يليه انفتاح اقتصادي بطيء ولكن بشروط (من كلا الطرفين).
وهنا سأسمي الأشياء بمسمياتها؛ هل ما زلنا البلد الجذاب للاستثمار؛ وهل مناخنا جاذب لها أم عـلى العـكس: طارد للاستثمارات؟ (فساد- بيروقراطية- تهتك بنى تحتية، ، و. و).
وبالتالي فالسؤال: ما المطلوب لتشجيع تلك الاستثمارات؟
أجيب: صدرت نسخة حديثة من قانون الاستثمار؛ بالمجمل كل القوانين (عـلى الورق) جذابة؛ ولكن.. العـبرة في التطبيق!
يفترض تسهيل الأمور؛ وسفلتة الطرقات والتأهيل والتسهيل؛ بالمستثمر (سوري عـائد- عـربي- خليجي- أجنبي.. الخ)؛ فحسب دراسة الإيسكوا 2015: إعادة الإعـمار تحتاج إلى (رساميل- معـدات- إسمنت- حديد تسليح- عـمال- مهارات.. الخ) ليست متوافرة لدينا؛ لذا يجب الاستعـانة بالخارج متسلحين بأننا نعـرض مشاريع مربحة في وقت الضيق (الكساد العـالمي: الذي يغـمر المعـمورة)؛ لذا يجب الضرب بيد فولاذية عـلى كل موظف بيروقراطي بسبب (تلكؤه/فساده) يمكن أن يعـوق مسيرة إعادة والإعمار.
إليكم هذه القصة الحقيقية الطريفة (والمحزنة بآن معـاً) – عـلى لسان مسؤول في غـرفة التجارة-:
قبل الأزمة؛ تبارت الشركات التركية لاقتحام السوق السورية؛ وكان هنالك معـرض في حلب للصناعـات النسيجية والملابس؛ اشترك فيه زهاء 41 شركة تركية؛ اقترب ممثل أولى الشركات التركية من مكان معني بالمراقبة ومعـه 15 نموذجاً لسراويل جينز للعـرض؛ هنا قام أحد موظفي هذا المكان بقص كل بنطال (بحجة أنه يمنع عـملية بيع تلك السراويل)؛ مشى مندوب الشركة القهقرى وأمسك هاتفه المحمول؛ وقام بمكالمة سريعـة أعلن بعـدها انسحاب الشركات الـ40 الباقية من الاشتراك بالمعـرض!
هذا مثال حي كيف يقوم موظف صغـير؛ بضيق عـقله وسوء سلوكه: بتخريب مبادرات حكومية ضخمة!
أجد هنا من الواجب الأخذ بعـين الاعـتبار نقطتين:
(1) لا نتكلم فقط عـن إعادة إعـمار ما خرّبته الأزمة؛ بل ما هدمه زلزال شباط الماضي!
(2) هنالك جار منافس لنا في إعادة الاعـمار؛ ويجذب المساعـدات والرساميل الممكنة/ هو تركيا.
هنا أقترح: وحدة تدخل عـليا؛ ذات صلاحيات استثنائية (من ذوي الخبرة/ ونظيفي اليد) متوافرة عـلى مدار الـ24 ساعـة لحل أي مشكلة متعـلقة بـ( جمارك- تراخيص- قروض- موافقات- تسهيلات) لعـملية الإعـمار؛ مما يوفر عـليها البطء البيروقراطي والفساد الوظيفي.
في الختام؛ ألا نبني آمالاً كباراً عـلى الخليج؛ فلطالما كانت الجارة لبنان (التي حالها ليس بأفضل منا) تعـتمد عـلى التهافت الخليجي وفوجئت أخيراً؛ بأنها بتركيبتها الحالية؛ قد فقدت الكثير من ألقها السابق في عـيونهم.
توصيتي: ماحك جلدك مثل ظفرك؛ والبركة في الرساميل السورية العـائدة.